أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات وقطع الغيار موجة غضب عارمة في أنحاء العالم، وسط تحذيرات من تصعيد تجاري جديد يهدد سلاسل الإمداد العالمية، ويثقل كاهل المستهلكين، ويفاقم أزمات قطاع صناعة السيارات الذي يعاني أصلاً من اضطرابات منذ جائحة كورونا.
الرسوم الجديدة، التي أُعلن عنها مساء الأربعاء، تطال دولاً كبرى حليفة للولايات المتحدة، على رأسها كندا والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، إلى جانب الصين والبرازيل، وتستثني مؤقتاً السيارات المنتجة محلياً في الولايات المتحدة أو تلك التي يتم تجميعها بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

أضرار اقتصادية واسعة النطاق
بحسب تقديرات شركة “كوكس أوتوموتيف”، ستضيف الرسوم نحو 3,000 دولار على سعر السيارات الأميركية الصنع، و6,000 دولار على السيارات القادمة من كندا والمكسيك، ما قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج بنسبة تصل إلى 30% في أميركا الشمالية، أي ما يعادل 20 ألف سيارة يومياً بحلول منتصف أبريل.
شركات السيارات تأثرت سريعًا، إذ تراجع سهم “جنرال موتورز” بنسبة 8% فور الإعلان، فيما هبطت أسهم “فورد” و”ستلانتس” بنسبة 4.5% لكل منهما. أما “تويوتا” و”هوندا” و”هيونداي” فانخفضت أسهمها بما بين 3% و4%. حتى شركة “تسلا”، التي تُصنّع سياراتها داخل الولايات المتحدة، تأثرت بالقرار، حيث قال إيلون ماسك إن الرسوم الجديدة سيكون لها “تأثير كبير” على شركته.
ردود فعل متباينة في الداخل الأميركي
في الداخل الأميركي، انقسمت الآراء. ففي حين رحّبت نقابة عمال السيارات المتحدين بالقرار، معتبرة أنه سيعيد “آلاف الوظائف ذات الأجور الجيدة” إلى الولايات المتحدة، حذرت كبرى منظمات صناعة السيارات الأميركية والأجنبية من تداعيات القرار على الأسعار، والتوظيف، وخيارات المستهلكين.
وقالت مجموعة “أوتو درايف أميركا” التي تمثل شركات كبرى مثل تويوتا وفولكسفاغن: “هذه الرسوم ستزيد من تكلفة الإنتاج والبيع داخل الولايات المتحدة، وستؤدي في النهاية إلى تقليص الوظائف وارتفاع الأسعار وتراجع الخيارات أمام المستهلكين”.
توترات دبلوماسية وتجارية
التصعيد الأميركي قوبل بردود صارمة من مختلف العواصم. رئيس الوزراء الكندي مارك كارني وصف القرار بأنه “هجوم مباشر على العمال الكنديين”، متوعداً بإجراءات مضادة. الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قال إن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي”، مؤكداً أن “البرازيل ستتخذ ما تراه مفيداً لمصالحها”.
من جهتها، رفضت الصين مقايضة الرسوم الجمركية بموافقتها على بيع منصة “تيك توك”، وقالت وزارة خارجيتها إن “لا رابح في الحرب التجارية”، مضيفة أن الإجراءات الأميركية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية.
أما الاتحاد الأوروبي، فعبر عن “أسفه العميق” على لسان أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، مؤكدة أن الرسوم تُضعف التنافسية وتضر بالعمال والشركات على الجانبين. وحذرت ألمانيا وبريطانيا من تداعيات خطيرة على سلاسل التوريد العالمية، بينما دعا اتحاد صانعي السيارات الأوروبيين إلى التراجع عن الخطوة.
غضب آسيوي واسع
في اليابان، التي تُعد السيارات ثلث صادراتها إلى أميركا (40 مليار دولار من أصل 142 مليار)، قالت الحكومة إن الرسوم الجديدة “مؤسفة للغاية”، وهددت بالرد، بينما حذر المتحدث باسم الحكومة من تأثيرات سلبية كبيرة على العلاقات الاقتصادية الثنائية. تراجعت أسهم شركات السيارات اليابانية بشكل حاد بعد الإعلان، خاصة أن قطاع السيارات يوظف 10% من اليد العاملة في البلاد.
كوريا الجنوبية بدورها عبرت عن قلق بالغ. وزير الصناعة الكوري الجنوبي حذّر من “صعوبات كبيرة” ستواجه القطاع، وأكد أن الحكومة ستتخذ خطوات طارئة بحلول إبريل.
تهديدات متواصلة من ترمب
الرئيس الأميركي لم يكتف بإعلان الرسوم الجديدة، بل هدد برسوم إضافية على الاتحاد الأوروبي وكندا، إذا “عملا معاً لإلحاق الأذى الاقتصادي بالولايات المتحدة”، على حد قوله في منشور عبر منصة “تروث سوشال”.
ووفق ما أعلنه البيت الأبيض، ستدخل الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ الكامل في موعد أقصاه الثالث من مايو، وتشمل المحركات وناقلات الحركة ومكونات كهربائية رئيسية. وسيكون بإمكان الشركات تقديم طلبات لإثبات أن بعض مكوناتها صُنعت محلياً من أجل تجنّب تطبيق الرسوم.
مقالات ذات صلة: أوروبا تُشهر سيف القضاء بوجه غوغل وأبل… وترمب يهدد بالرد على هذا “الابتزاز”