كشفت دائرة الإحصاء المركزية عن أرقام غير مسبوقة في سوق العمل، تشير إلى نقص حاد في العاملين، حيث بلغ معدل العرض مقابل الطلب أدنى مستوى له منذ بدء تسجيل البيانات عام 2012. فبحسب التقرير الأخير، يتوفر حاليًا عاملان فقط يبحثان عن عمل مقابل كل وظيفة شاغرة، ما يُعدّ أدنى نسبة تم تسجيلها منذ أكثر من عقد، ويدلّ على أزمة هيكلية في توافر الأيدي العاملة في السوق المحلي.
هذه الفجوة بين العرض والطلب تعكس تحولًا جذريًا في ديناميكية سوق العمل، والذي أصبح يشهد منافسة قوية بين أصحاب الأعمال لجذب عمال نادرين، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضغوط لرفع الأجور في بعض القطاعات. إلا أن هذا التوجّه قد يساهم في تسريع وتيرة التضخم، ما يزيد من أعباء المعيشة في بلد يعاني أصلًا من ارتفاع تكاليف السكن والغذاء والخدمات.

قطاعات تعاني من نقص حاد في العمال
تشير البيانات إلى أن قطاعي الصناعة والتنظيف يعانيان من أكبر نقص في العمال، ففي مجال تشغيل الآلات والمرافق الصناعية الثابتة، وكذلك بين عمّال التنظيف والمساعدين، هناك وظيفتان شاغرتان مقابل عامل واحد فقط يبحث عن عمل، ما يعني نسبة عرض مقابل طلب هي 0.5. في قطاع البناء، الوضع ليس أفضل بكثير، حيث يصل المعدل إلى 0.9، ما يعني أن عدد الباحثين عن عمل لا يساوي حتى عدد الوظائف المتاحة.
في المقابل، تسجّل قطاعات أخرى مثل السكرتارية فائضًا في عدد الباحثين عن عمل، حيث يوجد خمسة باحثين عن عمل لكل وظيفة شاغرة، أي نسبة تفوق 5.
الواقع الأمني يزيد الضغوط
جزء من هذا النقص في الأيدي العاملة خلال عام 2024 مرتبط بظروف الحرب، حيث تم منع دخول آلاف العمال من الضفة الغربية، بينما جرى استدعاء أعداد كبيرة للخدمة العسكرية الاحتياطية، ما أدّى إلى فقدان فوري في بعض قطاعات العمل. هذا النقص أجبَر أصحاب الأعمال على البحث عن بدائل عاجلة، بما في ذلك توظيف عمّال غير مهرة أو اللجوء إلى العمال الأجانب من دول ثالثة.
مقالات ذات صلة: مشاركة الرجال العرب في سوق العمل تراجعت من 85% في 2014 إلى 77% عام 2022