تلوح في الأفق مواجهة جديدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهذه المرة على جبهة البيانات الرقمية والخصوصية، بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20% على واردات من دول الاتحاد. وردًا على هذه الخطوة، يدرس الاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير غير تقليدية، من بينها فرض قيود تنظيمية واسعة النطاق على وصول شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين، وهي التي تعد بمثابة الوقود الذي يحرك كل العمليات التجارية لهذه الشركات، ويحدد قدرتها على استهداف الزبائن في الدول الأوروبية.

في مقابلة مع مجلة Le Journal du Dimanche، لمّح وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، إريك لومبارد، إلى أن الرد الأوروبي لن يكون تقليديًا. وقال: “لدينا أدوات عديدة على المستوى الأوروبي: تنظيمية ومالية وجمركية”. وأوضح أن إحدى الوسائل الممكنة هي تشديد الضوابط البيئية، أو فرض تنظيم صارم على كيفية استخدام البيانات من قِبل شركات رقمية كبرى. كما لمّح إلى إمكانية فرض ضرائب مخصصة على أنشطة معينة لتلك الشركات.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تحتدم المواجهة بين بروكسل وواشنطن حول قضايا تتعلق بتنظيم الأسواق الرقمية وحماية الخصوصية. شركات مثل أمازون، غوغل، ميتا (فيسبوك)، وآبل قد تجد نفسها في مركز هذه العاصفة التنظيمية، خاصة أن السوق الأوروبية تُعد من أكبر وأهم الأسواق لها خارج الولايات المتحدة.
حتى الآن، رفضت أوروبا الرد بالمثل عبر فرض رسوم على جميع الواردات الأميركية، إذ اعتبر لومبارد أن “فرض ضرائب شاملة على كل المنتجات الأميركية سيكون مضراً للطرفين”، وأكد: “سنتعامل بدقة مع قطاعات صناعية محددة”.
رغم النبرة الحاسمة في الرد الأوروبي، أقر لومبارد بأن الرسوم التي فرضها ترمب “ستُكبّد الاقتصاد الأميركي ضررًا مباشرًا”، من خلال رفع الأسعار، وتزايد الأعباء على الشركات، والتأثير سلبًا على معدلات النمو خلال عام 2025. لكنه أوضح أيضًا أن “كسر القواعد يفرض علينا الرد بأسلوب مماثل”.
تُعد البيانات اليوم بمثابة “الذهب الرقمي” لشركات التكنولوجيا، فهي الأساس الذي تُبنى عليه كل عملياتها التجارية والابتكارية. الوصول إلى بيانات المستخدمين، مثل أنماط الاستخدام، التفضيلات، المواقع، وسجلات التصفح، يتيح لتلك الشركات تطوير منتجات مخصصة وتحسين خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لا سيما في الإعلانات المستهدفة، والتوصيات، وخدمات البحث.
كما تمثل البيانات حجر الزاوية في نماذج الأعمال التي تعتمد عليها شركات مثل غوغل، ميتا، وأمازون لتحقيق الأرباح. لذلك، فإن أي قيود على الوصول إلى بيانات المستخدمين، خاصة من أسواق كبيرة ومهمة مثل الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تُضعف قدرتها التنافسية، وتؤثر سلبًا على نموها، واستراتيجياتها التوسعية، ومشاريعها المستقبلية في مجالات مثل الواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية.
مقالات ذات صلة: هذا هو سعر iPhone 16 Pro المتوقع بعد جمارك ترمب