قد يمثل الذكاء الاصطناعي لكثير من المشروعات التجارية تهديدًا بالغ الخطر يمس مستقبلها من ناحية الربح وحتى من ناحية بقائها في السوق بالأساس، ومع ذلك فهو أداة مذهلة؛ إذا أحسن القائمون على المشروعات استخدامها فستؤثر في زيادة الأرباح وتحسين عمل المشروعات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وهو أمر متوقف على الاستراتيجيات المستخدمة معه.
مع ظهور الذكاء الاصطناعي، توقع الجميع أن تتغير قواعد اللعبة في سوق التجارة العالمية، سواء على مستوى المشروعات التجارية الصغيرة أو على مستوى المشروعات الكبيرة، بل إننا نلاحظ أن كبرى الشركات العالمية قررت تخصيص ميزانيات –ضخمة أو محدودة- لتطوير الخدمات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتحول تدريجيًّا إلى استخدام أنظمة قادرة على أداء مهام مُعقَّدة تتطلب عادةً ذكاءً بشريًّا، مثل التعرف على الكلام واتخاذ القرار وصناعة المحتوى.
ونظرًا إلى قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، بدأت بعض الشركات تعتمد عليه في إنجاز المهام وإضفاء الطابع الشخصي على النتائج لتبدو وكأنها نتيجة اجتهاد بشري، فأصبح الذكاء الاصطناعي -بما في ذلك منصات مثل ChatGPT- كنزًا لا يُقدَّر بثمن لدى جميع الشركات باختلاف أحجامها. وبالنسبة إلى الشركات الصغيرة، يوفر الذكاء الاصطناعي ثلاث مزايا استراتيجية لتحسين خدمة العملاء، وتقوية التسويق والمبيعات، وتطوير المشروع والانطلاق به إلى آفاق تجارية جديدة.
إن مجالات العمل التي يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تحسينها وتطويرها كثيرة ومتعددة، وإليكم أهم ثلاث مجالات منها:
1-تجربة الزبون
في الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى تحسين تجربة العملاء، يظهر الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لخدمة الزبائن، فانتشرت روبوتات الدردشة (بوتشات) بصورة متزايدة لقدرتها على محاكاة طريقة البشر في المحادثات وأداء المهام الروتينية. باستخدام روبوتات المحادثة، يمكن للشركات الصغيرة تقديم خدمة عملاء سريعة وسلسة، وتقليل أوقات الانتظار وتكاليف التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع روبوتات الدردشة التعلم من تفاعلات العملاء وتحسين دقتها وفعاليتها باستمرار.
إحدى طرق استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء هي الأتمتة، وهي تحويل الخدمات التقليدية إلى خدمات أوتوماتيكية. يمكن للشركات أتمتة المهام الروتينية، مثل إرسال تأكيدات الطلبات، ومتابعة توجهات العملاء في الموضوعات المختلفة، وتوفير الوقت والموارد، مع ضمان الاتصال المُنسَّق في الأوقات المناسبة. كما تعمل بعض أدوات الأتمتة على تمكين الشركات من الاندماج مع التطبيقات الأخرى، مثل برنامج إدارة علاقات العملاء (CRM)، مما يؤدي إلى إنشاء آليات عمل أكثر كفاءة وانسيابية.
2-التسويق
يمكن للشركات الصغيرة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء حملات تسويقية مُخصَّصة لكل فرد، وجمع بيانات العملاء وتحليلها؛ مثل استجابتهم للمواد الدعائية وبياناتهم الديموجرافية بغرض إنشاء رسائل تسويقية لها صدى قوي لدى العملاء كأفراد، تمامًا كما يمكن لخدمة البث التلفزيوني أن تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات المحتوى المُخصَّصة بناءً على سجل مشاهدة المستخدمين، كما هي الحال حاليًّا في منصة «نتفلكس» التي تستخدم هذه الخوارزميات مع مشاهديها من جميع أنحاء العالم.
3-المحتوى
بالإضافة إلى التسويق المُخصَّص للأفراد، يمكن للشركات الصغيرة أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين إنشاء المحتوى الخاص بها. تستطيع الأدوات، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات بشأن أنواع المحتوى الذي يقدم أداءً أفضل مع جماهير مُحدَّدة، واقتراح الموضوعات والعناوين الرئيسية بناءً على تلك البيانات. علاوةً على ذلك، تستطيع بعض أدوات الذكاء الاصطناعي إنشاء محتوى تلقائي عبر تناول النقاط المميزة للمنتجات، أو صناعة محتوى إعلاني من خلال وصفك لما تريد أن تراه في هذا الإعلان وتغذية الأداة به، وأيضًا إنشاء المقالات الإخبارية. ومع ذلك، لا يزال يتعين على الشركات التأكد من أن المحتوى عالي الجودة ومتوافق مع خصوصية علامتها التجارية ورسائلها.
إحداث ثورة في الأعمال الصغيرة
لدى الشركات الصغيرة الكثير لتكسبه من تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ فعبر أتمتة خدمة العملاء واستخدام روبوتات المحادثة، يمكن للشركات تقديم خدمة عملاء أسرع وأكثر كفاءة وأقل تكلفة على المدى الطويل. كما يمكن أن تساعد حملات التسويق المُخصَّصة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في بناء علاقات أقوى مع العملاء وزيادة ولاء الزبون للعلامة التجارية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأدوات إنشاء المحتوى المدعومة بالذكاء الاصطناعي تبسيط عملية إنشاء المحتوى وتوفير الوقت والمال على الشركات.
إن الذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على إحداث ثورة في الطريقة التي تعمل بها الشركات الصغيرة، مما يوفر ميزة تنافسية تُمكِّنها من التوسع والنمو بطرق جديدة. لذا فمن الضروري أن تبقى الشركات على اطلاع على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن تتبنى الأدوات والأنظمة الأساسية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ لتظل قادرة على المنافسة والحفاظ على حصتها من السوق -بل وزيادتها- وتحقيق النجاح في العصر الرقمي.