أظهرت دراسة جديدة من مركز أدفا زيادة كبيرة في إنفاق الأُسر على خدمات التعليم في إسرائيل، ما يساهم في تفاقم عدم المساواة بين الشرائح المختلفة من السكان. يتجلى هذا بشكل خاص في المجتمع العربي، حيث تُظهر البيانات أنّ الأسر العربية تواجه تحديات كبيرة في تلبية احتياجات التعليم مقارنة ببقية السكان.
وفقًا لتقرير الدكتورة ميري أندلبرج- سباغ والمحامية نوغا داغان-بوزاغلو من مركز أدفا للأبحاث، فإنّه في عام 2021، بلغ متوسّط إنفاق الأسر في الشريحة الأعلى (الأكثر ثراءً) على خدمات التعليم 1195 شيكل شهريًا لكل طفل، وهو أكثر من 3.5 مرة من إنفاق الأسر في الشريحة الأدنى (ذات الدخل الأقل) الذي بلغ 328 شيكل شهريًا. كان الإنفاق على الدروس الخصوصية في الشريحة الأعلى 382 شيكل شهريًا لكل طفل، مقارنةً بـ30 شيكل شهريًا لكل طفل في الشريحة الأدنى. أما الإنفاق على الأقساط المدرسية ورياض الأطفال في الشريحة الثرية، فقد بلغ 309 شيكل شهريًا لكل طفل، في حين كان في الشريحة الأفقر 143 شيكل شهريًا.
مقارنة لأوضاع التعليم في المجتمع العربي
في المجتمع العربي، التحديات أكثر وضوحًا. الأسر العربية تنفق في المتوسط 108 شيكل شهريًا على الأقساط المدرسية و53 شيكل على الدروس الخصوصية، ما يجعل الإنفاق على التعليم في المجتمع العربي أقل بكثير من نظيره لدى المجتمع اليهودي (من غير الحريديم). حيث تنفق الأسر اليهودية العلمانية 234 شيكل شهريًا على الرسوم المدرسية و186 شيكل على الدروس الخصوصية لكل طفل.
كذلك، فإنّ المجتمع اليهودي الحريدي ينفق على الرسوم المدرسية أكثر من المجتمع العربي، حيث يبلغ معدل إنقاقه الشهري 231 شيكل، بينما يُعدّ معدل إنقاقه على الدروس الخصوصية الأقلّ مقارنة بباقي الشرائح، حيث يبلغ 34 شيكل شهريًا فقط لكلّ طفل.
ومع ذلك، كانت هناك زيادة حادة في الإنفاق على التعليم في المجتمع العربي بين عامي 2015 و2019، إذ ارتفع إنفاق المجتمع العربي على الأقساط المدرسية بنسبة قدرها 52٪، وعلى الدروس الخصوصية بنسبة قدرها 21٪. يعكس هذا النمو، المدعوم بتوسّع الطبقة الوسطى العربيّة، الاعتماد المتزايد على المدارس الخاصّة نتيجة لانخفاض الثقة في المدارس الحكومية، وعدم رضا المجتمع العربي عن الاستثمار الحكومي على التعليم في المجتمع العربي، ما يدفع الأسر العربية إلى الاستثمار في التعليم الخاص لتحسين فرص أبنائها.
تُحدّد وزارة التربية التعليم الرسوم التي يدفعها الأهالي للمدارس ورياض الأطفال، وتسمح بفرض أقساط تصل إلى 7000 شيكل سنويًا تحت ظروف معينة مقابل دروس التقوية والإثراء الخاصة (תל”ן) ومشتريات إضافية، وهناك مدارس يُسمح لها بفرض رسوم أعلى من ذلك. إجمالي الإنفاق الخاص على التعليم في عام 2021 بلغ في المتوسط 9636 شيكل للأسرة الواحدة بين اليهود غير المتدينين، و5268 شيكل بين الحريديم، و3960 شيكل بين العرب.
الفرق الشاسع في الإنفاق على التعليم بين المجتمعات يُعزّز الفجوات التعليمية ويزيد من عدم المساواة. الأسر الأكثر ثراءً لديها القدرة على توفير موارد إضافية لتعزيز تعليم أطفالها من خلال الدروس الخصوصية والأنشطة الإضافية، بينما الأسر الأقل حظًا تجد صعوبة في مواكبة هذه النفقات. يخلق هذا الأمر واقعًا تكون فيه الخيارات، وفرص التطوّر والتقدّم متاحةً بشكلٍ أوسع لدى إحدى الشرائح السكانيّة، في مقابل حرمان الشرائح الأضعف في المجتمع منها، ما يساهم في تكريس الوضع الحالي على المدى الطويل، ويقوّض إمكانيات التغيير.
توصيات لتحسين الوضع التعليمي
أوصت الباحثان في تقريرهما بأن تتخذ الحكومة خطوات لتقليل هذه الفجوات من خلال تمويل الدروس الخصوصية والأنشطة التعليمية وتخفيض الأقساط المدرسية. أشارت الباحثات إلى أن عدم المساواة في التعليم في إسرائيل يعد من بين الأعلى في العالم المتقدم، مما يستدعي إجراءات حكومية عاجلة لتوفير فرص تعليمية متساوية لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحة لتحسين البرامج التعليمية وظروف التعليم في المدارس العامة العربية لتقليل إنفاق الأسر العربية على التعليم الخاص. يشمل ذلك تحسين المناهج الدراسية، تقليل حجم الفصول الدراسية، ودعم الفصول التعزيزية في المدارس، ودعم المعلمين والموارد الدراسيّة لضمان تقديم تعليم متميز لجميع الطلاب على اختلاف أوضاعهم الاقتصادية والشرائح السكانيّة التي ينتمون إليها.
المصدر: دا ماركر + أدفا