“شو قصتك!؟” | قصص ملهمة لمبادرين/ات قرّروا تحويل مسارهم المهنيّ لتحقيق شغفهم في الحياة
لم يقتصر دور الصدفة في حياة، بشار ضاهر، على تغيير مساره المهني المتمثّل في تصوير المناسبات والتدريس، بل كانت بابًا فتح له عالمًا جديدًا من الطب البديل، ليكون سببًا في تخفيف آلام العديد من الأشخاص الذين يعانون من الأوجاع المختلفة، خاصة في الظهر والرقبة. وينصح بشار الشباب الذين يشعرون بعدم الرضا في وظائفهم بأن يواجهوا مخاوفهم من التغيير، وأن يسعوا إلى تحقيق طموحاتهم المهنية.
حدّثنا عن عملك السابق؟
بدأت عملي قبل 25 عامًا كمصور مناسبات (فيديو وصور تذكارية). وخلال سنوات عملي، توجّهتُ لدراسة الإعلام وأصبحتُ مدرّسًا في المدرسة الثانوية في الناصرة للطلاب المتخصصين في مجال الاتصال والإعلام.
ومع دخولي مجال التدريس، بدأ عدد زبائني في التصوير يقلّ بسبب انشغالي بالتعليم، واعتقادهم بأنني تركتُ مجال التصوير. زاد تفرّغي لمهنة التعليم، حيث أمضيتُ فيها 15 عام من حياتي، واستغنيتُ عن مهنة التصوير. خلال سنواتي الأخيرة كمُدرّس، بدأ الإعلام يتحول إلى العالم الرقمي، ما أثر على مكانة المصور وأدّى إلى غياب “هيبة الصورة”.
كيف كانت البداية في عالم الطب البديل؟
أثناء اشتغالي بالتعليم في المدرسة، تعرّفتُ بالصدفة على ابن خالي في برلين، والذي كان معالجًا بالطب الصيني والبديل، ولديه عيادة وكلية تعليم في هذا المجال. كنتُ وقتها أشكو من آلام في الظهر، فقدّم لي علاجًا أثار إعجابي ودفعني للتفكير في تعلّم هذه الطريقة المختلفة في العلاج. بدأتُ تعليمي عن بعد باستخدام السكايب، ومن ثمّ أصبحتُ أُسافر للتعليم في سويسرا على مدار 3 سنوات ونصف، ثمّ استكملتُ دراستي في الطب البديل لمدة عامين إضافيين في معهد فينجيت، كما شاركتُ في دورات ومساقات اسكتمال في العديد من الدول كالهند، وسويسرا، وألمانيا.
ما هي التحديات التي واجهتها عند بدء عملك في الطب البديل؟
بدأت عملي في العيادة عام 2011، وفي تلك الفترة كنتُ لا أزال معلمًا في المدرسة. كنت أسافر نهاية الأسبوع لتطبيق التعليم النظري في سويسرا، وصبيحة يوم الاثنين أعود للمدرسة. لم يكن الأمر سهلاً، وفي العام الدراسي 2019-2020 قدّمتُ استقالتي من التعليم، وتفرغت لمهنة الطب البديل.
في بداية عملي في الطب البديل، استأجرت عيادة في منطقة العين بالناصرة. واجهتني صعوبة في بناء الثقة مع الزبائن وإقناعهم بفوائد هذا النوع من العلاج. احتاج الأمر وقتًا لإثبات فعاليته وتحقيق النتائج المرجوة.
عندما انتهى عقد الإيجار مع صاحب المحل، فكرت في ترك المجال بسبب عدم تحقيق الربح الكافي لتغطية المصاريف. استشرت ابني، المتخصص في الاقتصاد، الذي اقترح نقل العيادة إلى منزل العائلة في سوق الناصرة، وهو بيت عربي قديم ذو أجواء خاصة سيوفّر عليّ مصاريف الاستئجار. تحمست للفكرة وبدأت بالترميمات اللازمة لتقسيم المبنى إلى منزل وعيادة ذات خصوصيّة معماريّة.
فتح العيادة في منطقة السوق كان يهدف أيضًا إلى إنعاش المنطقة اقتصاديًا بعد إغلاق معظم المحلات والدكاكين، حيث كانت في السبعينيّات مركزًا طبيًا مهمًا في الشمال، توجد فيه عياداتٌ لأطباء عرب مشهورين وصيدليات قديمة.
كيف تمكّنتَ من بناء قاعدة زبائن؟
عندما انتقلتُ إلى عيادتي الجديدة، كنتُ أمتلك بالفعل قاعدة من الزبائن، لكنها كانت محدودة. ومع مرور الوقت ونجاح عدد من الحالات الملفتة، أصبح الزبائن يتناقلون تجربة العلاج والنتائج فيما بينهم، ما جعل عيادتي عنوانًا لدى الكثيرين.
في البداية، اعتمدت على دعاية الزبون وتجربته، إذ لم يكن للفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الانتشار الكبير الذي نراه اليوم. لذلك، بُنيَت قاعدة الزبائن لديّ على أساس الثقة والتوصيات من متعالج إلى آخر.
ما هي مجالات العلاج التي تُقدّمها في عيادتك؟
أقدّم العلاج لكلّ ما يتعلق بآلام المفاصل، الظهر، الرقبة، والأكتاف. أينما يتواجد الألم في الجسد يمكنني معالجته من خلال الطب البديل، والطب الصيني، والوخز بالإبر. أود الإشارة إلى أن العديد من المرضى الذين التقيت بهم كان قد تمّ تحديد مواعيد لإجراء عمليات جراحية لمعالجة آلام الظهر لديهم، ونجحت في مساعدتهم على تجاوز الألم.
أتذكر حالة إنسانية تعرّفتُ عليها بالصدفة، كانت نقطة تحوّل في مسيرتي في العلاج بالطب البديل، حيث قمتُ مجانًا بتصحيح ظهر رجلٍ كبيرٍ في السنّ يعاني من اعوجاج شديد، لدرجة أنه كان يمشي بزاوية تقارب 90 درجة. شعرتٌ بأنني نلت بركة من الله بعد مساعدتي له، وقد فتح هذا النجاح أمامي آفاقًا جديدة.
كيف تقارن تجربتك في العمل المستقلّ مع الوظيفة؟
الوظيفة تُعتبر فترة انتقالية يجب أن يمر بها كل إنسان. أجد صعوبة في فهم الشخص الذي يقضي معظم حياته موظفًا. بالنسبة لي، الوظيفة تشبه السجن، حيث يكون السجين خاضعًا لأوامر مدير السجن. خلال عملي في المدرسة، شعرت وكأنني في سجن، إذ كان عليّ الالتزام بمواعيد الدخول والخروج، وأي تأخير أو مغادرة مبكرة كانت تتطلب إذن المدير. بالنسبة لي، الوظيفة كانت نوعًا من العبودية، ولم أكن أؤمن بها. كنت مضطرًا للعمل ضمن إطار وظيفة لمدة 15 عامًا، ولم أكن راضيًا عن الوضع. اليوم، بعدما أصبحت شخصًا مستقلًا، تحسنت نفسيتي وحياتي بشكل عام، وأصبحت سيد نفسي.
أيضًا، يختلف مجال عملي الحالي عن الوظيفة بكونه مرتبطًا بالمواسم. من شهر 12 إلى شهر 2، تكون وتيرة العمل خفيفة بسبب البرد الشديد، حيث يُفضّل الزبائن تحمل الألم وتأجيل الزيارة إلى حين ارتفاع درجات الحرارة.