الثلاثاء, يوليو 2, 2024 13:44

كيف تثبّت محلّات السوڤينير الوجود الفلسطينيّ في البلدة القديمة

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
كان الطقس باردًا، والبلدة القديمة شبه خالية في النهار. نزلنا من باب الخليل إلى سوق البازار. دعانا رجلٌ يجلس قرب مدخل محلّه للدخول، مزينًا دعوته بابتسامة دافئة. على الواجهة الزجاجيّة قرأنا اسم المحلّ سنجلاوي – Sinjlawi ورقمه 63. 
unnamed
واجهة محل السنجلاوي

فور دخولنا، جذبتنا الهالة المنبعثة من المكان. مشينا في مهرجان من الألوان، عبر أقسام المحل الثلاثة، يرافقنا صاحبه السيّد عمر حمد، بينما يشير بيده بشغف إلى صحن سيراميك هنا، أو تطريزة مزخرفة هناك، أو مجموعة من القناديل والعقود المتدلية كالعناقيد في قسم المحّل الثاني، أو صندوق مغربيّ مُطعّم بالمرجان في القسم الثالث الشبيه بمغارة علاء الدين.

دعانا السيّد عمر إلى شرب القهوة. جلسنا على كرسيّين دمشقيّين خشبيّين، أمام طاولة مرصّعة بالأحجار الكريمة، ودار بيننا هذا الحديث الودّيّ.

unnamed 8
القسم الأول من معروضات المحل

الصورة الكبيرة: في البداية تحدّثنا عن القدس، التي يعرفها السيّد عمر حمد جيّدًا، فقد وُلِدَ في البيت فوق المحلّ، وقضى طفولته والجزء الأكبر من حياته فيها. تحزنه حالتها الحاليّة، حيث لا زوّار أو سيّاح بسبب أجواء الحرب. يقول “تُثبّت محلّات السنتواري (السوڤينير) الوجود العربيّ في البلدة القديمة، وتعمل على نقل وجهة نظرنا إلى الزائرين من كلّ أنحاء العالم، وتقديم صورة حضاريّة وجماليّة عن بلادنا”. ثمّ يضيف “للأسف، الآن الوضع الاقتصادي للتجّار سيّء للغاية، ويخشى العديد منهم ألّا يعودوا قادرين على الاستمرار“.

فلاش باك: يتحدّث عن تاريخ عائلته ورحلاتها “… لم تكن قرية سنجل التي يحمل المحلّ اسمها سوى محطّة على طريق سفر عائلتنا من بلدة فلسطينيّة إلى أخرى، وكما على المطر المسافر بالغيوم أن يجد سلامه في النهاية بأحد الآبار (يشير أثناء الحديث إلى يمينه، نحو بئر المحلّ التي يبلغ عُمرها مئات الأعوام)، كذلك وجدتْ عائلتنا ملاذها في القدس”. 

يُكمِل سرد القصّة، “أنا وإخوتي درسنا وعملنا في أمريكا، لكنّنا لم نتحمّل البعد عن القدس. كان هدف الرحلات جميعها التي قمتُ بها عبر السنوات إلى فاس وإسطنبول ومراكش وسمرقند وبخارى وغيرها، أن أجلب قطعًا ساحرة من كلّ مدينة كي أهديها إلى القدس التي أُحبّ. كلّ طرق الحرير القديمة بالنسبة إليّ تلتقي في النهاية في القدس”.

unnamed 7
القسم الثاني من المحل

أكثر من مجرّد محلّ تجاريّ: يشرح السيّد عمر علاقتهم الخاصّة بزوّار المحلّ، الذين يصفهم بالعائلة لا بالزبائن “العديد منهم  يأتون في كلّ زيارة للقدس خصيصًا عندنا، حيث أصبح محلّنا يشكّل لديهم أحد معالمها التاريخية. يتبادلون معنا أحاديث الحياة والأخبار الحميميّة كأفرادٍ من العائلة، ويتناولون الفطور المقدسيّ الشهير، المزيّن بزيت الزيتون الأصليّ من أراضي قرية سنجل“.

بين السطور: يخبرنا السيدّ عمر عن وجهة النظر التي شكّلت وجه محلّه عبر الأيّام، بعد أن كان في الماضي ملحقًا صغيرًا بمحلّ الصرافة الذي أداره جدّه ووالده ” كانت فلسفة المحل منذ البداية أن نقدّم تجربة خاصّة لزائرينا، أن نصنع متحفنا الخاص، الذي يسمح لك بالحصول على أثمن مقتنياته، حيث كلّ قطعة فريدة لا تتكرّر مرّتين. اخترناها بأيدينا من بلد المنشأ، مراعين تناغمها مع روح المحّل وروح القدس، وأن تشكّل وِحدةً جماليّةً مع منتجات التراث الفلسطينيّ الموجودة في محلّنا“.

unnamed 6
القسم الثالث من المحل

زوم إن: سألناه عن قطعه المفضّلة في المحلّ، والتي يدعو الله أحيانًا ألّا يشتريها أحد، فأجابنا “السيف المملوكيّ المزخرف من القاهرة، وطاسة الرعبة النادرة المحفورة بالآيات من دمشق، الخوذة المغوليّة الفضّيّة من بخارى، والجرّة المزركشة من إسطنبول، والصندوق المطعّم بالمرجان المصنوع بيد صانع ماهر من مراكش”.

لكن: يتمنّى السيّد عمر ألّا يقتصر روّاد المحلّ على السيّاح والأجانب، وأن يمتلئ بالزوّار من جميع المناطق الفلسطينيّة، يقول “أرغب أن نقدّم هذا الجمال إلى أهل بلدنا أيضًا، فهم يستحقّون مثل غيرهم الحصول على هذه القطع الفريدة. أتمنّى منهم زيارتنا، وأقول لهم، أحيانًا ما تبحثون عنه بعيدًا يوجد قريبًا منكم“.

صفحة المحلّ على الفيسبوك: https://www.facebook.com/Sinjlawi
unnamed 4
السيف المملوكي
unnamed 5
الجرّة المزركشة
unnamed
الصندوق المغربيّ
unnamed 3
طاسة الرعبة

unnamed 2
السيّد عمر حمد

مقالات مختارة

Skip to content