ناردين أرملي، مستشارة لاقتصاد العائلة
لا شكّ أنّ العطلة الصيفية هي إحدى الفترات الصعبة والملتهبة في اقتصادنا البيتي، وفي المصاريف الخاصة والمكلفة التي ترافق هذه الفترة في كل عام.
“عطلة صيفية” توحي باستراحة مستمرة طيلة شهرين، حتى لو ظلّ الخروج للعمل كالمعتاد، وذلك لأنّ الأهل يخرجون عن برنامجهم الروتيني لأولادهم، فلا يخلدون إلى النوم في ساعتهم المعتادة ولا يغادرون المنزل صباحًا في الساعة نفسها للمدرسة، ما يشعر الأهل بالترهل والتراخي. وفي ظل هذه التغيرات، نرى بالمقابل المصروف اليومي للعائلة يرتفع بشكل ملحوظ، نظراً للزيادة في الحاجيات.
” من المهمّ للأهل استغلال العطلة الصيفية لتمرير دروس للأولاد وتدريبهم على التخطيط المالي السليم، وتقديم أمثلة جيدة لمعرفة وإدراك قيمة العمل من أجل شراء احتياجات مادية وقيمة التعاون والعمل المشترك، وذلك بهدف تنظيم الوقت وأيضاً تقاسم الأعباء المادية للعائلة وإشراك جميع أفرادها في التخطيط، بالإضافة لقيمة مهمة في كيفية الصرف والاختيارات الصحيحة والصبر. “
ولا ننسى الأعباء الأخرى الواقعة علينا مثل موسم المناسبات من أعراس وحفلات تخرج وغيرها، بالإضافة إلى السفر خارج البلاد أو داخلها، ونهاية الفترة الصيفية في عيد الأضحى مثلًا، والتحضير للعودة إلى المدارس وما تحمله من أعباء وتحضيرات وقرطاسيات وما شابه. كل عامل من هذه العوامل يمكن أن يكون مسبباً لمصروفات كبيرة، وبهذا تُفقَد السيطرة على المصروف؛ لذا فإنّ التخطيط لهذه المرحلة مسبقاً هو أمر ضروري جداً، ففي الدالات البيانية لاقتصاد البيت والعائلة للسنة هناك دورية واضحة وتكاد تكون ثابتة وخالية من المفاجئات الكبيرة، تؤشر دائمًا لارتفاع حاد في الصرف في كل سنة خلال العطلة الصيفية، فيما فترة الربيع والخريف تكون ممتازة للتوفير والتخطيط، حيث يرافقها ركود اقتصادي نوعاً ما في العائلة.
كيف يمكن الاستمتاع بالعطلة الصيفية من دون “خنقة مادية”؟
التخطيط للعطلة الصيفية مسبقًا، وهذا يتضمّن حجز السفر مسبقاً وقبل ذلك بأشهر ودفع تكاليف السفر قبل الصيف، وبهذا يُوزَّع مصروف العطلة على أقساط متعددّة مسبقًا، وهذا يساعد على توزيع الميزانية لأهداف أخرى كالمناسبات الاجتماعية وغيرها براحة أكثر. ترتيب برنامج الأولاد الأسبوعي بشكل واضح ومنظّم حيث يشمل المخيمات الصيفية وقضاء الوقت في ساعات بعد الظهر، ومن الممكن اختيار المخيمات بسيطة التكلفة للأجيال الصغيرة، ومن المهم الاستفسار والتأكد من الإمكانيات المتوفرة في المحيط قبل التسجيل. تخصيص ميزانية أسبوعية للمصروف الخاص في الصيف، وإشراك الأولاد في هذه الميزانية، وبذلك نحدد في كل أسبوع:
- فعاليات مجانية: مثل زيارة الأصدقاء، اللعب في نطاق المنزل، عروض واحتفالات مجانية، مهام أو مشاريع منزلية.
- فعاليات غير مكلفة: دعوة أصدقاء للمنزل، الاستجمام على شاطئ البحر أو في حدائق عامة (بالطبع هنالك حاجة لتحضير وجبة خاصة أو تسالي من البيت).
- الفعاليات المكلفة: الذهاب للملاهي، السينما، البركة وغيرها، وعند تقسيم الوقت بشكل متوازن وأسبوعي بين الفعاليات المختلفة من الممكن تخفيف المصاريف والسيطرة على الميزانية، وعند مشاركة الأولاد في هذا التخطيط فهم يتعلمون أهمية الاختيارات والتعامل بنطاق ميزانية محددة.
من الضروري تحفيز الأولاد في جيل الثانوية على العمل في العطلة الصيفية، مع الحفاظ على حقوقهم كاملة، العمل حتى لو في وظيفة جزئية هو درس مهم في التربية والتثقيف على قيمة المال وطريقة جنيه، بالإضافة للدرس المهم في كيفية إدارة ميزانيتهم الخاصة، فساعدوهم في تخطيط ميزانيتهم واختيار كيفية صرف ما جنوه من مال مقابل عملهم، وكيف يوفرون جزءًا منه أيضًا.
إشراك الأولاد في المهام المنزلية بشكل أوسع خلال العطلة الصيفية من مبدأ الشراكة في المهام المنزلية وليس من مبدأ الاستغلال كأن نقول لهم:” هذا منزلنا جميعًا وعلينا الحفاظ عليه بطريقة مريحة وجميلة”، ومن المهم أن نتذكر بأن المهام المنزلية ليست بمقابل مادي، فنحن نقوم في حياتنا بعديد من المهام بدون مقابل وإنما تطوعًا وهذه قيمة مهمة. الأولاد يقضون العديد من الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية المختلفة، حفّزوهم على استغلال هذا الوقت لاكتساب معرفة جديدة أو تعلم صنع أمور بيتية أو ابتكار ألعاب لهم ولأصدقائهم من خلال هذه الأجهزة. شاركوا أصدقائكم وأقربائكم في بناء فعاليات مشتركة معًا أو تقسيم مهام التوصيل للمخيمات والرجوع منها عليكم جميعا، أو في استضافة الأولاد بتناوب بينكم، فالتعاون معهم يعود بالفائدة على الجميع ولا يقع الضغط عليكم بأكثره.
