
تلقى سوق الرقائق الإلكترونية العالمية ضربة قاسية بعد إعلان شركة Nvidia الأميركية أنها ستسجل خسارة بقيمة 5.5 مليارات دولار في تقريرها المالي للربع الأول من العام، نتيجة قرار الإدارة الأميركية حظر تصدير شرائح H20 إلى الصين. جاء الإعلان بعد أن أبلغت الحكومة الأميركية الشركة بضرورة الحصول على ترخيص خاص لتصدير هذه الشرائح، بما يشمل هونغ كونغ ومنطقة ماكاو أيضًا. وتعتقد Nvidia أن فرص حصولها على هذا الترخيص ضئيلة جدًا، ما دفعها لاتخاذ قرار الشطب.
هذا الإعلان المفاجئ دفع سهم Nvidia للانخفاض بنسبة 6.3% بعد الإغلاق، بينما أشعل حالة ذعر واسعة في السوق العالمية، حيث فقدت شركتا Nvidia وASML مجتمعتين ما يقارب 155 مليار دولار من قيمتهما السوقية خلال دقائق معدودة. وقد سجلت أسهم ASML، الشركة الهولندية المصنعة لأجهزة صناعة الرقائق، تراجعًا بنسبة 7.6% في بورصة أمستردام بعد نشر نتائج فصلية مخيبة للآمال.
Nvidia التي كانت تصدر إلى الصين شرائح H20 الأقل أداء مقارنة بشرائح H100 وH200 التي تسوّق في الأسواق الغربية، حققت مبيعات سنوية في السوق الصينية تتراوح بين 12 و15 مليار دولار، ما يجعلها السوق الرابعة من حيث الأهمية بعد الولايات المتحدة وسنغافورة وتايوان. لكن فرص الوصول إلى هذا السوق آخذة في التلاشي مع ازدياد القيود الأميركية التي تنذر بتحوّلها إلى سياسة دائمة بدافع المخاوف من صعود الصين في قطاع التكنولوجيا.
شركة ASML لم تتمكن من تحديد حجم الضرر المتوقع من الرسوم الجمركية الأميركية والتوترات التجارية، لكنها حذّرت من تأثيرها السلبي على الطلب العالمي. التبعات كانت واضحة أيضًا في أسواق آسيا، حيث تراجعت أسهم شركات كورية ويابانية رائدة: سجل سهم SK Hynix انخفاضًا بنسبة 3.9%، وAdventest اليابانية بنسبة 7.8%، بينما انخفض سهم TSMC التايوانية بنسبة 2.9%.
في الصين، يزداد القلق من العزلة التقنية المحتملة. ففي الوقت الذي أصبحت فيه صادرات الرقائق المتقدمة محظورة بالكامل، فإن شرائح H20 كانت الملاذ الأخير. ومع فقدانها، تتزايد المخاوف من شلل في سلسلة الإمداد المتعلقة بالطائرات بدون طيار، والروبوتات، وأقمار الاتصالات، وحتى الهواتف الذكية. ومع ذلك، يرى محللون أن هذه التطورات قد تسرّع من انتقال الصين نحو الاستقلال التكنولوجي الكامل، حتى وإن كان الأداء لا يزال أقل من منتجات Nvidia.
تأتي هذه المستجدات في ظل موجة رسوم جمركية تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث وصلت نسبة الرسوم على البضائع الصينية إلى 145%. في المقابل، فرضت بكين رسوماً انتقامية بنسبة 125% على البضائع الأميركية، وقيودًا إضافية على صادرات المعادن النادرة، وأمرت شركات الطيران الصينية بوقف شراء الطائرات من شركة Boeing.
وفي ظل هذه الديناميكية الجديدة، فإن محاولة فصل الاقتصادين الأميركي والصيني عن بعضهما البعض بدأت تأخذ طابعًا بنيويًا لا يبدو أنه سينتهي قريبًا. ولا تزال الأسواق بانتظار ما ستؤول إليه هذه المواجهة، التي تهدد بإعادة تشكيل مستقبل التكنولوجيا العالمية.
مقالات ذات صلة: الصين تستمر في ردودها وتمنع شركات طيرانها من شراء طائرات بوينغ الأمريكية