في خطوة تصعيدية بالغة القوة ضمن الحرب التجارية المتفاقمة بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلنت الصين عن تجميد تصدير مجموعة واسعة من المعادن النادرة المستخدمة في صناعات حيوية مثل السيارات والطيران والدفاع وأشباه الموصلات، كردّ مباشر على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي وصلت مؤخرًا إلى 145%.
وبحسب ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، أوقفت سلطات الموانئ الصينية شحنات المعادن النادرة المطلوبة في إنتاج سيارات، وطائرات دون طيار، وروبوتات، وصواريخ، بانتظار الانتهاء من إعداد لوائح تنظيمية جديدة من المتوقع أن تضع قيودًا دائمة على التوريد لبعض الشركات، من بينها الشركات الرئيسية التي تتعامل معها وزارة الدفاع الأميركية، ما يعني استهدافًا مباشرًا للصناعات العسكرية الأمريكية.

قيد التصدير والمعادن الست النادرة
منذ يومين فقط، أعلنت بكين عن فرض قيود تصدير على ستة أنواع من المعادن النادرة التي تُكرَّر في الصين. ويُشترط الآن الحصول على ترخيص خاص لتصدير هذه المواد، ما يمنح الحكومة الصينية سيطرة أكبر على تدفقها العالمي.
ورغم أن صادرات الصين من هذه المواد إلى الولايات المتحدة تمثل نسبة ضئيلة من مجمل الصادرات الصينية، إلا أن تأثيرها المحتمل على الولايات المتحدة كبير، بالنظر إلى أهمية هذه المواد في صناعات حساسة. إذ تحتاج السيارات الكهربائية، والطائرات المُسيّرة، والأنظمة العسكرية المتقدمة إلى هذه المعادن النادرة التي لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة.

ضرر مباشر على الصناعات الأميركية
تشمل التأثيرات المحتملة توقف إنتاج محركات الطائرات والليزر، وكذلك أشباه الموصلات التي تُستخدم في الذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية. حتى السيارات التي تعمل بالبنزين تعتمد في أنظمتها على هذه المعادن، ما يجعلها ضرورية لتشغيل قطاعات واسعة من الاقتصاد الأميركي.
وفي هذا السياق، عبّر دانيال بيكارد، رئيس لجنة الاستشارة الخاصة بالمعادن النادرة في مكتب مفوض التجارة الأميركي، عن قلقه من ندرة هذه الموارد، قائلاً: “نعم، سيكون لتقييد التصدير تأثير بالغ على الولايات المتحدة”. لكنه أشار في المقابل إلى أن استمرار هذا النوع من القيود قد يضرب سمعة الصين كمزوّد موثوق به على المستوى العالمي.
أمن أميركا في الميزان… وميزان الصين ثقيل
غير أن التهديد الأكبر، بحسب ما يرى محللون أميركيون، يتمثل في التأثير على الإمدادات العسكرية. إذ أوضح جيمس ليتينسكي، الرئيس التنفيذي لشركة MP Materials، أن “الطائرات المسيّرة والروبوتات تُعد مستقبل الحروب، وما نراه اليوم هو تعطيل لأحد أهم مفاتيح سلاسل الإمداد الدفاعية المستقبلية”.
وبحسب دراسة ألمانية، بلغت حصة الصين حوالي 60 بالمئة من تعدين المعادن الأرضية النادرة في العالم في عام 2023، ووصلت حصتها من المعالجة الإضافية إلى 93 بالمئة. وهو ما يفسّر محاولات ترمب الحثيثة لكسر هيمنة الصين في هذا المجال عبر إبرام اتفاق معادن مع أوكرانيا، أو شراء الجزيرة الأكبر في العالم، غرينلاند، التي تمتلك واحدة من أكبر المخزونات للمعادن النادرة في العالم.
مقالات ذات صلة: مطالب ترمب من دول العالم لتخفيض الرسوم الجمركية… القيود على الصين والغاز الأمريكي على رأس القائمة