
تشير البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية إلى أن أزمة البنية التحتية في قطاع النقل تؤثر بشكل مباشر على سوق العمل، من حيث خيارات العمال، فرص التوظيف، إنتاجية الموظفين وحتى أنماط الحياة اليومية.
وفقًا لنتائج المسح الاجتماعي لعام 2023، فإن نحو 70% من المواطنين يقضون أقل من 45 دقيقة للوصول إلى أماكن عملهم، سواء باستخدام السيارة الخاصة أو وسائل النقل العامة. وتعني هذه الأرقام أن معظم الموظفين على استعداد للسفر لمدة لا تزيد عن ساعة ونصف يوميًا من وإلى أماكن عملهم، وقليل منهم فقط على استعداد للسفر لمدة أطول. ومن آثار هذا التفضيل، تقليص خيارات العمل المتاحة للموظفين، ومن قدرة الشركات على العثور على موظفين مناسبين.
وتشير البيانات أيضًا إلى أن الغالبية العظمى من العاملين – نحو 64% – يستخدمون سياراتهم الخاصة في التنقل، بينما يستخدم 18% فقط المواصلات العامة. ونحو 8% يذهبون إلى أعمالهم سيرًا على الأقدام، بينما 2% يستخدمون الدراجات الهوائية أو السكوترات الكهربائية.
في تل أبيب، الوضع مختلف بعض الشيء: 77.5% من العاملين يصلون إلى العمل خلال 45 دقيقة، و45% فقط يستخدمون سياراتهم الخاصة، و21% يستخدمون المواصلات العامة، بينما يذهب 13% من الموظفين إلى وظائفهم مشيًا، ويستخدم 6% الدراجات أو السكوترات.
لكن ما يبدو وقتًا مقبولًا للتنقل، يخفي وراءه تأثيرات عميقة. يقول الخبراء إن زمن التنقل لم يتغير كثيرًا خلال السنوات، لكن المسافة التي يمكن قطعها في ذلك الزمن تقلصت بسبب ازدحام الطرق وبطء تطوير البنية التحتية. لذلك، من يسكن في مراكز المدن لا يزال يحظى بفرص أكبر بكثير، مقارنة بمن يسكن في الضواحي أو المدن البعيدة، الذي يجد نفسه محصورًا بفرص محدودة.
ورغم محاولات البلديات واستثماراتها، فإنّ العديد من المناطق التي خُططت كمراكز توظيف لا تنجح فعليًا في جذب الشركات، بسبب المشاكل المتعلقة بوصول الناس إليها أو بالمواصلات المتوفرة في المكان، حيث تفضل الشركات التمركز في مواقع يسهل الوصول إليها.
ولا يقتصر الأمر فقط على فرص العمل، بل يمتد إلى إنتاجية الموظفين، إذ يختار العديد من الموظفين اليوم الخروج من منازلهم في وقت متأخر لتفادي الازدحام، ويغادرون مكاتبهم في وقت مبكر للأسباب نفسها. ورغم أن كثيرين يقولون إنهم يكملون العمل من المنزل، إلا أن مستوى الإنتاجية العام يتراجع بشكل ملحوظ.
هذا التغيير في العادات يجبر أصحاب الأعمال على إعادة التفكير في نماذج العمل التقليدية. فبينما كان متوقعًا في السابق من الموظف أن يقضي ساعات طويلة في المكتب، يُقدَّر الأداء اليوم بناءً على النتائج، لا عدد الساعات. فإذا أنجز الموظف مهامه خلال ساعات محدودة، فلن يهتم المدير متى حضر أو غادر، إذ أصبحت الإنتاجية هي المعيار الجديد حسب الخبراء المطلعين على سوق العمل.
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الضغوط لتحسين البنية التحتية للمواصلات العامة. وقد ظهرت أمثلة مشجعة في عدد من المناطق، منها بتاح تكفا حيث يمر الخط الأحمر للقطار، حيث ساهم تحسين المواصلات في تقليل وقت الوصول إلى أماكن العمل والازدحام المروري في هذه المناطق.
وتؤكد العديد من الدراسات أن أزمة التنقل تؤثر بشكل مباشر على قرارات العمل. ففي استطلاع جديد أجرته شركة “פתרונות” للتخطيط الاقتصادي، أفاد 60% من المشاركين أنهم رفضوا وظائف بسبب طول مدة الوصول إليها.
مقالات ذات صلة: بعائدات ستبلغ ملياري شيكل: إيجد تشغّل القطار الخفيف الجديد في غوش دان