الخميس, يوليو 4, 2024 14:47

دورة حياة “الستارت-اب”: المراحل الخمس لنمو مشروعك حسب أفضل مجلة اقتصادية في العالم

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

كعادتنا في وصلة، نختار لكم أفضل المقالات في مجال الاقتصاد وريادة الأعمال المكتوبة باللغات الأخرى، ونعمل على تلخيصها وتبسطيها لكم باللغة العربيّة. ونقدّم لكم اليوم واحدًا من أهمّ الأبحاث التي كُتِبَت عن دورة حياة ومراحل نمو الشركات الناشئة (ستارت-اب) والمشاريع الصغيرة، والتي تهمّ كلّ الذين يبدؤون رحلة مشروعهم الخاصّ، حيث تنير لهم هذا الطريق الطويل المليء بالتحديات والمغامرات. نُشِر هذا البحث “The Five Stages of Small-Business Growth“، الذي تبلغ عدد كلماته أكثر من 7500 كلمة، لأوّل مرّة سنة 1983 في مجلة “هارفارد بزنس ريفيو“، إحدى أعرق المجلات المختصّة في عالم الأعمال، بواسطة البروفيسور في كلية هارفارد للأعمال نيل سي تشيرشل.

إنّ إطلاق مشروعٍ تجاريّ جديد هي تجربةٌ مثيرة بلا شكّ، لكن يتخلّلها العديد من المصاعب والتحديات على طول الطريق. يحلم روّاد الأعمال الطموحون أن تحذو شركاتهم الناشئة حذو الشركات الناجحة التي يمتلئ بها عالمنا، والتي بدأت بفكرة بسيطة، في المرآب المتواضع لأحد الحالمين. لكنّ الدرب ليس مفروشًا بالورود، وكم سيكون عابره محظوظًا لو استطاع الاستفادة من خلاصة تجارب من سبقوه، وهذا ما يوفّره لنا هذا البحث، إذ يقدّم خريطة طريق للتغلب على التحديات واستغلال الفرص عند كل منعطف. فبعد أن قام الدكتور نيل سي تشيرشل ومساعدته بدراسة مئات الشركات، خلصا إلى أنّ جميعها تقريبًا تمرّ بـ 5 مراحل أساسيّة هي : الوجود، البقاء، النجاح، الإقلاع، نضوج الموارد.

 غالبًا ما تركّز النماذج التقليديّة لتحليل الأعمال التجاريّة على الحجم فقط، وتفشل في فهم التعقيدات التي تصاحب تطوير المشاريع الصغيرة. إطار البحث الذي اتّبعه الكاتب، مستندًا فيه على الخبرة والبحث والبيانات الواقعيّة، يذهب إلى أبعد من الحجم، آخذًا بعين الاعتبار عوامل هامّة أخرى، مثل: التنوّع والتعقيد وأسلوب الإدارة والهيكل التنظيمي ومدى مشاركة المالك في شركته. يسمح هذا النهج الشامل بتفهم أكثر دقة للتحديات والفرص التي تواجهها الأعمال الصغيرة في مراحل مختلفة.

المراحل الخمس لنموّ الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة:

المرحلة الأولى: الوجود (البذرة): 

الأسئلة الرئيسية: هل يمكننا جذب العملاء والزبائن، وتقديم منتجاتنا / خدماتنا بشكل فعال، وتأمين تمويلٍ كافٍ لكي نصبح قادرين على الاستمرار في السوق؟

التركيز: بقاء المشروع على قيد الحياة واستمراره وحمايته من الموت. الهمّ الأساسي في هذه المرحلة هو إنشاء قاعدة زبائن، وإثبات ملاءمة المنتج للسوق وحاجته له، وتأمين الموارد المالية اللازمة لإبقاء العمل قائمًا.

الإدارة: يتولّى المالك في هذه المرحلة القيام بالعديد من الأدوار والمسؤوليّات. يشرف مباشرة على فريق صغير ويتخذ جميع القرارات المهمة. ويكون نظام الشركة والتخطيط المتّبع بسيطًا ومركزيًّا، حيث يتلقّى المالك، وهو على رأس هرم الشركة، تقارير مباشرة عن سير العمل من الموظّفين قليلي العدد الذين يعملون معه بشكل وثيق.

مشاركة المالك: المالك هو شريان الحياة لمشروعه في هذه المرحلة، وهو مسؤول عن جميع المهام الحاسمة والتوجّه الاستراتيجي.

المرحلة الثانية: البقاء على قيد الحياة (التجذّر)

القضايا الرئيسية: تحتاج الشركة في هذه المرحلة إلى التأكد من أنّ إيراداتها كافية لتغطية نفقاتها. يجب أن تحاول الشركة الحفاظ على استمرارها وألّا تخسر المال، على الرغم من أنّها قد لا تحقق أرباحًا بعد. الهدف الأساسي هو تحقيق التوازن بين دخل الشركة ونفقاتها.

التركيز: بما أنّ الشركة قد وصلت إلى هذه المرحلة، فقد أثبتت بالفعل جدواها، ولديها عدد جيّد من الزبائن الراضين. لكنّها تهدف إلى تجاوز مجرّد الوجود، وتحقيق ما يكفي من الإيرادات على المدى القصير الذي يغطّي نفقاتها، بحيث تتوقّف الشركة عن الخسارة حتّى ولو لم تحقّق أرباحًا بعد، وأن تؤمّن أموالًا احتياطيّة لاستبدال الأصول عند الحاجة، مثل تلف المعدّات أو الحاجة إلى صيانتها مثلًا، وذلك لضمان عدم توقّف تقديم خدماتها ومنتجاتها. يجب في هذه المرحلة أيضًا توليد ما يكفي من الإيرادات المالية اللازمة لتمويل نموّ المشروع إلى الحجم الذي يحقّق فيه أرباحًا ملائمة فيما بعد.

الإدارة والتنظيم: في هذه المرحلة تتشابه الشركة مع المرحلة السابقة. يراقب المالك العمليات عن كثب، وقد يكون هناك تفويض من طرفه لبعض المهام، نتيجة لنمو العمل قليلًا، ما يتطلّب وجود مدير مبيعات أو مشرف عام يشرف على فريق صغير من الموظّفين. لا يزال نظام عمل الشركة بسيطًا وأساسيًّا، حيث لا يتّخذ أحدٌ، سوى المالك، قرارات كبرى بشكل مستقلّ، بل يُنفّذ الجميع أوامره المحدّدة بشكل دقيق وواضح.

مشاركة المالك: يظل المالك كما قلنا مشاركًا بشكل كبير في العمليات اليومية، ويتخذ معظم القرارات.

grow

المرحلة الثالثة: النجاح

في هذه المرحلة، ينقسم الطريق إلى طريقين، وعلى المالك أن يختار في أيٍّ منهما يودّ السير: الحفاظ على الربحيّة الحاليّة (المرحلة الثالثة- أ)، أو التوسّع (المرحلة الثالثة- ب).

الحفاظ على الربحيّة الحاليّة (المرحلة الثالثة- أ): في هذه المرحلة من النجاح، تكون الشركة قد وصلت إلى حجمها الملائم الذي عادة ما يوصف بالمتوسط، وأمّنت موطئ قدم لها في السوق، وتحقّق أرباحًا جيّدة. يمكن للشركة البقاء في هذه المرحلة إلى أجل غير مسمى، بشرط  أن تتكيّف مع الظروف، وألا تؤدّي التغييرات في السوق إلى تدمير مكانتها، أو أن تقلّل الإدارة غير الفعالة من قدراتها التنافسية. ويجب أخذ ما يلي بعين الاعتبار:

التركيز: الحفاظ على شركة مستقرة ومربحة توفر منصة للمالك لمتابعة اهتماماته الأخرى خارج الشركة. يجب في هذه المرحلة من الازدهار أن تتجنّب الشركة استنفاد مواردها الماليّة، كي تتمكّن من تحمّل الفترات العصيبة التي تمرّ بها الشركات على الدوام والتي لا مفرّ منها. 

الإدارة والتنظيم: يتولى المديرون الوظيفيون مسؤوليات محدّدة كان يؤدّيها المالك. تصبح النظم أكثر استقرارًا، مع وجود نظم مالية وتسويقية وإنتاجية أساسية. قد تكون الشركة قد نمت بما يكفي لتتطلب أقسام وظيفية، مثل قسم التسويق، والمحاسبة، والمبيعات، والصيانة، والموارد البشريّة، وتكنولوجيا المعلومات وغيرها.

مشاركة المالك: يصبح المالك أقل انخراطًا في العمليات اليومية، مع تركيزه على الحفاظ على الوضع الراهن، ومراقبة استراتيجية الشركة للتأكد من سيرها على الطريق المرسوم الذي يحافظ على الاستقرار. وكلّما ازداد نضوج العمل، ازدادت المسافة بين المالك والشركة، بسبب أنشطته خارجها، ووجود المدراء الوظيفييّن.

التوسّع (المرحلة الثالثة- ب): إذا اختار المالك هذا الطريق، عوضًا عن الطريق السابق، فإنّه يُجنّد كافّة موارد الشركة وأنظمتها وأقسامها من أجل النموّ. يستخدم المالك أموال الشركة، ويستفيد من إمكانيّة الاقتراض التي ترسّخت لديها، ويخاطر بكلّ ذلك لتمويل نموّها. وهذه هي النقاط المهمّة في هذا الطريق من المرحلة الثالثة:

التركيز: توجيه كافّة الموارد نحو النمو الاستراتيجي، مع التأكّد، في الوقت ذاته، من أنّ الأعمال الأساسيّة للشركة تحافظ على ربحيّتها، حتّى لا يتوقّف التمويل أثناء النموّ. 

الإدارة والتنظيم: يجب تعيين مديرين جُددًا يقومون بتلبية حاجات الشركة التوسعيّة، ويركّزون طاقاتهم على المستقبل، أكثر من تركيزهم على وضع الشركة الراهن. من المهمّ تحسين أنظمة الشركة وتطويرها مع أخذ الاحتياجات المستقبليّة بعين الاعتبار. التخطيط الاستراتيجي يصبح حاسمًا هنا أكثر من أيّ مرحلة سابقة.

مشاركة المالك: يقود المالك استراتيجية النمو بشكل فعّال ونشط. عليه، إذا اختار هذا الطريق، تنحية اهتماماته ونشاطاته الخارجية وتكريس وقته لتحقيق التوسّع الجديد.

mana

المرحلة الرابعة: الإقلاع (النموّ السريع والتوسّع)

التركيز: يتمّ التركيز في هذه المرحلة على تحقيق وإدارة النمو السريع، وعلى تأمين التمويل اللازم لدعم هذا النمو، وضمان تدفقه بشكل مستمرّ، والذي غالبًا ما يتطلب تحمّل نسبة ديون كبيرة مقارنة برأس مال الشركة. ومن المهمّ التعامل مع تعقيدات توسّع الأعمال، دون التضحيّة بالجودة والفعاليّة.

الإدارة والتنظيم: يجب على المالك أن يكون قادرًا على القيام بالتفويض المناسب للمسؤوليّات، لتحسين الفعاليّة الإداريّة. فلن يكون قادرًا على إدارة كلّ شيء وحده، بل عليه أن يُعيّن المدراء الرئيسيّين بعناية، بحيث يكونون قادرين على التعامل مع تعقيدات بيئة الأعمال المتناميّة، وأن يعمل على ضبط أدائهم ويكون مستعدًّا لوقوع الأخطاء، والتعلّم منها، بدلًا من التنصّل من مسؤوليّته بشكل كامل. ويجب أن يعمل المدير على إدارة النفقات بحذر، لمنع تآكل التدفق النقدي، وأن يتجنّب الاستثمارات غير الحكيمة الناجمة عن نفاد صبره.
كذلك، من المهمّ في هذه المرحلة، تطوير وتحسين الأنظمة لإدارة الحمل التشغيلي المتزايد وضمان الكفاءة. حيث تصبح المنظومة لامركزية، مع وجود أقسام، لا سيما في المبيعات أو الإنتاج، لإدارة جوانب مختلفة من الأعمال بفعالية.

مشاركة المالك: يصبح المالك والشركة في هذه المرحلة كيانين أكثر تميزًا، على الرغم من أنّ المالك لا يزال يحتفظ بنفوذ كبير. يجب على المالك التركيز على القرارات الاستراتيجية بدلاً من العمليات اليومية، والتصدي لتحديات إدارة النمو ماليًا وإداريًا. المالكون الذين يحاولون النموّ بسرعة كبيرة دون إدارة نقدية مناسبة يخاطرون بنفاد النقد. المالكون الذين لا يستطيعون التفويض بفعالية يخاطرون بخنق النمو. وإذا لم يستطع المالك مواجهة تحديات هذه المرحلة، فقد يتم استبداله من قبل المستثمرين أو الدائنين.

نتائج المرحلة الرابعة: إذا نجحت مساعي النمو هذه، يمكن أن تصبح الشركة شركةً كبيرة ومزدهرة. إذا لم تنجح، فقد يتم بيعها بربح، أو العودة إلى مرحلة سابقة، أو في أسوأ الحالات، الفشل تمامًا. يمكن أن تؤدي الظروف الاقتصادية إلى تفاقم هذه المخاطر، ما يجعل الإدارة الفعالة ذات أهمية بالغة في هذه المرحلة الحسّاسة.

المرحلة الخامسة: نضوج الموارد

التركيز: التحدّي الأكبر في هذه المرحلة هو أوّلًا، تعزيز المكاسب المالية الناجمة عن مرحلة النمو السريع، وإدارتها بطريقة تضمن الاستقرار والاستدامة والنمو المستمر. وثانيًا، الاحتفاظ بالمزايا التي تتميّز بها الشركات الصغيرة، بما في ذلك مرونة الاستجابة وروح المبادرة.

الإدارة والتنظيم: يجب على الشركة توسيع قوّة الإدارة بسرعة كافية للقضاء على أوجه القصور الناجمة عن النمو، وإضفاء الطابع الاحترافي على الشركة باستخدام أدوات مهنيّة متطوّرة مثل الميزانيات، والخطط الاستراتيجية، والإدارة عبر فرق يختصّ كلّ فريق منها بهدفٍ معيّن لإنجازه، واستخدام أنظمة التكلفة القياسيّة. الإدارة في هذه المرحلة لامركزيّة، ولدى الشركة عدد كاف من الموظّفين ذوي الخبرة المطلوبة. والأنظمة واسعة النطاق ومتطوّرة.

مشاركة المالك: المالك والشركة في هذه المرحلة كيانان منفصلان، على المستوى المالي والمستوى المتعلّق بسير الأعمال، حيث تقتصر مشاركته عادة على الاتجاه الاستراتيجي للشركة، دون التدخّل بعملياتها اليومية.

seperate

المخاطر: في هذه المرحلة، إذا تمكّنت الشركة من المحافظة على روح المبادرة لديها، فإنّها ستغدو قوّة هائلة في السوق. وإلّا قد تدخل مرحلة سادسة إضافيّة هي الجمود. وفي هذه المرحلة، تفتقر الشركة إلى اتخاذ خطوات إبداعيّة بهدف تجنّب المخاطر. هذا الأمر شائع في الشركات الكبيرة، مثل شركة ياهو ونوكيا وكوداك، حيث تعزّز الحصة السوقيّة للشركات الكبيرة، ومواردها المالية والقوة الشرائية لديها قابليّتها للاستمرار، إلى أن يحدث تغيير جوهريّ في السوق، يلحظه عادة المنافسون سريعو النموّ قبل أن تلحظه هذه الشركات.

هذه هي مراحل النمو الخمس للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة، وقد لا تمرّ جميع الشركات بهذه المراحل بشكلٍ حرفيّ، لكنّ هذه الخلاصة التي قدّمها البروفيسور تشيرشل تمنح روّاد الأعمال إطارًا عامًا ملائمًا لفهم المتغيّرات التي سيمرّ بها مشروعهم، ودليلًا لاتّخاذ الخطوات المناسبة عند كلّ منعطف في طريقهم.

مقالات مختارة

Skip to content