في اللحظة الأخيرة: لماذا أوقفت ميري ريغيف إصلاحًا تاريخيًا كان سيخفض تكاليف التأمين وصيانة السيارات؟

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
car carage
صورة توضيحية

قبل أيام فقط من موعد دخوله حيز التنفيذ، أوقفت وزيرة المواصلات ميري ريغيف إصلاحًا كان يُتوقع أن يحدث خفضًا ملموسًا في تكاليف التأمين على السيارات عبر معالجة واحدة من أكثر التشوهات تعقيدًا في سوق تصليح المركبات وقطع الغيار، وهي خطوة أثارت دهشة الأوساط الاقتصادية والتشريعية، خاصة أن الخطة تمت بلورتها بموافقة جميع الجهات المهنية، من وزارة المواصلات إلى سلطة سوق المال وسلطة هيئة المنافسة.

الإصلاح المقترح كان يهدف إلى تعديل طريقة تقدير تكلفة إصلاح الأضرار في السيارات. بحسب النظام القائم منذ عام 1980، يُجبر المخمنون على تقدير تكلفة التصليح استنادًا إلى السعر المعلن (قائمة الأسعار الرسمية) لقطع الغيار التي تحددها شركات الاستيراد، رغم أن الميكانيكيين يشترون القطع فعليًا بأسعار أقل بكثير — بفارق يتراوح بين 45% و60% من سعر القطع الأصلية، وبين 60% و85% من سعر القطع البديلة.

بحسب مثال أورده موقع كالكاليست الاقتصادي، يبلغ سعر غطاء محرك سيارة مرسيدس GLE 350 وفق القائمة الرسمية نحو 26 ألف شيكل، لكن أحد الكراجات اشتراه مقابل 11,780 شيكل فقط من المورّد، أي أقل بنحو 55% من السعر الذي يُلزم به المخمن. هذا الفارق يؤدي إلى تضخيم تكاليف مطالبات التأمين، ما ينعكس على المواطن عبر أقساط تأمين مرتفعة تفرضها الشركات.

التقديرات الرسمية تشير إلى أن السوق يعاني من تشوّه يُقدَّر بمئات ملايين الشواكل سنويًا، ويستفيد منه بعض الورش وشركات قطع الغيار والمستوردين. أما المواطن، فيدفع الثمن من خلال زيادات حادة ومتواصلة في أسعار التأمين على السيارات، التي باتت تشكل عبئًا حقيقيًا على كلفة المعيشة في البلاد.

كان من المفترض أن تُوقّع الوزيرة ريغيف على أمر تنفيذ الإصلاح حتى الأول من مايو 2025، وهو ما لم يحصل. القرار، الذي جاء بمثابة انعطافة مفاجئة، أوقف الخطة بكاملها. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن المبررات الرسمية التي قدمتها ريغيف وردت في رسالة داخلية وجهتها لوزارتها، حيث عبرت عن خشيتها من أن تصب التغييرات في صالح شركات التأمين فقط، بينما تضر بالكراجات، سواء كانت مرتبطة باتفاقيات مع شركات التأمين أم لا.

وأشارت الرسالة إلى أن الإصلاح قد يحد من المنافسة، بل وقد يقلص من حرية الزبون في اختيار كراج التصليح. لذلك، ترغب ريغيف في طرح مشروع قانون بديل بالتعاون مع وزير الاقتصاد نير بركات ورئيس لجنة الاقتصاد دافيد بيتان، قد يتضمن قيودًا على تدخل شركات التأمين في سوق قطع الغيار.

إلا أن قرار ريغيف أثار انتقادات واسعة، خاصة من الجهات التي شاركت في إعداد الإصلاح، والتي رأت فيه خطوة متسرعة وغير مبررة. فحسب هذه الجهات، كان بالإمكان تمرير الإصلاح بالتوازي مع طرح القانون الجديد، بدلًا من تجميد العملية بالكامل، وهو ما أدى عمليًا إلى نسف جهود عامين كاملين.

من جهتها، نفت وزارة المواصلات أنها تعرقل الإصلاح، وادعت أنها تعمل على تحسينه ضمن منظومة شاملة لقانون خدمات ومنتجات السيارات. وأشارت إلى أن الوضع القائم، حيث تمارس شركات التأمين تأثيرًا غير متوازن على تكلفة الإصلاح، يسهم في رفع الأسعار، وأن الإصلاح المقترح هدفه إحداث شفافية وإنصاف في السوق.

أوساط مهنية داخل الوزارة وفي الكنيست رأت أن السبب الحقيقي وراء التراجع هو الضغط الذي مارسه اتحاد كراجات التصليح، المعروف بنفوذه القوي، خاصة داخل حزب الليكود. وادعى بعض المطلعين على مجريات الأمور أن ريغيف لم تكن في أي وقت مستعدة لتوقيع الإصلاح، وأن الرفض كان محسومًا منذ البداية.

وكان الإصلاح قد تضمّن عدة بنود لصالح الورش، من بينها: السماح التدريجي لمزيد من الورش الخاصة بالانضمام إلى شبكة “ورش التعاقد” المعترف بها من قبل شركات التأمين، تحميل شركات التأمين مسؤولية توفير سيارة بديلة للمستهلك، وتقصير مهلة الدفع للورش من 60–90 يومًا إلى 30 يومًا فقط. كما شمل تحديثًا لأتعاب المخمنين وآلية اختيارهم.

إلا أن كل هذه البنود باتت الآن في مهب الريح، نتيجة لتراجع الوزارة عن التنفيذ. وفيما يُنتظر من ريغيف تقديم بديل تشريعي فعال، فإن الواقع يشير إلى أن إصلاحًا وُصف بأنه “الأول من نوعه منذ 40 عامًا” قد تلاشى — على الأقل في الوقت الحالي — لتستمر معاناة المواطنين من أقساط تأمين مرتفعة، في ظل نظام غير شفاف يكرّس الاحتكار ويكافئ الفاعلين الكبار على حساب المستهلك العادي.

مقالات ذات صلة: الثورة التي قد تخفّض أسعار السيارات مخبّأة في درج الحكومة

مقالات مختارة