عاصفة ترمب تهبّ على وول ستريت وتمحو في طريقها 26.5 مليار شيكل من مدخرات المواطنين

المؤسسات المالية تواجه الآن تحديًا حقيقيًا في كيفية إدارة الملفات المالية للزبائن، خصوصًا كبار السن، الموجودة مدخراتهم في صناديق مرتبطة بالمؤشر الأميركي. هؤلاء قد يجدون أنفسهم أمام انخفاض كبير فيها، ما قد يقلص فعليًا معاشاتهم التقاعدية.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
ترمب في يوم الجمارك- المصدر: صفحة البيت الأبيض على فليكر
54426210762 5f4db22534 c
ترمب في يوم الجمارك- المصدر: صفحة البيت الأبيض على فليكر

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب العنان لأكبر موجة اضطراب في الأسواق المالية منذ سنوات، بعد كشفه عن خطة جمركية شاملة وشرسة تهدف إلى فرض رسوم تتراوح بين 10% و36% على الدول التي لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة. الإعلان عن هذه الرسوم أدى إلى انهيارات متتالية في البورصات العالمية، حيث سُجّل هبوط حاد في مؤشرات وول ستريت، خاصة مؤشر S&P 500 الذي فقد 10.5% من قيمته خلال يومين فقط، في هبوط لم تشهده السوق الأميركية منذ ذروة جائحة كورونا في مارس 2020.

رد الصين لم يتأخر، إذ أعلنت بكين في اليوم نفسه عن فرض رسوم انتقامية بنسبة 34% على جميع الواردات الأميركية، ما صعّد من حدة التوترات التجارية ودفع المستثمرين في أنحاء العالم إلى حالة من الذعر المالي. كما حذر جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، من أن هذه الرسوم الجمركية قد ترفع معدلات التضخم، الأمر الذي أثار غضب ترمب، الذي طالب بدوره بخفض أسعار الفائدة واتهم باول بـ”اللعب بالسياسة”.

في أوروبا، لم تكن الأسواق أحسن حالًا، حيث خسر مؤشر Stoxx 600 الأوروبي 5.1% من قيمته، في حين انخفض كل من FTSE البريطاني وDAX الألماني بنسبة 5%. أما في إسرائيل، وعلى الرغم من أن البورصة كانت مغلقة يوم الجمعة، فإن مؤشر تل أبيب 35 تراجع بنسبة 0.6% يوم الخميس، وتل أبيب 90 انخفض بنسبة 1.4%، ومن المتوقع أن تستهل السوق المحلية أسبوعها المقبل بخسائر كبيرة، تماشيًا مع التراجع العالمي.

وتجلى التأثير أيضًا في مدخرات الإسرائيليين، خصوصًا الأموال الموجودة في استثمارات وصناديق توفيرات وتقاعد مرتبطة بمؤشر S&P 500، فبحسب ما نشره موقع كالكاليست، فإن حجم الأموال المرتبطة بهذا المؤشر الأميركي يبلغ نحو 252 مليار شيكل، تتوزع على النحو التالي: 115 مليار شيكل في صناديق التقاعد קרנות פנסיה، 72 مليار شيكل في صندوق التوفير للتقاعد קופת גמל، و65 مليار شيكل في صناديق الاستثمار المشتركة קרנות נאמנות. الانخفاض الحاد في المؤشر خلال 48 ساعة فقط أدى إلى محو 26.5 مليار شيكل من هذه المدخرات. ومنذ بداية العام، انخفض المؤشر بنسبة 13.7%، ما أدى إلى خسارة تقترب من 40 مليار شيكل من أموال التقاعد والاستثمار.

تجدر الإشارة إلى أن الاندفاع الإسرائيلي نحو الاستثمار في مؤشر S&P 500 بدأ في عام 2023 بالتزامن مع الأزمة السياسية المحلية، حينها ارتفع المؤشر بنسبة 23% بينما لم يسجل مؤشر تل أبيب 35 سوى ارتفاع خجول لا يتعدى 4%. وواصل المؤشر الأميركي أداءه القوي في 2024، ما دفع المزيد من المدخرين لنقل أموالهم نحوه.

مع هذه التراجعات، بدأت الأصوات التحذيرية تتعالى. ففي منتدى شارك فيه كبار المسؤولين في وزارة المالية والمؤسسات المالية في بداية العام، حذّر أندرو أبير، نائب محافظ بنك إسرائيل، من أن الاعتماد الزائد على مؤشرات مثل S&P 500 قد يهدد الاستقرار المالي للاقتصاد الإسرائيلي، خصوصًا في حال استمرت موجة الانخفاضات الحالية.

المؤسسات المالية تواجه الآن تحديًا حقيقيًا يتمثل في كيفية إدارة الملفات المالية للزبائن، لا سيما من كبار السن، الذين حوّلوا معظم مدخراتهم إلى صناديق مرتبطة بالمؤشر الأميركي. هؤلاء قد يجدون أنفسهم مع نهاية العام أمام انخفاض كبير في مدخراتهم، ما قد ينعكس سلبًا على مخصصاتهم التقاعدية الشهرية، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى تقليص فعلي لمعاشهم التقاعدي.

ما يحدث في الأسواق العالمية اليوم يتجاوز كونه مجرد رد فعل على قرار سياسي، بل يُعد إنذارًا بإمكانية اندلاع حرب اقتصادية عالمية جديدة طاحنة بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم، قد تكون أكثر عنفًا من سابقاتها، مع تكلفة باهظة على المدخرين، والمستثمرين، واقتصادات الدول على حد سواء.

مقالات ذات صلة: الصين تفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على الواردات الأمريكية ردًا على خطوة ترامب

مقالات مختارة