رغم الاحتجاجات التي اجتاحت الدول العربية والإسلامية على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمقاطعات الشعبية للشركات العالمية المتّهمة بدعم إسرائيل، مثل ستاربكس وماكدونالدز وكوكا كولا، والتي أظهرت تأثيراتها الأرقام الرسمية الصادرة عن هذه الشركات، إلّا أنّ تحقيقًا موسّعًا لموقع “عربي بوست” يكشف، بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية، عن تصدير شركات من دول عربية وإسلامية لمئات المنتجات الغذائية إلى السوق الإسرائيلية،حيث يظهر هوية الشركات المنتجة وتفاصيل شهادات الترخيص الصادرة عن السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك تلك الصادرة خلال فترة الحرب الحالية.
أجرى فريق “عربي بوست” تحقيقاً شاملاً استمر لأسابيع للتحقق من البيانات الرسمية والاستقصاء حول الشركات المذكورة. تم التواصل مع العشرات من الشركات العربية للحصول على تعليقاتهم حول تصدير منتجاتهم إلى إسرائيل. البيانات التي حصل عليها “عربي بوست” صدرت عن “الحاخامية الكبرى في إسرائيل”، المؤسسة الدينية المسؤولة عن إصدار شهادات “الكوشر” التي تُشكّل شرطًا لتسويق وبيع المنتجات الغذائية في السوق الإسرائيلية. تعني شهادة الكوشر أن المنتج يتوافق مع الشريعة اليهودية “حلال”، ويوضع شعار الشهادة على المنتجات المباعة هناك. أمّا السلع الغذائية المستوردة إلى أسواق الضفّة بواسطة تجّار فلسطينيين، فرغم تخليصها جمركيًا في الموانئ والمعابر الإسرائيلية، إلّا أنّها لا تحتاج لإصدار هذه الشهادة، وتوسم بأنّها للبيع لمناطق السلطة الفلسطينية.
وقد أوضح رجل الأعمال عمر جسار لـ”عربي بوست”، وهو أحد التجّار من “فلسطينيي الـ 48″، أنّ المنتجات العربية أو أي منتجات من دول أخرى تحتاج إلى شهادة كوشر لدخول السوق الإسرائيلي وبيعها في شبكات التسوق التي تتطلب هذه الشهادة. وأضاف: بالنسبة لفلسطينيي 48، تنطبق عليهم القوانين الإسرائيلية بخصوص الاستيراد والتصدير والتسويق والضرائب، بما في ذلك اشتراط شهادة الكوشر. ومع ذلك، إذا كانت المنتجات مخصصة للسوق العربي في الداخل أو الأسواق الفلسطينية، فلا يلزم الحصول على شهادة كوشر، بشرط عدم بيعها في الأسواق الإسرائيلية. وأشار إلى أنّ معظم تعاملات مستوردي فلسطينيي 48 تكون في السوق العربي أو الفلسطيني.
تظهر البيانات استيراد 442 منتجاً عربياً من مصر، والأردن، والإمارات، والمغرب، وتونس، والسعودية. بلغ عدد الشركات العربية المصدرة 80 شركة، بالإضافة إلى 332 شركة من دول إسلامية، ليصل المجموع إلى 412 شركة.
ويبدو أنّ هذه التحقيق يؤكّد الأخبار السابقة عن وجود “جسر بريّ” لنفل البضائع يربط الإمارات بإسرائيل عبر السعودية والأردن، الأمر الذي نفته الحكومة الأردنية مرارًا. وقد حكمت محكمة أردنية مؤخّرًا بحبس الصحفية هبة أبو طه لمدة عام، بعد نشرها تحقيقًا عن مشاركة الشركات الأردنية بشحن السلع إلى إسرائيل عبر المعابر البرية أثناء الحرب الحالية، تزامنًا مع انطلاق هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
المنتجات حسب الدول:
مصر: 37 شركة تصدر 206 منتجات تشمل الخضراوات والفواكه المجمدة والسكر والعصائر.
الأردن: 5 شركات تصدر 19 منتجاً، حيث تبين أن جميع شهادات الكوشر صدرت خلال فترة الحرب على غزة.
الإمارات: 11 شركة تصدر 99 منتجاً، بعضها ليس للبيع في الإمارات وإنما للتصدير فقط.
السعودية: شركة واحدة تصدر منتجاً واحداً يحمل شهادة كوشر.
المغرب: 25 شركة تصدر 113 منتجاً، من بينها شركات تابعة لمجموعة “TALIKI GROUPE”.
تونس: شركة واحدة تصدر منتجات إلى إسرائيل.
تركيا: 290 شركة تصدر 2772 منتجاً، من بينها شركات مثل أولكر وأولوداغ.
باكستان: 4 شركات تصدر 27 منتجاً.
قائمة الشركات الأردنية التي تُصدّر منتجاتها للسوق الإسرائيلية حسب التحقيق:
– مؤسسة سرور للحلاوة والطحينية: حلاوة بـ3 أنواع.
– مجموعة هزاع الاستثمارية (شركتان: حلومي، الجديدة): معكرونات بـ4 أنواع، ونودلز بـ5 أنواع.
– شركة سيرجيو للصناعات الغذائية: حبوب الذرة المنكهة، 4 أنواع.
– شركة الاستثمارات العامة المساهمة المحدودة GIC: مشروبات كحولية بـ3 أنواع.
ماذا عن المنتجات التركية بعد المقاطعة التجارية؟
في 2 مايو/أيار 2024، أعلنت وزارة التجارة التركية وقف جميع الصادرات والواردات مع إسرائيل حتى تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق كافٍ وغير متقطع للمساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد تأكيد الرئيس التركي أردوغان أنّ تركيا أغلقت باب التجارة مع إسرائيل. ورغم وجود المنتجات التركية في قاعدة البيانات الإسرائيلية بسبب تراخيص سارية من الحاخامية الكبرى في إسرائيل، فإنّ ذلك لا يعني استمرار التصدير حتى الآن بحسب معدّي التقرير على موقع عربي بوست. ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، انخفضت الصادرات التركية إلى إسرائيل بأكثر من النصف في عام 2024 مقارنة بالعام السابق، نتيجة للمقاطعة التركية بسبب الحرب في غزة.
المصدر: عربي بوست+وكالات إخبارية عربية