يقول مثلنا الشعبي المشهور “عندما يدخل الفقر من الباب يخرج الحب من الشباك” فهل فعلا تصبح الحياة الزوجية في أوقات الضائقة المالية حياة خالية من الحب والحنان ومليئة بالطاقات السلبية وحتى الحقد؟ بالنسبة للكثيرين ممن عايشوا ظروفا اقتصادية صعبة غالبا ما تكون الإجابة على هذا التساؤل إيجابية. الأزمة الاقتصادية أو المالية تؤثر سلبا، بل وأحيانا تُحطم العلاقة الزوجية وتودي بها إلى نهاية حزينة. لكن بالنسبة لآخرين الأزمة الاقتصادية قد تكون فرصة ذهبية للتأكيد على متانة العلاقة الزوجية وعلى الحب الحقيقي والصادق الذي يسود بين الزوجين في الأوقات الحلوة والمرة.
في أوقات الشدة والضيق قد يعتقد الزوجان أن الطريق الأسهل للتعامل مع آثار الأزمة الاقتصادية على حياتهم الزوجية هو طريق الانفصال والطلاق. وفي الغالب يعتقد كل من الزوجين أن المسؤول الأول عن الأزمة هو الطرف الآخر. فالزوج قد يرى أن سبب الأزمة الأساسي هو تبذير الزوجة وانفلات يدها على المشتريات والهدايا وإدارة ميزانية البيت دون مسؤولية أو حساب، وإذا كانت تعمل فدخلها صغير وغير كاف، وإذا كان ربة بيت فهي لا تجيد سوى الإنفاق ولا تقدّر المال لأنها لا تتعب من أجله. أما الزوجة فسترى أن زوجها إنسان فاشل لأنه لا يعرف كيف يكسب ما يكفي لمصروفات العائلة ولا يملك المهارات أو الذكاء لكي يكون رجل أعمال ناجح وثري بل أن مغامرته وأعماله هي التي أدت إلى دخول العائلة في أزمة اقتصادية.
بحساب بسيط وسريع يمكن أن نرى أن الطلاق لن يساعد في حل المشكلة فحسب. بل سوف يزيد الطين بلة. فتكاليف الانفصال بحد ذاتها كبيرة جدا وستحمل الطرفين أعباء مادية أخرى كانوا في غنى عنها، كاستئجار بيت إضافي ومصاريف المحاكم والمحامين والنفقة وما شابه. هذا دون الحديث عن الفقدان العاطفي والمساندة اللذين يضيعان مع الانفصال. يجمع الخبراء ومستشارو العلاقات الزوجية أن الطريق الأفضل للزوجين لتجاوز الأزمات المالية هو بالدعم والمساندة المتبادلين، لأنه عندما يشعر الزوج أو تشعر الزوجة أن الطرف الثاني سيبقى معه مهما كانت الظروف فإن تجنيد الطاقات للتعامل مع الأزمة بحد ذاتها يُصبح أسهل.
حسنا، الكلام سهل، لكن كيف يمكن من خلال الترابط العائلي والزوجي الخروج من الأزمة فعلا؟ هناك العديد من النصائح والأساليب التي يمكن اتباعها، وفيما يلي نورد لكما سبع نصائح جوهرية:
بدون عتاب
البحث عن المذنب بين الزوجين في حدوث الأزمة المالية هو الطريق الأقصر لتفاقم المشاكل الزوجية. تعاملوا مع الأزمة على أنها قدر مُنزل أصاب الخلية العائلية. تبديد الطاقات على كيف الاتهامات المتبادلة يؤخر، وقد يقضي، على جهود البحث عن الحل للخروج من الأزمة. الآن وقت البحث عن الحلول وعن الإمكانيات المتوفرة للتغلب عليها والانطلاق في طريق جديد وواعد.
بدون خوف
الأزمات المالية هي السبب الرئيسي للضغط النفسي للأرق والقلق والإحباط. لا يمكن التفكير في حل الأزمة إذا كانت هذه المشاعر هي التي تسيطر عليكما. التفكير العقلاني والمتأني هو الشرط الأساسي لابتكار الحلول، وبدل الغوص من الكآبة والإحباط فكرا بطريقة خلاقة وعملية. ابحثا عن الطرق المتوفرة لزيادة دخلكم وتقليل مصروفاتكم. فكرا سوية وتناقشا بهدوء واحترام دون فرض رأي على الآخر، لأن التنفيذ يحتاج إلى التكاتف والعمل المشترك.
ضحوا بالغالي من أجل الغوالي
بعد أن تدرسا وضعكم المادي بشكل دقيق وتفهمان جيدا حجم التزاماتكم المالية الحالية والمستقبلية ابحثوا عن المصادر المتوفرة التي يمكن استغلالها للخروج من الأزمة. بيع الممتلكات الغالية على قلبكما أو سحب التوفيرات المخصصة لتعليم الأولاد أو تزويجهم هو أمر في غاية الصعوبة، لكن لا تترددوا كثيرا في التضحية بها. هذه الممتلكات ليست أهم من حياتكم الزوجية أو العائلية وقد تكون هي حبل الإنقاذ، فضحوا بالغالي لإنقاذ ما هو أغلى.
لا تخجلا وشاركا
اتفقا على خطة العمل وشاركا الأولاد بالأزمة التي تمر على العائلة، واحرصا على اتباع نفس الخط مع الأولاد ومع محيطكم القريب. إذا عرض عليكم الأصدقاء رحلة أو سهرة مُكلفة لا تخجلا من القول ((نحن نمر ببعض الصعوبات المالية ونفضل الاقتصاد قليل)). الصراحة مع أحبائكم تدفعهم على التجند لمساعدتكم وتفهم ظروفكم الاستثنائية.
إنت قدها!
في كثير من الأحيان يكون السبب الرئيسي لحدوث الأزمة المالية في العائلة فقدان أحد الزوجان مكان عمله. إن الدخول إلى دائرة البطالة يعتبر من أصعب التحديات بالنسبة للرجل أو المرأة العاملة. الإحباط واليأس قد يسيطران بسرعة على نفسية الزوجة أو الزوج العاطل عن العمل. في هذه الأوقات بالذات ينبغي على الطرف الثاني رفع معنويات الشريك وشحن طاقته من خلال التشجيع والإطراء والامتناع عن النقد المُحبط بسبب أو بدون سبب.
فيتامين و
تحمل كلمة ((واسطة)) معنى سلبيا بشكل عام. لكن في أوقات الشدة لا تترددا في استغلال علاقتكما الاجتماعية من أجل المساعدة في العثور على مكان عمل جديد أو العثور على شريك يمكن أن يستثمر في المصلحة المُتعثرة. لا عيب في ذلك ما دامت العلاقات مع الآخرين مبنية على الثقة والاحترام التمبادل. وإذا كانت لديكم مشكلة مع كلمة ((واسطة)) يمكن استخدام مُصطلح أخف وطأة – ((Networking)).
فش مطعم؟ كلو فلافل
للخروج من الأزمة المالية لا بد طبعا من تخفيف المصروفات، وذلك يعني التنازل عن بعض الرفاهيات التي أصبحت بالنسبة لكم أمرا مفروغا منه. لكن التنازل عن بعض الرفاهيات لا يعني التخلي عن المتعة التي توفرها هذه الرفاهيات. فإذا كان لا بد من إلغاء الاشتراك في النادي الرياضي، يمكنكم الركض في الهواء الطلق، وإذا كنتم تحبون الخروج إلى مطعم في نهاية الأسبوع، يمكن استبدال الأمر بنزهة ((ببلاش)) على شاطئ البحر، بشرط أن تمشيا سوية، متعانقين.