لا شك أن العطلة الصيفية هي إحدى الفترات الصعبة والملتهبة في اقتصادنا البيتي، وفي المصاريف الخاصة والمكلفة والتي ترافق هذه الفترة في كل عام.
“عطلة صيفية” توحي وكأننا باستراحة مستمرة طيلة شهرين، حتى لو لم تكن فعلية، ونخرج للعمل كالمعتاد، وذلك لأننا كأهل نخرج عن برنامجنا الروتيني ولأولادنا، فالأولاد لا يخلدون إلى النوم في ساعتهم المعتادة ولا يغادرون المنزل صباحا في الساعة نفسها للمدرسة، الشيء الذي يشعرنا بالترهل والتراخي، والأجواء العامة تكون أجواء عطلة تامة. وفي ظل هذه التغيرات بالمقابل نرى المصروف اليومي للعائلة يرتفع بشكل ملحوظ، نظراً للزيادة في الحاجيات. مهم جداً لنا كأهل استغلال العطلة الصيفية لتمرير دروس هامة لأولادنا وتدريبهم في التخطيط المالي السليم، وتقديم أمثلة جيدة لمعرفة وإدراك قيمة العمل من أجل شراء احتياجات مادية وقيمة التعاون والعمل المشترك، وذلك بهدف تنظيم الوقت وأيضاً وتقاسم الأعباء المادية للعائلة وإشراك جميع أفراد العائلة في التخطيط، بالإضافة لقيمة مهمة أيضا في كيفية الصرف والاختيارات الصحيحة والصبر.
ولا ننسى الأعباء الأخرى الواقعة علينا مثل موسم المناسبات من أعراس وحفلات تخرج وغيرها، بالإضافة إلى السفر خارج البلاد أو داخلها، لتنتهي الفترة الصيفية في عيد الأضحى والتحضير للعودة إلى المدارس وما تحمله من أعباء وتحضيرات وقرطاسيات وما شابه. كل عامل من هذه العوامل ممكن أن يكون مسبباً لمصرفات كبيرة وعديدة في حساباتنا البنكية، وبهذا نفقد السيطرة على المصروف؛ لذا فإن التخطيط لهذه المرحلة مسبقاً هو أمر ضروري جداً، ففي الدالات البيانية لاقتصاد البيت والعائلة للسنة هناك دورية واضحة وتكاد تكون ثابتة وخالية من المفاجئات الكبيرة، تؤشر دائما لارتفاع حاد في الصرف في كل سنة خلال العطلة الصيفية، فيما فترة الربيع والخريف تكون فترات ممتازة للتوفير والتخطيط، حيث يرافقها ركود اقتصادي نوعاً ما في العائلة.
كيف يمكن الاستمتاع بالعطلة الصيفية من دون “خنقة مادية”؟
التخطيط للعطلة الصيفية مسبقا، وهذا يتضمن حجز السفر مسبقاً وقبل ذلك بأشهر ودفع تكاليف السفر قبل الصيف، وبهذا نوزع مصروف العطلة على أقساط متعددة مسبقا، وهذا يساعدنا على توزيع الميزانية لأهداف أخرى كالمناسبات الاجتماعية وغيرها براحة أكثر.ترتيب برنامج الأولاد الأسبوعي بشكل واضح ومنظم حيث يشمل المخيمات الصيفية وقضاء الوقت في ساعات بعد الظهر، وممكن اختيار المخيمات بسيطة التكلفة للأجيال الصغيرة، ومن المهم الاستفسار والتأكد من الإمكانيات المتوفرة في حيزنا قبل التسجيل.تخصيص ميزانية أسبوعية للمصروف الخاص في الصيف، وإشراك الأولاد في هذه الميزانية، وبذلك نحدد في كل أسبوع:
فعاليات مجانية: مثل زيارة الأصدقاء، اللعب في نطاق المنزل، عروض واحتفالات مجانية، مهام أو مشاريع منزلية.
فعاليات غير مكلفة: دعوة أصدقاء للمنزل، الاستجمام على شاطئ البحر أو في حدائق عامة (بالطبع هنالك حاجه لتحضير وجبة خاصة أوتسالي من البيت).
الفعاليات المكلفة: الذهاب للملاهي، السينما، البركة وغيرها، وعند تقسيم الوقت بشكل متوازن وأسبوعي بين الفعاليات المختلفة بإمكاننا تخفيف المصاريف والسيطرة على ميزانيتنا، وعند مشاركة الأولاد في هذا التخطيط فهم يتعلمون أهمية الاختيارات والتعامل بنطاق ميزانية محددة.
أولادنا في جيل الثانوية من المهم تحفيزهم على العمل في العطلة الصيفية، مع الحفاظ على حقوقهم كاملة، العمل حتى لو في وظيفة جزئية هو درس مهم في التربية والتثقيف على قيمة المال وطريقة جنيه، بالإضافة للدرس المهم في كيفية إدارة ميزانيتهم الخاصة، فساعدوهم في تخطيط ميزانيتهم واختيار كيفية صرف ما جنوه من مال مقابل عملهم، لا بل كيف يوفرون جزء منه أيضا.إشراك الأولاد في المهام المنزلية بشكل أوسع خلال العطلة الصيفية من مبدأ الشراكة في المهام المنزلية وليس من مبدأ الاستغلال كأن نقول لهم:” هذا منزلنا جميعا وعلينا جميعا الحفاظ عليه بطريقة مريحه وجميلة”، ومهم أن نتذكر بأن المهام المنزلية ليست بمقابل مادي، فنحن نقوم في حياتنا بعديد من المهام بدون مقابل وإنما تطوعا وهذه قيمة مهمة.أولادنا يقضون العديد من الوقت مقابل الأجهزة الإلكترونية المختلفة، حفزوهم على استغلال هذا الوقت لاكتساب معرفة جديدة أو تعلم صنع أمور بيتية أو ابتكار ألعاب لهم ولأصدقائهم من خلال هذه الأجهزة.شاركوا أصدقائكم واقربائكم في بناء فعاليات مشتركة معا أو تقسيم مهام التوصيل للمخيمات والرجوع منها عليكم جميعا، أو في استضافة الأولاد بتناوب بينكم، فالتعاون معهم يعود بالفائدة على الجميع ولا يقع الضغط عليكم بأكثره.
وأخيراً… العطلة الصيفية حقا هي فترة تحدي من الناحية المادية في العائلة وبإمكاننا التخطيط والترتيب لها بشكل ذكي وأيضا إكساب القيم التربوية المالية لأولادنا…
وتذكروا في نهاية العطلة البدء في التوفير لتعبروا العطل القادمة بهدوء مادي وراحة.
ملاحظة: جزء من النصائح تتعلق بجيل الأولاد وبميولهم وفضولهم وبهذا أنتم بأمورهم الأدرى.
