سقوط الصواريخ لا يعني دائمًا هبوط الأسهم: ما سرّ صمود البورصة الإسرائيليّة دونًا عن باقي القطاعات المتأثرة بالحرب؟

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

عبد القادر مرعي- مدير عام شركة فيوتشر من مجموعة الفنيكس*

تتأثّر البورصات حول العالم بأخبار الصراعات الجيوسياسيّة مهما كانت بعيدة عنها. مشاعر مثل الضبابيّة وعدم اليقين والتشاؤم قد تدفع المستثمرين أحيانًا إلى اتّخاذ قرارات متسرّعة، كسحب أموالهم المستثمرة. إثر عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر عام 2023، تراجعت بورصة تل أبيب بنسبة 8%، حتّى وصل التراجع إلى نسبة 10% في الأسابيع اللاحقة. لكن، سرعان ما ارتدّ التراجع إلى صعود، أزال معظم الخسائر المسجّلة، ليؤكّد تقرير بورصة تل أبيب في نهاية عام 2023 حدوث ارتفاعٍ طفيف رغم عدم توقّف الحرب. في هذا المقال الخاصّ بوصلة، يقدّم لنا المحلّل الاقتصادي، عبد القادر مرعي، قراءة في البورصة الإسرائيليّة عبر السنوات، ونصائح قيّمة تهمّ المستثمرين فيها.

9k=
بورصة تل أبيب. المصدر: ويكيميديا

 

على الرغم من الانطباع الشائع عند أغلب الناس أنّ البورصات في أزمان الحروب والكوارث قد تتراجع إلى مالانهاية، مسبّبةً خسارة جميع الأموال المستثمرة، إلّا أنّ الواقع خلاف ذلك. فقد يحدث العكس تمامًا، إذ يمكننا حتّى أن نجني أرباحًا كبيرة، إذا التزمنا بالصبر والتريّث، وتابعنا سير المجريات بمهنيّة.

من المؤكّد أنّ حالات عدم اليقين والضبابيّة والشعور بالتوتّر تؤثّران سلبًا على أسواق الأموال، التي يسودها تخبّطٌ ناجمٌ عن عدم الاستقرار، فتارةً نشهد تراجعًا في المؤشّرات، كأنّنا نسقط نحو الهاوية، وتارةً أخرى ترتفع الأسهم سريعًا كأنّ شيئًا لم يكن.

تسمّى هذه الحالة بـ “التأرجح في الأسعار”، والسبب الرئيسيّ لها هو غياب الوضوح حول اتّجاه سير الأمور.

في السنوات الأخيرة، مررنا بحالات عديدة من عدم الاستقرار، كان آخرها مع بداية حرب الـ 7 من أكتوبر، إذ تراجع في الأيام الأولى من الحرب مؤشّر “تل-أبيب 35” (TA-35/ת”א 35) بنسبة تزيد عن 13% (وهو المؤشّر الذي يقيس أداء أكبر 35 شركة في بورصة  تل أبيب)، من مستوى 1834 نقطة في تاريخ 5-10-2023، إلى 1605 نقطة في تاريخ 26-10-2023. لكنّه، سرعان ما عاود الارتفاع حتّى اليوم، بنسبةٍ تجاوزت الـ 23% رغم استمرار الحرب. 

بوسعنا أن نعزو هذه التقلّبات إلى صدمة “الضربة الأولى”، التي تبعتها فيما بعد حالةٌ من “التعوّد” على الأوضاع الجديدة، إذ إنّ المستثمرين دائمًا ما يتساءلون حول المستقبل، ثمّ يتّخذون قرارات الاستثمارات وفقًا للتوقّعات.

 

2gjJ9+SJasP+uIaA7M3C2HgEPAIeAQcAg4BBwCDoEhQCArER2CtF0SDgGHgEPAIeAQcAg4BBwCDoF+IzCm3zFcBIeAQ8Ah4BBwCDgEHAIOAYfAECDgiOgQgOiScAg4BBwCDgGHgEPAIeAQ6D8Cjoj2HzMXwyHgEHAIOAQcAg4Bh4BDYAgQ+P8Xmaa0VTmJGAAAAABJRU5ErkJggg==

هذا الأمر ليس جديدًا، فقد مررنا بنفس الحالة في سنة 2020 إثر تفشّي وباء كورونا، فبعد تراجعٍ سريعٍ بنسبة كبيرة خلال الأسابيع الأولى، عادت البورصة لترتفع من جديد لتصل قممًا جديدة.

وقد حدث أمرٌ مشابهٌ في حرب تمّوز عام 2006 مع لبنان. فخلال الأيّام الأولى من بداية الحرب، انخفضت البورصة بشكل سريع بنسبة 10%، لكنّها سرعان ما ارتفعت من جديد.

0AAAAASUVORK5CYII=

بعد حدوث انخفاض حاد في البورصة، غالباً ما يحدث تصحيح تقنيّ، يتمثل في ارتفاع مؤقّت للأسعار. خلال هذه الفترة، يبحث السوق عن اتجاه جديد، لتحديد ما إذا كان التصحيح سيؤدي إلى اتجاه صعود مستدام، أم إلى استئناف الاتجاه الهبوطي. وفي حالة استمرار المخاوف والعوامل السلبيّة في البورصة، فقد تمارس ضغطًا هبوطيًا جديدًا، ما يؤدي إلى إمكانية أن تنعكس مكاسب التصحيح.

في مواجهة تقلّبات السوق، يجب على المستثمرين تقييم احتياجاتهم من الادّخار والأفق الزمنيّ لاستثماراتهم بعناية. إذا كان الإطار الزمنيّ للاستثمار طويل الأجل، يصبح من الضروري التفكير مليًا فيما إذا كانت التعديلات على استراتيجيّة الاستثمار ضروريّة، أو ما إذا كان الصبر مطلوبًا بانتظار أن يستقرّ اتّجاه السوق.

المعلومات الواردة في المقال بمسؤولية الكاتب وهي لغرض المعرفة العامة فقط.

مقالات مختارة

Skip to content