“شو قصتك!؟” | قصص ملهمة لمبادرين/ات قرّروا تحويل مسارهم المهنيّ لتحقيق شغفهم في الحياة
“وصلت إلى مرحلة من الاستنزاف لم أعد قادرة على شرح الدرس للطلاب، وبدأ ينتابني شعور الخجل عندما أدخل الى الصف بدون أي حماس لتعليم الطلاب، هنا أدركت أن الوقت قد حان للتغيير مساري المهني وتحقيق شغفي الحقيقي أن أكون صانعة حلوى”. روندا اسبنيولي – قبطي تروي كيف قررت تغيير مسارها المهني 180 درجة في منتصف العمر.
بماذا كنت تعملين قبل التحول إلى صناعة الحلوى؟
معلمة انجليزي في مدرسة أهلية بالناصرة. عندما انهيت التعليم الثانوي في منتصف التسعينيات كانت إمكانيات التعليم الأكاديمي محدودة جدا. رغبت بتعلم موضوع السياحة لكن أهلي تحفّظوا من الموضوع لأنه “مش مناسب للبنت”. وكانت نصيحة كل من حولي أن “أحسن شي تكون الأم معلمة”، فأخذت النصيحة وتعلّمت لقب أول لغة انجليزية، ولاحقا حصلت على لقب ثاني في موضوع التعليم الدامج. عملت كمعلمة لغة انجليزية للصفوف الإعدادية في مدرسة أهلية لمدة 18 سنة، ثم قررت أن اغيّر مساري المهني.
كيف كانت تجربة التعليم؟
التعليم مهنة متعبة جدًا، على الصعيد النفسي والجسماني، لم يكن لدي مشكلة مع تقديم المواد للطلاب أو تمريرها لهم، مشكلتي كانت بكل ما يتعلق بجهاز التعليم المتعب، الذي يُلزم المعلمين بالكثير من المتطلبات، التي تستنزف طاقة المعلمين وتدفعهم الى الإحباط، وفي النهاية أنا كنت في مدرسة أهلية، والمعلم في المدارس الأهلية على الاغلب ” مكانك سر!” لا يوجد تقدم مهني لأنه محدود، أقصى حد للتقدم في المدارس الأهلية هو أن تكون المعلمة أو المعلم مركز طبقة.
كيف حصل التحوّل؟
كنت أحب طلابي، وأحب موضوع التعليم الذي اخترته، ولكني وصلتُ الى مرحلة الاستنزاف، وصل بي الوضع لدرجة أنني لم أعد قادرة على تمرير المواد للطلاب، لم يعد لدي طاقة، وبدأ ينتابني شعور الخجل عندما أدخل الى الصف بدون أي حماس لتعليم الطلاب، وأبحث على نفسي وشغفي بين جدران الصف! في سنة 2019 قررت الخروج لإجازة غير مدفوعة ثم جاءت الكورونا فطالت الاجازة أكثر وهنا بدأت مشواري مع عالم الحلويات.
كيف كانت البداية؟
الخطوة الأولى كانت أن اقنع نفسي بأنه “ولا واحد بموت من الجوع“. الخطوة الثانية “البس المريول وأفوت على مطبخ البيت”. شغفي بصناعة الحلويات قديم جدا. وخلال عملي في التعليم شاركت في عدة دورات لتعلم صناعة الحلوى، أو ما يُعرف بالكونديتوريا. وعندما قررت أن أخطو بشكل جدي نحول هذا المجال، بدأت اطور مهاراتي في صناعة الحلوى، تعلم المزيد من الدورات والورشات، ولمعت لدي فكرة تصميم قوالب الكعك الخاصة بالمناسبات ومن هنا بدأت اطور نفسي وأدعمها بآليات وتقنيات مهنية جديدة من خلال الاجتهاد الشخصي والتعلم عن طريق اليوتيوب أيضًا الذي يساهم في توسيع الأفاق والمهارات.
لكنك بدأت بدون أي تجربة في عالم المصالح التجارية المستقلة
صحيح. وهذه نقطة مهمة جدا يجب أن يعرفها كل من يفكر بالانتقال من عالم الوظيفة إلى عالم المصلحة التجارية المُستقلة، فأنا أعمل في مشروعي (Feedbake by Ronda) لوحدي، لأن مجال العمل المستقل في البلاد غير ثابت وغير واضح، فليس بمقدوري، أن اشغل أيدي عاملة غيري.
والمصالح التجارية في البلاد، تحتاج ايضًا الى إدارة مالية، وهي تلزم صاحب المصلحة الى بواجبات والتزامات تجاه الدولة والحكومة، مثل الضرائب، والأرنونا (ضريبة الأملاك)، وما أود أن أشدد عليه أن العمل الجديد لا يُقارن من الناحية المادية بوضعي خلال سنوات عملي في مجال التعليم. أحيانا يكون الوضع أفضل وأحيانا اسوأ. لكن هذا لا يهمني ولا يشغل تفكيري، ما يهمني فعليا هو الراحة النفسية والفكرية في العمل الجديد، ما لم اجده في سلك التعليم بغض النظر عن الماديات.
العمل في الكثير من الأحيان حسب المواسم
مجال عمل روندا، بالأساس يتأثر بالمواسم، فهنالك مواسم أفضل من الأخرى، مثلاً فترة عيد الميلاد المجيد تزداد الطلبات، وأشهر الصيف حيث تزداد المناسبات السعيدة.
وفي النهاية، تصف اليوم روندا مشاعرها بأنها تمتلك راحة نفسية خلال عملها في صناعة الكعك الذي تزينه بالكريما وعجينة اللوز والسُكر والمكسرات، التي دائمًا تحاول من خلالها تلبية ذوق الزبائن واستقطاب المزيد من الزبائن الذين يشبهون ذوقها وما تصنعه وتقدمه من خدمات، وأكدت خلال حديثها عن رضاها قائلة:
“لدي راحة نفسية اليوم، لدي شعور بالسعادة والرضا، وقتي ملكي، شغلي بين يدي، لكن يوجد الكثير من التحديات في هذا العمل، الذي هو مستقل، وخاصة أنه يوجد التزامات مادية تواجه كل صاحب مصلحة فيما يتعلق بدفع الضرائب وخاصة أن العمل توسع وأصبح لدي معملي الخاص، واليوم في العمل أصبحت شخص انتقائي، قمت بتقليص منتجاتي وتحديدها من صناعة الحلويات والمعجنات وأنواع البسكويت، إلى تخصص في صناعة قوالب الكعك المصممة بدقة واتقان. أشجع كل شخص لديه هذه الرغبة، العالم واسع بالاختيارات المهنية ومجالات العمل، لكن المهم ان نختار المهنة التي نحبها وتشعرنا بالراحة والأمان، من المهم الخروج من منطقة الراحة، كي ينجح الانسان الى الانتقال للمرحلة المهنية القادمة، الخطوة ليست سهلة لكنها ممكنة ومهمة من أجل تحقيق الذات”.