
يتصاعد التوتر حول مستقبل ميناء إيلات في ظل نزاع متزايد بين الهستدروت وإدارة الميناء، وسط أزمة مالية خانقة دفعت الميناء إلى شفير الإغلاق. ففي خطوة غير مسبوقة، طالبت الهستدروت بسحب الامتياز التشغيلي من الشركة التي تدير الميناء منذ عام 2012 بموجب امتياز لمدة 15 عامًا.
تستند مطالب الهستدروت إلى ما وصفته بعدم جاهزية الميناء لحالات الطوارئ الأمنية، مشيرة إلى نقص في المعدات الأساسية والموظفين، ما يمنعه من أداء مهامه الحيوية في حال وقوع حادث أمني أو لوجستي. وتؤكد الهستدروت أن الميناء لا يفي منذ سنوات بالمعايير الأساسية المطلوبة لمواصلة الامتياز، وتطالب الحكومة بإعادة النظر في تجديد الترخيص المفترض أن ينتهي نهاية عام 2025.
من جانبها، ترفض إدارة الميناء هذه الادعاءات، وتعتبرها محاولة لصرف الانتباه عن المشكلة الأساسية، وهي تدهور النشاط التجاري بسبب الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023. منذ بداية الحرب، توقفت عمليات الاستيراد الرئيسية عبر الميناء، وعلى رأسها استيراد السيارات، وهو المصدر الأساسي للدخل. نتيجة لذلك، انخفضت إيرادات الميناء بأكثر من 80% في عام 2024، وأصبح الميناء يعمل فعليًا بشكل جزئي أو متوقف منذ ما يقرب من عام وأربعة أشهر.
يوظف الميناء حاليًا 107 عاملًا، وبعد محاولات فاشلة لإيجاد حلول بديلة، اضطرت الإدارة إلى إرسال 21 عاملًا إلى إجازة غير مدفوعة وتقليص ساعات العمل للآخرين. كما قررت الإدارة في شهر مارس الماضي فصل 18 موظفًا إضافيًا، وهو ما أثار غضب الهستدروت، التي اتهمت الإدارة باتخاذ القرار أثناء مفاوضات نشطة مع الحكومة.
في رسالة وجهها رئيس اتحاد عمال النقل والموانئ في الهستدروت، المحامي إيال يادين، إلى سلطة الملاحة والموانئ، أُشير إلى أن إدارة الميناء حاولت منذ بداية الحرب تسريح ما يصل إلى 50% من الموظفين. كما اتُهمت باستخدام مرافق الميناء لأغراض لا علاقة لها بالتشغيل البحري، مثل إسكان عمال الفنادق وتحويل المخازن إلى قاعات.
من جهته، دافع الرئيس التنفيذي للميناء، جدعون غولبر، عن أداء الشركة، متهمًا النقابة بتضليل العمال والإدارة عبر ادعاءات غير صحيحة بشأن التفاوض مع وزارة المالية لتأمين رواتب الموظفين. واعتبر غولبر أن الشركة تعمل جاهدة للحفاظ على كل موظف، حيث تم دفع الرواتب من الأموال الخاصة للمالكين طيلة أكثر من عام، في وقت لم تتلق فيه الشركة أي دعم حكومي، بخلاف قطاعات أخرى مثل تجارة التجزئة التي حصلت على مساعدات خلال جائحة كورونا.
وأكد غولبر أن إدارة الميناء طلبت من الحكومة إعادة توجيه واردات السيارات إلى إيلات، وتأمين رصيف في البحر المتوسط، وتقديم دعم مالي لتغطية التكاليف الإضافية التي يتحملها المستوردون عند استخدام قناة السويس. كما توجهت الشركة للولايات المتحدة للمطالبة بمصادرة أموال من الحوثيين والإيرانيين تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بالميناء جراء الحرب.
أما فيما يخص الجاهزية التشغيلية، فأوضح مصدر في إدارة الميناء لموقع كالكاليست أن جميع الادعاءات المتعلقة بالمعدات – مثل الحديث عن رافعة غير صالحة – تعود إلى معدات قديمة خارجة عن الخدمة منذ أكثر من 15 عامًا ولا تُستخدم حاليًا. وأشار إلى أن النقابة تطرح هذه القضايا لصرف النظر عن فشلها في تقديم حلول حقيقية لموظفيها.
ببساطة، تقول إدارة الميناء: “لا يوجد كيان تجاري يمكنه مواصلة دفع الرواتب دون دخل طوال 16 شهرًا. نحن نحارب من أجل بقاء كل موظف، وعلى الهستدروت التركيز على مسؤولياتها الحقيقية بدلًا من التدخل في مسائل تنظيمية وتقنية لا تعنيها”.
مقالات ذات صلة: المجموعة الهندية المالكة لميناء حيفا مستاءة من “التمييز” لصالح الميناء الصيني