
كشف تقرير بنك إسرائيل لعام 2024 عن أزمة مستمرة في قطاع البناء والبنى التحتية في البلاد، إذ يوجد نقص نقص كبير في الأيدي العاملة أدى إلى تراجع في مشاريع البناء، خاصة في مجال البنى التحتية والمشاريع غير السكنية.
بحسب التقرير، تراجع عدد المشاريع غير السكنية التي بدأت أعمال البناء فيها بنسبة 36% مقارنة بما قبل الحرب، فيما سجلت نسبة استكمال هذه المشاريع انخفاضًا حادًا بلغ 21%. وأرجع البنك السبب الرئيسي لهذا التراجع إلى الإغلاق المفروض على الأراضي الفلسطينية ومنع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وهو ما شكل ضربة قاسية للقطاع الذي كان يعتمد عليهم بشكل كبير.
قبل اندلاع الحرب، كان يعمل في قطاع البناء نحو 359 ألف عامل، من بينهم 224 ألف إسرائيلي، و29 ألف عامل أجنبي من دول أخرى، و106 آلاف عامل فلسطيني. ولكن مع إغلاق المعابر، تراجع عدد العمال الفلسطينيين إلى نحو 16 ألفًا فقط، بعضهم يعمل بدون تصاريح.
في مواجهة هذا النقص، لجأ المقاولون إلى إعادة توزيع العمال على المشاريع الأكثر ربحية، حيث فضلوا توجيه القوى العاملة المتبقية إلى مشاريع البناء السكني على حساب مشاريع البنية التحتية والمشاريع العامة.
وعلى الرغم من الحرب، شهد قطاع البناء السكني ضررًا محدودًا نسبيًا، حيث سجل انخفاضًا بنسبة 10% فقط في عدد الشقق التي تم الانتهاء من بنائها مقارنة بالفترة السابقة للحرب. بل على العكس، وبفعل الطلب المتزايد على الشقق وارتفاع الأسعار، ارتفع عدد الشقق الجديدة التي بدأ بناؤها في السوق الحرة بنسبة 9% في نهاية عام 2024 مقارنة بالعام الذي سبق الحرب.
وفي محاولة لسد الفجوة، اتخذت الحكومة عدة خطوات لتشجيع الإسرائيليين على دخول سوق العمل في قطاع البناء، حيث قدمت منحًا شهرية تتراوح بين 2000 و3000 شيكل للعمال الجدد، وترتفع إلى 4500 شيكل في بعض الحالات، وذلك لمدة أقصاها ستة أشهر. كما خصصت ميزانيات لتمويل برامج التدريب والتأهيل.
هذه الإجراءات أدت إلى زيادة عدد العمال الإسرائيليين في القطاع بنسبة 12%، ليرتفع عددهم من 224 ألفًا في الربع الثالث من عام 2023 إلى 250 ألفًا بنهاية 2024. كذلك تم رفع حصة العمال الأجانب بشكل غير مسبوق، والسماح بجلبهم عبر شركات خاصة لأول مرة، بعد أن كان ذلك محصورًا باتفاقيات رسمية بين الدول. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد العمال الأجانب من 29 ألفًا في نهاية 2023 إلى 63 ألفًا في نهاية 2024.
ورغم هذه الإجراءات، يبقى النقص الحاد في عدد العمال قائمًا، حيث لا يزال القطاع بحاجة إلى 30 ألف عامل إضافي لاستعادة نشاطه بالكامل. وأكدت معطيات تقرير بنك إسرائيل أن 40% من الشركات العاملة في القطاع أبلغت في بداية 2025 عن معاناتها من قيود في توسيع نشاطها بسبب نقص العمال، مقارنة بـ20% فقط قبل الحرب.
تأتي هذه الأزمة في وقت حرج يشهد فيه السوق الإسرائيلي ارتفاعًا في أسعار الشقق وتزايدًا في الطلب على المساكن، ما يفاقم من حجم التحديات أمام قطاع البناء وينصب عراقيل أمام مشاريع البنى التحتية، في ظل استمرار غياب العمال الفلسطينيون الذيين طالما شكلوا العمود الفقري لهذا القطاع الحيوي.
مقالات ذات صلة: بنك إسرائيل يتحرك للجم المخاطر في سوق العقارات… قيود جديدة على قروض المقاولين حتى نهاية 2026