العالم على كف عفريت أمريكي: ماذا حدث اليوم في الأسواق العالمية بسبب ترمب؟

في هذا المقال، نلخص لكم ماذا حدث اليوم وخلال الأيام الماضية بالأسواق العالمية بسبب رسوم ترمب، التي وصفها الملياردير بيل آكمان والداعم السابق لترمب بأنها ستتسبب "بشتاء اقتصادي نووي"، مؤكّدًا أن "الاستثمار سيتوقف والمستهلكون سيغلقون محافظهم وسيفقد العالم ثقته بالولايات المتحدة".
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

تشهد الأسواق العالمية حالة غير مسبوقة من الاضطراب منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات، والتي وصفها بـ”يوم التحرير الاقتصادي”. هذه الرسوم، التي تطال جميع الدول بنسبة 10% على الأقل، وتصل في حالات معيّنة إلى 54%، أحدثت زلزالاً مالياً أعاد إلى الأذهان مشاهد الانهيار أثناء جائحة كورونا، وبدأت بالفعل في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.

trump
صورة مصنوعة بواسطة chatGPT

صدمة عميقة في الأسواق العالمية

البداية كانت في وول ستريت، حيث سجّل مؤشر S&P 500 تراجعًا حادًا بنسبة 10.5% خلال يومين فقط، بينما خسر مؤشر ناسداك نحو 11.5%، لتكون هذه أسوأ بداية لفترة رئاسية في التاريخ الحديث للسوق الأميركي. وقد دقّ جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك JPMorgan، ناقوس الخطر في رسالته السنوية للمستثمرين، مؤكدًا أن الرسوم “ستزيد التضخم، وتبطئ النمو، وتزيد احتمالات الركود الاقتصادي”.

بالمقابل، رفع بنك غولدمان ساكس تقديراته لاحتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة إلى 45%، محذرًا من أن تطبيق الرسوم بالكامل سيرفع فعليًا متوسط نسبة الرسوم على الواردات بـ20 نقطة مئوية إضافية، وقد يُجبر الفيدرالي على خفض الفائدة بواقع نقطتين مئويتين هذا العام.

انهيارات في أوروبا وآسيا.. وهونغ كونغ تتصدر المشهد

أوروبا كانت من أبرز المتضررين. ألمانيا، التي تواجه رسومًا بنسبة 20% على صادراتها، شهدت تراجعًا كبيرًا في مؤشر داكس بنسبة تجاوزت 10%، فيما تهاوى مؤشر “ستوكس يوروب 600” بنسبة 6.3% مسجلًا أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2023. أسهم شركات الدفاع -التي كانت من أبرز الرابحين هذا العام- تصدّرت قائمة الخاسرين، مع تراجع سهم “راينميتال” بـ13% و”هينسولد” بـ14%.

لكن الضربة الأكبر كانت في الشرق، حيث سجّل مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ انخفاضًا تاريخيًا بنسبة 13.2% في يوم واحد، وهي أسوأ جلسة منذ عام 1997. شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى كانت في صلب هذا التراجع، إذ فقدت أسهم علي بابا 18%، وتينسنت 12.5%، وHSBC نحو 14.8%، فيما تراجعت أسهم شركة Xiaomi بـ20.6%. يُعزى هذا الانهيار إلى اعتماد الشركات على سلاسل توريد معقّدة أصبحت مهددة بسبب التصعيد الجمركي.

stocks down

الشيكل تحت الضغط وبنك إسرائيل يبقي سعر الفائدة كما هو

الشيكل لم يكن بمنأى عن العاصفة، إذ تراجع بشكل حاد مقابل الدولار، ليصل إلى 3.79 شيكل للدولار، مقابل 4.15 شيكل لليورو. وأرجع خبراء هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها الانخفاض الحاد في أسواق المال، والاضطرابات الجيوسياسية.

أكد الخبراء الاقتصاديون أن هبوط الشيكل مرتبط بإعادة هيكلة محافظ الاستثمار التي تتطلب شراء دولارات، إلى جانب تزايد الطلب على العملات الأجنبية في ظل تقديرات بارتفاع سعر الصرف إلى مستويات أكثر ارتفاعًا.

وقد أعلن بنك إسرائيل اليوم (الإثنين) قراره الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5%. ووفقًا للتحديث الأخير الصادر عن قسم الأبحاث فيه، تم خفض توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025 إلى 3.5%، مقارنة بـ4% في التوقعات الصادرة في يناير الماضي.

ويتوقع قسم الأبحاث أن يصل سعر الفائدة خلال عام إلى 4%، ما يعني أنه من المرجّح تنفيذ خفضين في سعر الفائدة خلال العام المقبل، وذلك مقارنة بالتوقع السابق في يناير الذي تراوح بين 4% و4.25%.

آيفون بسعر خيالي بعد الرسوم وسهم تسلا ينخفض

الشركات الأميركية الكبرى لم تسلم هي الأخرى من التداعيات، وفي مقدمتها شركة أبل. الرسوم المفروضة على الصين بنسبة 54% تهدد برفع كلفة إنتاج هاتف آيفون من 580 دولارًا إلى 850 دولارًا، وفقًا لـTechInsights. وحسب تقديرات شركة Wedbush Securities، فإن السعر النهائي لجهاز iPhone 16 Pro بسعة 256 غيغابايت قد يصل إلى 3,500 دولار، بدلًا من 1,100 دولار حاليًا، ما يشكل قفزة هائلة في الأسعار للمستهلك الأميركي والعالمي.

أبل تواجه خيارين صعبين: إما تمرير هذه التكاليف إلى المستهلك، أو تحملها بنفسها، مما قد يؤدي إلى انخفاض أرباحها الصافية بـ7.85 مليار دولار سنويًا. نقل التصنيع إلى الولايات المتحدة ليس خيارًا مجديًا حاليًا، إذ أن كلفة التجميع سترتفع من 30 إلى 300 دولار لكل جهاز، ولا توجد بنية تحتية جاهزة لتحمّل هذه التحولات في المدى القصير.

كذلك، تراجع سهم “تسلا” في تعاملات ما قبل افتتاح السوق الاثنين بنسبة 8.17% إلى 219.54 دولاراً، في ظل موجة بيعية مكثفة تشهدها الأسواق العالمية، مع توقعات المحللين بانخفاض السهر أكثر.

ايفون - المصد : ويكيميديا
ايفون – المصد : ويكيميديا

عائد الديون الأميركية عند أدنى مستوى منذ 2022

تراجعت عوائد الديون الأميركية خلال تعاملات الاثنين، وسط كثافة إقبال المستثمرين على أدوات التحوط عديمة المخاطر، في ظل موجة البيع التي تشهدها وول ستريت بسبب التوترات التجارية. وانخفض العائد على السندات العشرية الأميركية بمقدار 1.7 نقطة أساس إلى 3.974%.

وهبط عائد السندات لأجل عامين 9.7 نقاط إلى 3.573%، بعدما لامس في وقت سابق من التعاملات أدنى مستوى منذ سبتمبر 2022 عند 3.52%، لكن عائد السندات لأجل 30 عاماً ارتفع 2.9 نقطة إلى 4.419%.

ردود عالمية متسارعة

الصين، من جانبها، أعلنت عن فرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34% على جميع السلع الأميركية، وأكدت في مقال افتتاحي في صحيفة الحزب الشيوعي أنها مستعدة لاتخاذ “خطوات استثنائية”، بما في ذلك خفض الفائدة وتوسيع عجز الموازنة، لدعم الاقتصاد المحلي واستقرار الأسواق.

في الاتحاد الأوروبي، قال وزير التجارة الفرنسي لوران سان مارتين، إن الرد على الرسوم الأميركية قد يكون عدوانيا جدًا. وقال رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، إن نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا قد ينخفض 0.5 نقطة مئوية بسبب سياسات الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتابع قائلًا: “فرض هذه الرسوم الجمركية الباهظة سيؤدي إلى أزمة عالمية… هناك خطر كبير من فقدان الوظائف وكذلك حدوث تباطؤ اقتصادي”.

china usa
الصين لن تقف مكتوفة اليدين

النفط والعملات المشفرة: موجة بيع عارمة

تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، حيث هبط خام برنت إلى 63.3 دولارًا، بينما انخفض خام غرب تكساس إلى 59.8 دولارًا، وسط قلق واسع من ضعف الطلب العالمي على الطاقة.

وفي سوق العملات المشفرة، فقد البيتكوين نحو 10% من قيمته، ليصل إلى 75 ألف دولار، وهو أدنى مستوى له في ستة أشهر، متأثرًا بموجة بيع واسعة من قبل المستثمرين الذين سارعوا إلى تصفية مراكزهم طويلة الأجل، مما أدى إلى تصفية مراكز بقيمة 250 مليون دولار خلال 24 ساعة فقط.

ترمب يعرض مخططًا للرسوم الجمركية المتبادلة- الصورة: صفحة البيت الأبيض على موقع فليكر
ترمب يعرض مخططًا للرسوم الجمركية المتبادلة- الصورة: صفحة البيت الأبيض على موقع فليكر

ترمب لا يتراجع رغم تحذيرات أصدقائه

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الاثنين، إن أميركا، “التي لطالما عانت من الاستغلال”، تجني مليارات الدولارات أسبوعيا بسبب الرسوم الجمركية. وفي منشور على حسابه في تروث سوشيال، قال ترامب إن “أسعار النفط تشهد انخفاضاً، ويتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي بطيء الحركة أن يخفض أسعار الفائدة، مع تراجع أسعار المواد الغذائية وعدم وجود تضخم”.

لكن كبار الاقتصاديين الأميركيين ورجال الأعمال وجّهوا تحذيرات صريحة له، إذ حذر المسؤول السابق في الاحتياطي الفيدرالي، جيمس بولارد، اليوم الاثنين من أن خطوات ترمب قد تتسبب في تكرار رسوم سموت-هاولي الجمركية التي فرضت عام 1930 والتي أدت إلى تفاقم الكساد الأعظم.

وقد شملت هذه الانتقادات أصدقائه حتى، إذ وصف الملياردير بيل آكمان الرسوم بأنها “حرب نووية اقتصادية”، مؤكّدًا أن “الاستثمار سيتوقف والمستهلكون سيغلقون محافظهم”، محذرًا من أن الولايات المتحدة تخسر ثقة العالم. وقد دعا إيلون ماسك في وقت سابق إلى منقطة تجارة حرة بين أوروبا والولايات المتحدة، وهو ما تمّ تفسيره على بعدم رضا عن الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي مع العالم.

مقالات ذات صلة: “الإمبراطورية الأمريكية تنهار – حرب ترامب التجارية ستفشل”

مقالات مختارة