بنك إسرائيل في تقريره السنوي: الشباب العرب هم من سينقذون الاقتصاد الإسرائيلي

أشار بنك إسرائيل بوضوح إلى أن انتشال الاقتصاد من أزمته يكمن في الاستثمار الجاد والطويل الأمد في دمج العرب بسوق العمل، وخصوصًا في قطاعات المهمة للنمو الاقتصادي مثل التكنولوجيا والصناعات المتقدمة، حيث يمكن أن يكونوا رافعة حقيقية للاقتصاد. كذلك، أكد التقرير أن منع دخول العمال الفلسطينيين أدى لضرر فوري في الناتج الاقتصادي، تجاوز حتى الضرر الناتج عن استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
بنك إسرائيل - تصوير: أوري فركش - ويكيميديا
بنك إسرائيل - تصوير: أوري فركش - ويكيميديا
بنك إسرائيل – تصوير: أوري فركش – ويكيميديا

حذّر بنك إسرائيل في تقريره السنوي لعام 2024، الصادر اليوم الأربعاء، من أزمة اقتصادية طويلة الأمد ما لم تُغيّر الحكومة سياساتها وتعيد ترتيب أولوياتها بشكل عاجل، مؤكدًا أن تكلفة الحرب المستمرة والشلل السياسي سيُلقيان بثقلهما على الاقتصاد لسنوات قادمة، مشيرًا إلى أن حجم الضرر الذي أصاب الاقتصاد الإسرائيلي خلال عام 2024 غير مسبوق، حيث قُدرت كلفة الحرب وحدها بنحو 50 مليار شيكل، بينما لم تتجاوز التعديلات الهيكلية في ميزانية 2025 مبلغ 30 مليار شيكل، ما سيُبقي العجز البنيوي عند 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد التقرير أن منع دخول العمال الفلسطينيين بشكل كامل منذ اندلاع الحرب أدى إلى ضرر فوري في الناتج الاقتصادي، تجاوز حتى الضرر الناتج عن استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط. وأوضح أن تراجع الاستثمار في قطاع البناء سيستمر بإضعاف النمو خلال السنوات القادمة، وأن انخفاض الصادرات كان ملفتًا رغم تعافي الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن ذلك مرتبط بمحدودية اليد العاملة وعدم قدرة الشركات على إبرام صفقات خارجية خلال الحرب.

لكن الأهم، بحسب التقرير، كان التحذير المباشر من استمرار تهميش المواطنين العرب داخل إسرائيل، والذين يشكلون اليوم شريحة حيوية من السكان. أشار بنك إسرائيل بوضوح إلى أن جزءًا كبيرًا من القدرة على انتشال الاقتصاد من أزمته يكمن في الاستثمار الجاد والطويل الأمد في دمج العرب بسوق العمل، وخصوصًا في قطاعات المهمة للنمو الاقتصادي مثل التكنولوجيا والصناعات المتقدمة.

وأوضح البنك أن العرب في إسرائيل يعانون من فجوات تعليمية عميقة، خاصة في اللغة العبرية، وهو ما يشكل عائقًا رئيسيًا أمام انخراطهم في سوق العمل الإسرائيلي. وطالب البنك الحكومة بإجراء تغييرات جذرية في السياسات التعليمية، مع تركيز خاص على تعزيز جودة التعليم في المجتمع العربي وتوسيع نطاق تعليم اللغة العبرية، باعتبارها مفتاحًا للاندماج الاقتصادي والاجتماعي. كما دعا إلى توفير برامج تأهيل مهنية حديثة تواكب احتياجات سوق العمل.

1 3
دعا بنك إسرائيل إلى توفير برامج تأهيل مهنية حديثة تواكب احتياجات سوق العمل

ورأى بنك إسرائيل أن الاستثمار في العرب ليس فقط ضرورة أخلاقية واجتماعية بل حاجة اقتصادية ملحة، لأن الشريحة الشابة في إسرائيل تتكون بشكل متزايد من العرب واليهود الحريديم. واعتبر البنك أن هذه الحقيقة الديموغرافية تمنح إسرائيل ميزة نسبية أمام شيخوخة السكان في الدول الغربية، لكنها قد تتحول إلى قنبلة موقوتة إذا لم تُستثمر بشكل صحيح. وقال التقرير نصًا: “بدون تدريب وتأهيل مناسب لهؤلاء الشباب، فإن هذا المورد البشري الهائل قد يتحول إلى عبء اقتصادي، بل وقد يُفجّر فجوات اجتماعية خطيرة”.

في هذا السياق، أكد بنك إسرائيل أن رفع مستوى مشاركة العرب في سوق العمل، وخاصة النساء العربيات، هو أحد أهم مفاتيح توسيع قاعدة دافعي الضرائب، وبالتالي تمويل الاحتياجات المتزايدة للدولة. وأضاف أن مستويات الفقر المرتفعة بين العرب وانخفاض الإنتاجية في هذا القطاع باتا يُشكلان عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا، ما يستوجب معالجة فورية وحقيقية.

وهو ما أكده حسام أبو بكر، مدير عام الفنار في مقابلة سابقة مع موقع وصلة، حيث قال: “إذا نجحنا في سدّ الفجوة بين المجتمع اليهودي والعربي من ناحية نسبة التشغيل ومعدل الأجور، يُمكن أن يساهم المجتمع العربي بما يقارب 40 إلى 50 مليار شيكل في السنة للاقتصاد الإسرائيلي”.

كما شدد البنك على أن إدخال المزيد من العرب إلى قطاع التكنولوجيا والهايتك سيُعزز قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على مواجهة التحديات المقبلة، خاصة في ظل دخول الذكاء الاصطناعي إلى سوق العمل واحتدام المنافسة العالمية. ورأى أن العرب يمكن أن يكونوا رافعة حقيقية للاقتصاد إذا ما تم تأهيلهم ودمجهم بشكل فعلي في القطاعات الحديثة والواعدة.

وختم بنك إسرائيل تقريره بالتأكيد أن هذه التوصيات ليست ترفًا بل ضرورة وطنية واقتصادية، داعيًا الحكومة إلى وقف الهدر على بنود لا تساهم في النمو، والتركيز بدلاً من ذلك على بناء مجتمع منتج بلا فجوات تشارك فيه جميع الفئات بشكل كامل، لما في ذلك من مصلحة مباشرة للاقتصاد الإسرائيلي واستقراره على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة: “الفجوات الاقتصادية بين العرب واليهود لم تتقلص، بل توسعت”

مقالات مختارة