فلاش باك: هل تذكرون محرّك البحث Yahoo؟ كان بوّابة الإنترنت الرئيسيّة بين 1999-2003، قبل أن يقوم Google بانقلاب ويحتكر البحث الرقميّ، وعوائد بالمليارات عن إعلانات مرتبطة بالنتائج، ليرسل Yahoo –الذي فشل بمواكبة التطوّرات- إلى تقاعدٍ مبكّر مع فُتات حصّته السوقيّة السابقة.
لماذا يهمّ الأمر: خلال أكثر من 20 عامًا شكّل Google حجر الزاوية في عالمنا الرقميّ. لكن، بعد زواج Bing ذي البنية التكنولوجيّة المتطوّرة، مع ChatGPT بقدرته على المحادثة التي أذهلت العالم، وُلِدَ Copilot (يعني اسمه “مساعد الطيار”)، وهو المولود الذي قد يُزيح الملك عن عرشه، ويغيّر مملكة الإنترنت كما نعرفها.
التفاصيل:
- يعمل Google مثل أمين مكتبة تقليديّ، لكنّه للأمانة ماهر للغاية. تطلبون منه مشورة في الفيزياء مثلًا، فيدلّكم على مجموعة مصادر رائعة. وسيتحتّم عليكم أن تكملوا وحدكم بعدها، وتتفحّصوا ما قدّمه لكم حتّى تجدوا ضالتكم. بينما يشبه Copilot أن يكون آينشتاين مساعدكم الشخصيّ، يزوّدكم بحلّ المسألة الفيزيائيّة (أو غيرها) مباشرة، يشرحها لكم بتمهّل، ويجيب كافّة استفساراتكم.
- يشترك ChatGPT 3.5 مع Copilot في النموذج اللغوي، إلّا أنّ الثاني متّصل بالإنترنت، أي أنّ معلوماته محدّثة على الدوام، ولا تتوقّف عند سنة 2022 كالأوّل. كذلك، يتفوّق Copilot بمعرفته لمستخدميه، إذ يمكنه الوصول لقواعد البيانات الخاصّة بخدمات مايكروسوفت العديدة، ما يجعل أجوبته مفصّلة أكثر على مقاس كلّ مستخدم.
الصورة الكبيرة: لا يقتصر التنافس بين العملاقين ألفابيت (الشركة الأُمّ لغوغل) ومايكروسوفت على محرّكات البحث، بل هو سباق محموم من أجل الوصول السريع إلى نوع الذكاء الاصطناعي الذي سيشكّل كافّة نواحي حياتنا في المستقبل. وتعمل الشركتان منذ الآن على دمجه ضمن خدماتهما التي نستعملها يوميًّا، فقد أعلنت مايكروسوفت، على سبيل المثال، تضمينه داخل برامج الأوفيس.
صحيح، لكن: لا يزال محرّك Google متصدّرًا بفارق كبير عن أقرب منافسيه Bing، بحصّة سوقيّة تقدّر عام 2023 بـ 91.47 بالمئة (بتراجع 1.5 بالمئة عن حصّته في 2022). وقد أطلقت Google روبوت الدردشة الخاصّ بها Bard (غيّرت اسمه مؤخّرًا إلى Gemini) الذي يقدّم خدمات تشبه ChatGPT، ولا يزال قيد التطوير. ومع إمكانيّات غوغل الهائلة، وخدماتها المتشعّبة (متصفّح كروم، محرّك البحث، غوغل درايف، جيميل، نظام أندرويد…)، فإنّنا لن نتوقّع انقلابًا أبيضَ أبدًا، بل معركة طويلة وشاقّة.
ما بين السطور: لا شكّ أنّ هذا التنافس يصبّ في مصلحة المستخدمين، ويقدّم لهم خدمات مبتكرة طوال الوقت. لكنّه يعزّز قدرة شركات التكنولوجيا العملاقة على توجيهنا لتحقيق أهدافها، ناهيكم عن مخاطر الذكاء الاصطناعي التي يتنبّأ الخبراء بها، كأن يكتسب “وعيًا” خاصًّا يجعله يستقلّ بقراراته.