مع اقتراب الكنيست الإسرائيلي من إجازته الصيفية الطويلة، التي ستستمر ثلاثة أشهر، ربّما يثير اهتمامنا مقارنة جدول أعمال الهيئة التشريعية في إسرائيل بجداول البرلمانات الأخرى حول العالم، خاصة مع شعور المواطنين أنّ الكنيست بعطّل كتير. فوفقًا لأحدث البيانات المقارنة التي جمعتها IPU-Parline، وهي قاعدة بيانات عالمية عن البرلمانات، فإنّ العدد السنوي لأيام انعقاد الكنيست أقل بكثير مما هو عليه في العديد من البلدان الأخرى.
أيام الدوام
في المتوسط، انعقد الكنيست لمدة 99 يومًا في السنة على مدى السنوات التسع التي انتهت في عام 2021. هذا الرقم أقل بكثير من متوسط عدد الأيام في الهيئات التشريعية في دول مثل إيطاليا- 173 يومًا، والولايات المتحدة – 164 يومًا، والمملكة المتحدة- 147 يومًا، فرنسا- 137 يوم، والسويد- 134 يوم.
يوجد برلمانات أكسل من الكنيست، من بينها برلمان الألمان!
في حين أنّ عدد أيام انعقاد الكنيست أقلّ من الدول المذكورة أعلاه، إلا أنه يتجاوز عدد الأيام السنوية للنشاط في ديمقراطيات بارزة أخرى. على سبيل المثال، بلغ متوسط عدد أيام انعقاد البوندستاغ الألماني 61 يومًا على مدى 11 عامًا انتهت في عام 2023. كذلك، انعقدت البرلمانات اليابانية والأسترالية عدد أيام أقل من الكنيست، بمتوسط 65 و59 يومًا على التوالي على مدى العقد الذي انتهى في عام 2022. وبالمثل، اجتمعت الغرفة الأدنى للبرلمان الهندي بمتوسط 65 يومًا على مدى تسع سنوات انتهت في عام 2022.
عدد أيام انعقاد الكنيست السنوية مماثل إلى حد كبير لأيام نشاط البرلمان البرتغالي، الذي بلغ 98 يومًا على مدى 11 عامًا انتهت في عام 2023.
ما وراء الأرقام؟
يمكن عزو الفروق في أيام النشاط البرلماني إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك الهياكل السياسية، ومراحل العمليات التشريعية، واختلافات نظام الحكم. على سبيل المثال، في الدول ذات الأنظمة الثنائية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، غالبًا ما يتطلب إصدار القوانين جلسات أكثر تواترًا بسبب تعقيد وحجم التشريعات، وحاجة إحدى غرفتي البرلمان، في كثير من الحالات، إلى المصادقة على مشاريع القوانين الصادرة من الغرفة الأخرى.
وقد تُعيد إحدى الغرف (مجلس الشيوخ مثلًا) مشروع القانون إلى الغرفة الأخرى (مجلس النواب) كي تُعيد النظر فيه في ضوء تعديلات مقترحة. وحتّى بعد موافقة الغرفتين، يحتاج إصدار القانون، كما في الولايات المتحدة، إلى توقيع الرئيس لإصداره، وقد يُعيد هو الآخر مشروع القانون إلى البرلمان لإعادة النظر فيه. وعلى العكس من ذلك، في الدول ذات العمليات التشريعية الأكثر تبسيطًا أو الديناميات السياسية المختلفة، قد تكون الأيام الأقل كافية.
تداعيات عدد الأيام
يمكن أن يكون لعدد أيام انعقاد البرلمان تداعيات كبيرة على الحكم. المزيد من جلسات البرلمان يعني عادةً فسحةً أوسع للنقاش والرقابة والتشريع. ومع ذلك، من الضروري أن نأخذ في عين الاعتبار أنّ جودة المخرجات التشريعية لا تتوافق دائمًا بشكل مباشر مع عدد أيام الانعقاد. تلعب الكفاءة وفعالية النقاش والقدرة على تلبية احتياجات المواطنين أدوارًا حاسمة أيضًا.
يعطيكم العافية شباب، تعبتوا كتير!
مع ذهاب الكنيست إلى إجازته البالغة 3 أشهر، في عزّ أجواء ملتهبة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصاية، قد يُنظر إلى هذه الفترة من التوقف التشريعي على أنها استراحة محارب لأعضاء الكنيست لأخذ نفس عميق، وتقييم القرارات السابقة، بالإضافة إلى تواصلهم المثمر مع دوائرهم الانتخابية، والعمل على تطوير السياسات، والاستعداد للتحديات التشريعية المقبلة. لكنّنا كلّنا نعلم أنّ لا شيء سيتغير عند العودة، وأنّه، في كثير من الأحيان، وخصوصًا للمواطنين العرب، يكون البرلمان الفارغ أفضل أداءً من البرلمان الممتلئ.
مصدر المعلومات في المقال: دا ماركر عن IPU-Parline