فلاش باك: قبل عقود، كان الوفاء في العمل أشبه بعقدٍ ضمنيّ بين الموظّفين وشركاتهم. كان يُمكن أن يتقاعد موظّفٌ في الشركة ذاتها التي توظّف فيها بعد تخرّجه من الجامعة. كان المستقبل المهنيّ أكثر وضوحًا وأقلّ تقلّبًا.
لماذا يهمّنا الأمر: للأسف، فإنّ الوفاء غائبٌ عن قاموس العديد من الشركات في زمننا الحاليّ، رغم أنّنا نفضّل الشعور بالاستقرار والأمان الوظيفيّ الذي يولّده الإخلاص المتبادل بين الإدارة والموظّفين. وفي كثيرٍ من الأحيان، لن تشفع لك جهودك السابقة وتضحياتك كي لا تُسرَّح من عملك. وسيفيدك كثيرًا أن تُضيف تعديلًا إلى تعريف الوفاء في العمل لديك، سيحميك على الأقلّ من خيبة الأمل.
الصورة الكبيرة: في المخطّط الكبير لمسيرتك المهنيّة، يجب أن يكون الوفاء متبادلًا ومفيدًا لجميع الأطراف. لكنّ الولاء الأعمى لشركتك الذي لا يتمّ تقديره، والذي لا تمسك ثماره بيديك رغم كلّ الجهود، سيؤدّي حتمًا إلى إعاقة فرص نموّك وتقدّمك، وسيقلّل من شعورك بالرضا عن نفسك وعملك.
التفاصيل: يأخذ الولاء للعمل أشكالًا مختلفة، كأن تؤدّي عملك بالشكل الملائم دون إهدارٍ للوقت والموارد، وتعمل ساعاتٍ إضافيّة عندما تقع الشركة في ظروفٍ صعبة، ولا تبخل على مديريك وزملائك بالدعم والمساعدة. وفي المقابل، فإنّك تتوقّع من شركتك زيادات في الراتب، وصعودًا في السلّم الوظيفيّ يوازي جهودك، وعدم تمييزٍ بين موظّفيها، وصقلًا وتدريبًا لمهاراتك، وعلاقةً صحيّةً تعترف بأهمّيتك للعمل.
لكن: ليس الوفاء في العمل شارعًا باتّجاه واحد، بل هو علاقة تبادليّة بين طرفين، أنتَ وشركتك. لذلك، إذا كنتَ تشعر أنّ شركتك لا تقدّر جهودك، وأنّها تفضّل زيادة أرباحها وتقليل نفقاتها على حساب موظّفيها، وأنّها تستسهل في الظروف الصعبة اللجوء إلى حلّ تسريح الموظّفين، فإنّ تفكيرك في مغادرة مركبها، وامتلاك خطّة بديلة، قبل أن تُطرَد على غفلةٍ منك، ليس دليلًا على قلّة الوفاء، كما قد يحاول مديرك تصويره، بل هو أكثر الحلول عدالةً ومنطقيّةً في حقّ مسيرتك المهنيّة.
نصيحة أخيرة: قبل أن تتّخذ قرارًا نهائيًّا بقطع ولائك لشركتك، وأن تقتصر في علاقتك معها على الحدّ الأدنى الضروريّ من الجهد والعطاء، وقبل أن تبدأ في البحث عن مركبٍ آخر يحملك في مسيرتك المهنيّة، فقد يكون الحوار الصريح مع مديرك، والذي توضّح فيه تحفّظاتك على العمل واقتراحاتك لطريقة سيره بشكل أفضل، فرصةً أخيرةً لعودة المياه إلى مجاريها، قبل القطيعة النهائيّة.