يعاني ميناء إيلات من شلل تام منذ أكثر من ستة أشهر، حيث لم تدخل سوى سفينة واحدة فقط إلى الميناء خلال الشهر الماضي، نتيجةً للهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر التي بدأت في ديسمبر الماضي. ومع عدم وجود توقعات بتحسن الوضع حتى نهاية العام، أصبحت الحلول المطروحة أكثر غرابة وتعقيدًا.
يُعاني الميناء أيضًا من تراكم الديون عليه للبلدية، إذ بلغ مقدار ضريبة الأملاك عليه (الأرنونا) 5 ملايين شيكل. لكنّ المشكلة الكبرى تكمن في العمال، حيث تنص اتفاقيات العمل على عدم إمكانية تسريحهم أو إخراجهم في إجازات غير مدفوعة الأجر. ورغم الحديث عن تسريحات، إلّا أنّ تدخّل نقابة الهستدروت حال دون ذلك.
في ظل هذه الظروف، ظهرت بعض الحلول المقترحة الغريبة. إحدى هذه الأفكار كانت نقل عمال ميناء إيلات للعمل في موانئ حيفا وأشدود، لكن تنفيذها أُجهِض بسبب الخلافات حول تمويل إقامتهم ومعيشتهم. كما اقترح غدعون غولبر، المدير العام لميناء إيلات، تشغيل العمال في الأرصفة المعطلة في “الميناء الجنوبي” נמל הדרום في أشدود وميناء الخليج נמל המפרץ الجديد في حيفا، وهي الأرصفة التي أوقفت عن العمل في نيسان الماضي بعد انتهاء صلاحية التصريح السابق لتفريغ بضائع الشحن العام (أي غير الموجودة في حاويات “كونتينرات”) مثل الأسمنت والحديد.
مقالات ذات صلة: الميناء الجديد في حيفا وخطر اللعب بنار التنين الصيني على إسرائيل
حل آخر مثير للجدل هو إلزام شركات الشحن باستخدام ميناء إيلات عبر البحر الأبيض المتوسط، ما يزيد من تكلفة النقل بسبب عبور قناة السويس، التي قد تصل إلى 800 ألف دولار. وقد أكّد وغولبر استعداده لتحمل جزء من هذه التكاليف، مقترحًا أن تتحمل الحكومة باقي التكاليف، بالإضافة إلى مستوردي السيارات.
يُشدّد غولبر على أنّ ميناء إيلات يمكن أن يكون ذا أهمية استراتيجية في حالة نشوب حرب واسعة مع حزب الله، حيث قد يكون الميناء الوحيد الذي توافق شركات الشحن على استخدامه. لكن الحكومة بحاجة إلى التأكد من جاهزية الميناء لتفريغ الحبوب والبضائع العامة، وليس السيارات فقط.
ورغم التحديات في ميناء إيلات، شهد “الميناء الجنوبي” في أشدود نشاطًا متزايدًا في مجال تفريغ الحاويات. شركة الشحن MSC تلعب دورًا رئيسيًا في هذا النمو، حيث أصبح ميناء الجنوب المحطة الأولى في خط الشحن عبر البحر الأبيض المتوسط. في مايو 2024، نجح ميناء الجنوب في تفريغ وتحميل 73 ألف حاوية، مقارنة بـ 47 ألف في أبريل و64 ألف في مايو 2023. هذا النمو قد يزيد المنافسة مع الميناء المجاور له- ميناء أشدود المملوك من الحكومة إذا استمرت هذه الزيادة في الأشهر القادمة.
ومع ذلك، فإن المساحة المحدودة المخصصة لتخزين الحاويات المؤقتة يمكن أن تعيق المزيد من النمو في الميناء الجنوبي. فبالرغم من تحسّن أرقامه، فلا يزال متخلّفًا عن منافسيه. فميناء الخليج الجديد في حيفا، الذي تمّ افتتاحه في نفس الوقت تقريبًا، تعامل مع ضعف عدد الحاويات في عام 2023، حيث بلغ عددها 813,000 حاوية، بينما تعامل الميناء الجنوبي مع 475,000 حاوية.
يواجه قطاع الموانئ حالة من الجمود الحكومي بسبب الخلافات حول السياسات الجديدة. تسعى وزيرة النقل، ميري ريغيف، لمنح ميناء أشدود الحكومي مساحة إضافية، لكن هذا المقترح يواجه معارضة من وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يرى أنه سيضر بالتنافسية بين الموانئ.
على الرغم من منافسة المينائين الجديدين ( ميناء الخليج والميناء الجنوبي) لفترة وجيزة مع المينائين القديمين في حيفا وأشدود في تفريغ بضائع الشحن العام، إلا أنّ هذه المنافسة انتهت عند انتهاء تراخيص التشغيل المؤقتة الممنوحة لها قبل عامين. والآن، عادت السيطرة إلى الموانئ القديمة. قفزت حصة ميناء أشدود من تفريغ المعادن من 23٪ إلى 35٪ بعد توقف المنافسة، بينما ارتفعت حصة ميناء حيفا من الأسمنت من 20٪ إلى ما يقرب من 30٪. يؤثر هذا الافتقار إلى المنافسة سلبًا على الكفاءة، خاصةً مع انخفاض الطلب على مواد البناء بشكل حاد.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن ميناء إيلات هو الخاسر الأكبر بين إخوته في إسرائيل. يحتاج هذا الميناء إلى حلول جديدة ومستدامة لضمان استمرارية نشاطه وتجنب المزيد من التدهور. الحلول المقترحة، رغم غرابتها، تعكس محاولات مستمرة لإنقاذ الميناء وضمان استمرارية نشاطه. يبقى السؤال حول فعالية هذه الحلول وقدرتها على تقديم حل طويل الأمد للأزمة.
المصدر: دا ماركر