
اقتراح داخلي من وزارة المواصلات، حصلت عليه TheMarker، يكشف عن التوصيات الرئيسية للفريق المشترك بين الوزارات لتعزيز المنافسة في قطاع السيارات. من بين التوصيات البارزة: السماح باستيراد سيارات مستعملة حتى عمر سنتين، وفرض قيود على عدد الشركات المصنّعة التي يُسمح لوكلاء الاستيراد الكبار بتمثيلها. لكن هذه الإصلاحات، التي قد تعود بالنفع الكبير على المستهلكين في سوق السيارات، لا تزال عالقة، في وقت تستمر فيه أسعار السيارات بالارتفاع.
تشكّل هذا الفريق التوجيهي بين الوزارات بعد تأخّر طويل، حين أدركت الوزارات أن عدد ماركات السيارات في إسرائيل تضاعف ثلاث مرات منذ بداية العقد الحالي، في حين أن عدد مستوردي السيارات المباشرين لم يتغير. أما الوكلاء الكبار مثل كلموبيل، ويونيون غروب، وكارسو، فقد استوردوا المزيد من العلامات التجارية، ما مكنهم من الحفاظ على حصصهم السوقية بل وزيادتها.

في أغسطس 2024، عُقدت جلسة في لجنة الاقتصاد التابعة للكنيست، تم خلالها الإعلان عن تشكيل فريق مشترك بين الوزارات. ضم الفريق ممثلين عن إعن وزارة المواصلات، وقسم الميزانيات في وزارة المالية، وسلطة المنافسة، ووزارة الاقتصاد. وقد عمل الفريق بسرعة وقدم توصياته بالفعل في نوفمبر من العام الماضي، لكن منذ ذلك الحين لم يُوقّع عليها وزيرا المواصلات والاقتصاد، ولم يُطلق أي إصلاح فعلي في القطاع.
حالياً، تقول وزارة المواصلات إن التوصيات سيتم التوقيع عليها قريبًا، لكن حتى بعد التوقيع لا تزال هناك طريق طويلة نحو تنفيذ الإصلاح. فالإجراءات تشمل تشريعًا جديدًا، يتطلب مناقشات مطولة في لجان الكنيست، وقد يواجه كذلك طعونًا قضائية أمام المحكمة العليا من جهات قد تتضرر من الإصلاح، وعلى رأسها مستوردو السيارات الكبار. لذلك، فإن التباطؤ في اتخاذ القرار يُقلل من فرص تنفيذ الإصلاح بنجاح، ويجعل تأثيره على سوق السيارات في المدى القريب أمرًا غير مؤكد.
هذه هي التوصيات الرئيسية للفريق، ومدى احتمالية تأثيرها على السوق، في حال تم تنفيذها فعليًا.
1. تقييد الكبار – وتشجيع الصغار
يسيطر مستوردو السيارات المباشرون، الذين يشترون السيارات من الشركات المصنعة (على عكس المستوردين الموازيين أو الاستيراد الشخصي)، على نحو 97% من سوق السيارات في إسرائيل. ويقترح الفريق تقسيم هؤلاء المستوردين إلى ثلاث فئات حسب حصتهم السوقية.
في الفئة الأولى سيكون المستوردون الصغار الذين تبلغ حصتهم في السوق أقل من 5%. هؤلاء سيحصلون على تسهيلات في العوائق التنظيمية وحوافز متنوعة لتشجيعهم على التوسع. لكن، في حال ارتفعت حصتهم السوقية إلى 5% أو أكثر، فلن يكون بمقدورهم الحصول على رخصة استيراد لمجموعة سيارات إضافية.

المستوردون الكبار، أي أولئك الذين يملكون حصة سوقية تتجاوز 10%، سيتوجب عليهم الاكتفاء برخصة استيراد من مجموعة واحدة فقط من السيارات (مثال على مجموعات السيارات هو مجموعة فولكسفاغن مثلًا، التي تضم سيارات فولكسفاغن، أودي، سكودا، بورشه، بنتلي) في إسرائيل، هناك خمسة مستوردين يندرجون تحت هذا التعريف: كلموبيل، يونيون غروب، تشامبيون موتورز، كارسو، وتيليكار. إذا تم تبني التوصيات، فإن كلموبيل، التي تستورد حاليًا سيارات من خمس مجموعات سيارات، ستضطر إلى الاكتفاء بمجموعة واحد فقط، وكذلك كاراسو، التي تمثل حاليًا أربعة مجموعات في السوق الإسرائيلي.
يُعد هذا أحد أكثر الإجراءات الجذرية التي أوصى بها الفريق، ومن المتوقع أن يواجه معارضة شديدة. فمستوردو السيارات الكبار يدّعون أن حجمهم الكبير، وقدرتهم على تحمّل الخسائر أو الفشل التجاري (مثل تجربة كلموبيل مع ماركة السيارات الصينية “أورا” التي فشلت في اختراق السوق)، يعززان في الواقع المنافسة في السوق. كما أن تقسيم المستوردين إلى فئات حسب الحصة السوقية قد يُشكّل عائقًا أمام المنافسة، لأن المستوردين قد يفضّلون بيع عدد أقل من السيارات بهوامش ربح أعلى، فقط لتجنّب القيود التنظيمية. مع ذلك، فإن مثل هذه الخطوات يمكن أن تشجّع على دخول مستوردين مباشرين جدد إلى قطاع السيارات، وهو ما قد يُساهم في تحسين المنافسة وخفض الأسعار على المدى البعيد.
2. النموذج الأوروبي الذي سيُوسّع المخزون
حاليًا، يُسمح فقط للمستوردين الصغار جدًا، الذين يُمنح لهم ترخيص لاستيراد حتى 60 سيارة في السنة، باستيراد سيارات مستعملة، بشرط ألا يزيد عمر السيارة عن سنة واحدة. الفريق يوصي بالسماح أيضًا للمستوردين المباشرين الصغار (ذوي الحصة السوقية الأقل من 5%) وللمستوردين الموازيين، باستيراد سيارات مستعملة حتى عمر سنتين. في أوروبا، توجد مخزونات كبيرة من هذا النوع من السيارات. شركات تجارة سيارات مثل إميل فراي وفانسكه تُصدّر سيارات كانت في الغالب مستخدمة في الليسنغ. ويُستخدم في أوروبا نظام يُعرف باسم remarketing، يقوم فيه مصنعو السيارات ببيع السيارات إلى شركات تأجير مقابل رسوم استخدام مؤقتة، مع التزام بإعادة شراء السيارات بسعر محدد سلفًا بعد فترة يتم الاتفاق عليها في العقد. هذه السيارات يمكن أن تُشكّل مصدرًا جديدًا للاستيراد إلى إسرائيل. تلتزم شركات التجارة الكبرى كذلك بتوثيق شامل ومفصّل لحالة السيارات التي تقوم ببيعها، ما يُضيف شفافية ومصداقية إلى عمليات الاستيراد.
استيراد السيارات المستعملة ليس فكرة جديدة، وهو بالفعل قادر على خفض الأسعار وتعزيز المنافسة في السوق. لكن التحدي الرئيسي يكمن في تطبيق تنظيم صارم (رقابة تنظيمية) على السيارات المستوردة وعلى حالتها. فمن دون هذا التنظيم، قد تصل إلى إسرائيل سيارات مستعملة بحالة سيئة، أو تعرضت لحوادث، أو تعاني من مشكلات في الموثوقية، والأسوأ من ذلك – مشاكل تتعلق بالسلامة. من المتوقع أن تعترض سلطة الضرائب على هذا الإجراء، نظرًا لصعوبة فرض ضريبة الشراء على السيارات المستعملة بطريقة منهجية، كما يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى انخفاض في إيرادات الدولة من ضرائب السيارات.
3. ثورة في المعايير؟ ليس بهذه السرعة
في الوقت الحالي، يُسمح باستيراد السيارات إلى إسرائيل وفقًا للمعايير الأوروبية أو الأمريكية أو الكندية. الفريق يوصي بدراسة إمكانية إضافة ثلاثة أنظمة معايير جديدة — من الصين، الهند، ودول الخليج. هذا التوجه يتطلب فحصًا شاملًا ومعمقًا. ففي دول الخليج، على سبيل المثال، والتي تُعد سوقًا قريبًا من إسرائيل ويمكن الاستيراد منها بسهولة نسبية، فإن المعايير البيئية أقل صرامة، مع تركيز أكبر على تحمّل السيارات للحرارة المرتفعة والغبار. أما بشأن المعايير الصينية، فمن المتوقع أن تُواجَه بمعارضة من الولايات المتحدة. ولذلك، فإن الفريق يعتزم دراسة الموضوع بعناية. وبعبارة أخرى — ليس من الواضح ما إذا كان هذا التوجه سيُطبَّق بالفعل في المستقبل القريب.
4. “مؤشر تكلفة اقتناء سيارة” يشمل كل شيء
أهم توصية قدّمها الفريق – وهي أيضًا الأسهل من حيث التنفيذ – هي إنشاء مؤشر شامل لتكلفة اقتناء كل طراز من السيارات. يقترح الفريق تطوير أداة تُشبه التوقع المستقبلي لتكاليف صيانة السيارة، بحيث تشمل: الصيانة الدورية، تكلفة إصلاح الحوادث، أسعار التأمين، رسوم التراخيص، استهلاك الطاقة (سواء وقود أو كهرباء)، وحتى احتساب انخفاض القيمة المتوقع وفترة الضمان.
من الناحية الفنية، سيكون من الصعب إعداد توقع دقيق، نظرًا لأن أسعار التأمين تتقلب بشكل حاد، خاصة في ظل ارتفاع معدلات سرقة السيارات، كما أن الدولة نفسها تغيّر الضرائب والرسوم باستمرار، ما يؤثر على تكلفة اقتناء السيارة. ومع ذلك، من الناحية التنظيمية، يمكن نشر هذا المؤشر دون الحاجة إلى تشريع قانوني، وبالتالي يمكن إطلاقه بسرعة كبيرة. وجود مثل هذا المؤشر سيشكّل حافزًا للمستوردين لتقليل تكاليف الصيانة، بل وقد يُتيح التعاون مع شركات التأمين بهدف تخفيف العبء المالي الدوري عن مالكي السيارات.

5. السؤال الجوهري: كم سندفع ضرائب؟
الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في العرض التقديمي يُسلّط الضوء على الغائب الأبرز عن اجتماعات الفريق: سلطة الضرائب. ويوصي الفريق بإنشاء فريق فرعي تقوده وزارة المواصلات، ويضم وزارة المالية وسلطة الضرائب، لبحث الموضوع.
الارتفاع في أسعار السيارات في السنوات الأخيرة يعود جزئيًا أيضًا إلى زيادة الضرائب على السيارات. فقط في عام 2025، قفزت الضرائب على بعض الطرازات بمقدار عشرات آلاف الشواكل. إذا أمكن تعديل هيكل الضرائب بحيث تُصبح تكلفة الاستخدام أعلى ويُخفَّض ضريبة الشراء، فإن ذلك سيساهم في تعزيز المنافسة وتشجيع دخول مستوردين صغار إلى السوق.
كما يوصي الفريق بمواصلة إصلاح قطع الغيار الذي تم بلورته بالتعاون مع سلطة سوق المال، بحيث يُطلب من المثمّنين تحديد سعر السوق الفعلي لقطع الغيار بدلًا من الاعتماد على سعر القائمة الرسمية، والذي يكون غالبًا أعلى بكثير. لكن وزيرة المواصلات ميري ريغيف أعلنت أنها لا توافق على ذلك، وبالتالي فهي تعرقل تنفيذ هذا الإصلاح في مجال التأمين. وإذا كانت إصلاحات بدأت بالفعل تواجه عراقيل، فما هو مصير الإصلاحات التي لم تبدأ أصلًا؟
المقال منشور في وصلة بإذن خاص من موقع The Marker