سوق العقارات في دبي تحت التهديد بسبب رسوم ترمب الجمركية

أسعار العقارات في دبي بدأت تشهد تباطؤًا في الارتفاع، وذلك في أعقاب انخفاض أسعار النفط وحالة عدم اليقين التي تُثني المستثمرين الأجانب عن الدخول للسوق.
أيقون موقع وصلة Wasla
زينب فتاح
Bloomberg
1 2
دبي. الأسعار قفزت بنسبة 70% خلال أربع سنوات الصورة: بلومبرغ / كريستوفر بايك

خلال السنوات الأربع الماضية، قفزت أسعار العقارات في دبي بنسبة 70%، وهي زيادة حادة تفوق ما شهدته مدن كبرى أخرى حول العالم. والآن، هذا السوق المزدهر يواجه أكبر تهديد منذ جائحة كورونا، بسبب الاضطراب الذي تسببت به الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

توقعات الاقتصاد في دول الخليج المعتمدة على النفط أصبحت أكثر قتامة مؤخرًا، في ظل هبوط سعر برميل النفط الخام إلى ما دون 65 دولارًا نتيجة الحرب التجارية وقرار منظمة أوبك زيادة الإنتاج. وفي الوقت نفسه، هذه الحالة من عدم اليقين بدأت تثني المشترين الأجانب الأثرياء الذين يُعدّون من أهم شرائح سوق العقارات في دبي.

أسعار المنازل في الإمارة بدأت بالفعل بالاعتدال في الأشهر الأخيرة، وحتى الارتفاع السنوي البالغ 16% في العام الماضي كان أبطأ من ارتفاع بنسبة 20% في عام 2023.

لكن الآن، تتزايد المخاوف من أزمة عقارية أكثر خطورة في دبي، بحسب محللين. ويقول محمد علي ياسين، مؤسس ومدير عام شركة “أوراكل للاستشارات والاستثمارات المالية”، إن تراجع اقتصادات المنطقة بسبب انخفاض أسعار النفط قد يؤدي إلى تقليص عدد الوظائف المتاحة للأجانب، والذين ساهموا بدور كبير في تحفيز سوق العقارات المحلي

2 2
بورصة دبي الأسبوع الماضي. السوق المحلي يتأثر بأي أزمة في الأصول الدولية تصوير: فاطمة شبير / AP

في الوقت نفسه، فإن الاستثمارات الأجنبية الكبيرة في سوق العقارات بدبي تجعله يتأثر بأي أزمة في الأصول الدولية، كما يقول تيمور خان، رئيس قسم الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة الخدمات العقارية JLL. ويضيف: “السؤال هو ما إذا كانت الشركات العالمية، التي تواجه حالة عدم يقين في أسواقها المحلية، سترغب في الاستمرار بالاستثمار هنا”.

يعتمد وضع سوق العقارات في دبي إلى حد كبير على سعر النفط. ففي بداية عام 2020 وكذلك في عام 2014، تراجعت أسعار المنازل بالتوازي مع هبوط أسعار النفط. فقد انخفضت أسعار المنازل المتوسطة في دبي بنسبة 33% بين عامي 2014 و2020، بعد أن انهارت أسعار النفط  وتقلصت إيرادات الدولة.

الأسواق تؤثر على بعضها

صحيح أن ترمب جمّد معظم الرسوم الجمركية التي فرضها في بداية الشهر، لكنه رسومًا جمركية نسبتها 145% لا تزال قائمة على الصين، وهي  أكبر مستهلك للنفط من الشرق الأوسط. ويقول محمد علي ياسين من مكتبه في أبو ظبي: “الناس لا يأخذون بالاعتبار بما فيه الكفاية تأثير تباطؤ النمو في الصين وتراجع الطلب على النفط على أسواقنا”. ويضيف: “إنفاق الحكومة والمشاريع سيتضرر إذا بقيت أسعار النفط قريبة من 60 دولارًا للبرميل، وسيكون لذلك تأثير سلبي على الوظائف والنشاط الاقتصادي على المدى الطويل”.

وقد حذّرت مؤسسة غولدمان ساكس من أن السعودية قد تعاني من قفزة في العجز المالي هذا العام إلى 67 مليار دولار، وقد تُضطر إلى تقليص خطتها الطموحة، التي تبلغ قيمتها تريليونات، لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد حديث. وتؤثر التوقعات بشأن السعودية على دبي، لأن العديد من الشركات أقامت مقراتها الرئيسية ومراكز عملياتها الإقليمية في دبي. وبالتالي، فإن تقليص مشاريع البناء في السعودية قد يؤثر أيضًا على توظيف العمال في دبي.

ارتفعت أسعار المنازل السكنية في دبي بنسبة 69.8% بين نوفمبر 2020 وديسمبر 2024، وفقًا لشركة الأبحاث نايت فرانك. ويعود هذا الارتفاع، من بين أسباب أخرى، إلى طريقة تعامل الحكومة مع جائحة كورونا وسياسة التأشيرات الليبرالية. وقد سارع العديد من المستثمرين الأثرياء – من الروس الذين أرادوا حماية أصولهم إلى مليونيرات من سوق العملات الرقمية – إلى دخول السوق.

3 1
سوق الذهب في دبي تصوير: ألطاف قدري / AP

في هذه الأثناء، يقول مطوّرون عقاريون إنهم لا يزالون ينجحون في بيع العقارات بسرعة. محمد بن غاطي، رئيس شركة “بن غاطي القابضة” للعقارات، يقول إن الشركة تمكنت من إتمام جميع صفقات البيع المخطط لها خلال الأسبوع الأخير المتقلب.

بالإضافة إلى ذلك، يقول لويس هاردينغ، المدير العام لشركة “بيتر هومز” في دبي، إن أسعار النفط ربما لم تعد تؤثر كما في السنوات السابقة، لأن الإمارة تملك الآن أدوات مثل “التأشيرات الذهبية” طويلة الأمد التي تشجع الأجانب على البقاء حتى في فترات التباطؤ الاقتصادي.

كما أن ضعف الدولار يُعد ميزة للمشترين الأجانب، لأن عملات دول الخليج مربوطة بالدولار. وقد انخفض مؤشر الدولار التابع لوكالة بلومبرغ بنسبة 2.4% الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكتوبر.

شركة التطوير العقاري الأكبر في دبي، “إعمار العقارية”، تراجعت بأكثر من 10% منذ إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل، بينما تراجعت منافستها “الدار” بأكثر من 5% خلال نفس الفترة. ومع ذلك، لا تزال أسهم الشركتين أعلى بنسبة 40% مقارنة بمستواها قبل عام.

المقال منشور في وصلة بإذن خاص من موقع The Marker

مقالات مختارة