الجمارك على إسرائيل باقية رغم التملق… وترمب غنى موالًا تركيًا لم يطرب له نتنياهو

نتنياهو تعهد بـ"القضاء على الفائض التجاري مع الولايات المتحدة بسرعة"، لكنّ ترمب قال صراحة "لسنا متأكدين من أننا سنخفض الجمارك عن إسرائيل"، وعندما اشتكى له نتنياهو من التحركات التركية في سوريا، أجابه ترمب بوضوح: "أحب أردوغان، وعلاقتي به رائعة"، مضيفاً أن عليه (أي نتنياهو) أن "يتصرف بعقلانية" عند حل أي مشكلة مع تركيا، وبأن أردوغان رجلٌ "ذكيٌّ جدًا".
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

في خضم اشتعال معارك الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الحلفاء والخصوم على حد سواء، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في مهمة وصفها المحللون بـ”الاستغاثة الاقتصادية”، أملاً في الحصول على استثناء لإسرائيل من رسوم جمركية مفاجئة وصلت إلى 17%. لكن ما بدا في الوهلة الأولى كفرصة للتفاوض انتهى بما يمكن وصفه بـ”عودة خالية الوفاض”، بل وإحراج سياسي علني على مرأى العالم.

54437645828 f61e1332bb k
ترمب ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض- الصورة: صفحة البيت الأبيض على فليكر

بين الجمارك والمفاجآت الدبلوماسية

رغم أن الرسوم الجمركية كانت العنوان الرسمي للزيارة، إلا أن تطورات الجلسة المغلقة والمواقف التي أُعلنت بعدها أظهرت أن أجندة البيت الأبيض أوسع بكثير، وأكثر تعقيداً مما كانت تتوقعه إسرائيل.

ترمب، الذي التقى بنتنياهو في المكتب البيضاوي وسط تغطية إعلامية محدودة، لم يُظهر حماسة تذكر لفكرة تقليص الرسوم المفروضة على إسرائيل، بل قال صراحة: “لسنا متأكدين من أننا سنخفض الجمارك عن إسرائيل”. كلمات وُصفت في الإعلام الإسرائيلي بأنها “مفاجأة تقترب من الإذلال”.

17% رسوم… رغم العلاقات الخاصة

الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على السلع الإسرائيلية تبلغ 17%، وهو مستوى يقارب الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي (20%)، بل ويعلو على تلك التي فرضت على دول تعتبرها إسرائيل “أعداء”، كتركيا وفنزويلا. هذا رغم العلاقة الاستراتيجية الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب، والتبادل التجاري القائم منذ أربعة عقود عبر اتفاقية التجارة الحرة التي تُعفي 98% من السلع الأميركية من الرسوم داخل إسرائيل.

من جانبها، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى إظهار حسن نيتها من خلال إلغاء ما تبقى من رسوم على السلع الأميركية وتوسيع الاعتراف بالمعايير الصناعية الأميركية، في محاولة لإقناع ترمب بتقليص أو إلغاء الرسوم. لكن الرئيس الأميركي لم يُعر تلك الخطوات اهتماماً كبيراً، بل أكد مجدداً على سياسة “أميركا أولاً”، ورفض تقديم وعود بشأن تخفيف العبء على تل أبيب.

نتنياهو… المرتبك والصامت

المشهد كان مربكاً لنتنياهو، الذي رافقه في الزيارة مستشاره الاقتصادي آفي سمحون، في غياب تام لأي من وزراء المالية أو الاقتصاد. ورغم أن التوقعات في إسرائيل كانت مرتفعة – بل تحدثت بعض التقديرات عن قرب التوصل إلى تفاهم يخفف الرسوم إلى أقل من 10% – جاءت النتيجة محبطة، لدرجة أن الصحافة العبرية وصفته بـ”الفشل الكامل”.

نتنياهو حاول احتواء الموقف خلال اللقاء بالإشارة إلى نية إسرائيل “القضاء على الفائض التجاري مع الولايات المتحدة بسرعة”، في محاولة لإظهار استعداد بلاده لتقديم تنازلات. لكنه لم يحصل في المقابل على أي التزام ملموس، بل إن ترمب عاد ليذكر بالحجم الكبير للمساعدات الأميركية لإسرائيل، وهو تلميح لم يمر مرور الكرام في الإعلام الإسرائيلي، الذي ربط بينه وبين رغبة البيت الأبيض في فرض ثمن على كل علاقة.

توتر خلف الابتسامات: إيران وتركيا تدخلان على الخط

المقابلة لم تخلُ من مفاجآت على جبهات أخرى. فبينما كان نتنياهو يعوّل على موقف أكثر صرامة من ترمب تجاه إيران، فاجأه الرئيس الأميركي بالإعلان عن نيته عقد مفاوضات مباشرة معها في الأيام المقبلة. هذا التوجه أزعج رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يرفض المسار الدبلوماسي ويعتبره “نافذة للمراوغة الإيرانية”.

أما بشأن تركيا، فقد عبّر نتنياهو عن قلقه من تحركات أنقرة في سوريا وطلب من ترمب ممارسة الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. إلا أن ترمب أجابه علناً: “أحب أردوغان، وعلاقتي به رائعة”، مضيفاً أن عليه (أي نتنياهو) أن “يتصرف بعقلانية” عند حل أي مشكلة مع تركيا. هذه الجملة، بحسب المحللين، كانت بمثابة صفعة دبلوماسية أخرى.

خسارة اقتصادية محتملة… وغياب البدائل

تفرض الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة تهديداً مباشراً على قطاعات إسرائيلية حيوية، مثل صناعة الأجهزة الطبية والآلات، والتي تشكل جزءاً كبيراً من الصادرات إلى أميركا. العجز التجاري بين البلدين بلغ 7.4 مليار دولار في العام الماضي، والرسوم الحالية تهدد بإضعاف هذه العلاقة أكثر.

في إسرائيل، يُحاول المسؤولون الضغط لتأمين إعفاء خاص لصادرات الألماس الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة – المسؤولة عن نحو 4 مليارات دولار من العجز في الميزان التجاري بين البلدين – كوسيلة لخفض المعدل الجمركي الإجمالي. كما تُجرى محاولات لإعادة تعريف “المنشأ الإسرائيلي” للسلع لتسهيل تصديرها عبر دول ثالثة.

مقالات ذات صلة: بنك إسرائيل يبقي الفائدة كما هي ويتوقع نموًا أقل وتراجعًا بالتصدير بسبب جمارك ترمب

مقالات مختارة