الكل يُحذّر، لكن ماذا يعني انهيار الاقتصاد الإسرائيلي وكيف سيؤثر على حياتكم اليومية؟

الواقع الاقتصادي لدولة إسرائيل خطير جداً: ارتفاع جنوني للأسعار، هروب المستثمرين، عجز ضخم في الميزانية، انكماش في الناتج المحلي، وزير مالية أرعن وحكومة فاشلة على كل المستويات. الخبراء يحذرون: قريبا الحكومة ستمد يدها لتوفيراتكم.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة


في حوار طويل على موقع كالكاليست، يحاور الصحفي أدريان بايلوت، عددًا من أبرز الوجوه الاقتصادية في إسرائيل، حول أوضاع البلاد المالية الصعبة نتيجة للحرب، بالإضافة إلى سوء التدبير من قبل الحكومة بقيادة نتنياهو وسموتريتش، وكذلك الإنقلاب القضائي في عام 2023. إليكم تلخيصًا لأبرز ما جاء في هذا الحوار، وكيف ستؤثّر الأوضاع الاقتصادية المعقّدة على حياتكم بشكلٍ مباشر. 

العجز المالي وسوء الإدارة
ينتقد البروفيسور آفي بن-بيست ، المدير العام لوزارة المالية ومدير قسم الأبحاث في بنك إسرائيل، ميزانية عام 2024 بسبب العجز الكبير الذي يصل إلى 6.6%، والذي لا يتضمن النفقات الإضافية المرتبطة بالحرب وعجز مؤسسة التأمين الوطني. فبحسبان هذه النفقات، والعجز في مؤسسات الدولة، قد يكون العجز الحقيقي أعلى من 9%، أي حوالي 170 مليار شيكل. ويشدّد بن-بيست على أن الميزانية الحالية تركز على مصالح سياسية بدلاً من معالجة الاحتياجات الفورية الناتجة عن النزاع المستمر. هذه السياسات أدت إلى ارتفاع التضخم، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وتدهور مستوى المعيشة. يدعو بن-بيست إلى ميزانية أكثر توازناً ومسؤولية لعام 2025 للتعامل مع هذه المشكلات واستعادة استقرار الاقتصاد.

آفي بن بست- مصدر الصورة: ويكيبيديا
آفي بن بست- مصدر الصورة: ويكيبيديا

الأثر المالي على الأُسَر
يُقدّر البروفيسور إيتاي إتير من جامعة تل أبيب، ومؤسس ورئيس منتدى الاقتصاديين من أجل الديمقراطية، الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالأُسَر في عام الانقلاب القضائي بـ 69 ألف شيكل، حيث خسرت كل أسرة 60 ألف شيكل من أصولها المالية التي تشمل معاشها التقاعدي والمدخرات ومحافظ الاستثمار، بالإضافة إلى 9 آلاف شيكل أخرى تمثل الفائدة والتضخم المرتفعين.

أما على المدى الطويل، فيعتقد البروفسور أنّ الخسائر قد تتراوح بين 80,000 و400,000 شيكل سنويًا بسبب الاضطرابات القانونية والاقتصادية. تشمل هذه الخسائر زيادة التضخم وأسعار الفائدة، وتقلص المدخرات. يحذر بايلوت من أن الحكومة قد تلجأ إلى استخدام أموال التقاعد ومدخرات الأفراد كوسيلة لزيادة الإيرادات، مستندة إلى تجارب دول أخرى، كتركيا، في أزمات مشابهة.

كما يتوقع تأثيرات سلبية على الأعمال، خاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة “الهايتك”، ما يؤدي إلى تقليص العرض في السوق، وارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وضغط على ميزانيات الأسر. يشير بايلوت أيضًا إلى تعطيل السفر الدولي وارتفاع تكاليف الرحلات، حيث ستقلص العديد من شركات الطيران أعمالها في البلاد، على المدى الطويل، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

التدهور الاقتصادي على المدى الطويل
يؤكّد الدكتور يناي شبيتسر، من الجامعة العبريّة والخبير في التاريخ الاقتصادي، بأنّ حتى الانخفاض الطفيف في النمو الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى عواقب جسيمة على المدى الطويل، مثل تقليص الخدمات العامة وارتفاع الضرائب. يحذر من أن استمرار سوء الإدارة المالية للدولة قد يؤدي إلى أزمة ديون مشابهة لتلك التي حدثت في اليونان، ما يفرض إجراءات تقشف قاسية ويؤثر على مستوى المعيشة. يؤكد سبينزر أن التأثير الفوري قد يكون محدودًا، لكن الآثار التراكمية للسياسات الحالية يمكن أن تقوض الاستقرار الاقتصادي والرفاهية العامة بمرور الوقت. كما يُشدّد على أنّ التدهور الاقتصادي الذي تسير البلاد نحوه قد يجعل إسرائيل أقل جاذبية لتربية الأطفال، نتيجة لتدهور جودة الحياة.

بني براك
بني براك- تل أبيب

تآكل الثقة الدولية ومخاوف الاستثمار
يُعبّر كلّ من إيلي يونس، الذي شغل منصب المحاسب العام في وزارة المالية والمدير التنفيذي لبنك هبوعليم، والبروفيسور أودي نيسان، الذي كان مسؤول  الميزانيات في وزارة المالية ومدير هيئة الشركات الحكومية، عن قلق عميق بشأن سمعة إسرائيل الدولية وإدارتها الاقتصادية الداخلية. يلاحظ يونيس أن المستثمرين الأجانب أصبحوا أكثر تشككًا في استقرار الاقتصاد الإسرائيلي، ما يؤدي إلى فقدان الاستثمارات الحيوية، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا المتقدمة “الهايتك”، الذي يُعد المحرك الرئيسي للاقتصاد. يُحذر يونيس أيضًا من أنّ المواهب والاستثمارات في هذا القطاع الحسّاس قد تنتقل إلى الخارج، ما يضر بالآفاق الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، ينبّه يونيس إلى أنّ صناديق التقاعد الإسرائيلية تستثمر بشكل متزايد خارج إسرائيل، ما يعكس نقص الثقة في الاقتصاد المحلي.

يوجّه البروفيسور أودي نيسان انتقادات للحكومة، خصوصًا وزير المالية سموتريتش الذي لا يمتلك خبرة اقتصادية، لتجاهل المشورة الاقتصادية المهنية في اتخاذ القرارات، ما يؤدي إلى سياسات غير فعالة وزيادة عدم اليقين. يؤكّد نيسان أنّ الأسواق المحلية تفقد الثقة في الحكومة، وذلك يؤثر على الاستثمار ويعرقل عجلة الاقتصاد. وتسهم هذه الحالة في تآكل أوسع للثقة، حيث لا تؤثّر فقط على الصورة المحلية للاقتصاد الإسرائيلي، بل على صورته الدولية كذلك كمكان جذّاب للمستثمرين الدوليين، والذين يصعب إعادة غزل الخيوط معهم إذا انقطعت. يشير نيسان أيضًا إلى عدم كفاءة وجود 32 وزارة حكومية، كنتيجة للسياسة الائتلافية للأحزاب الحاكمة، ما يُعقّد الإدارة الحكومية والاقتصادية أكثر، ويؤدّى إلى نفقات لا طائل من ورائها.

الأثر الاجتماعي وفقدان ثقة الجمهور
يناقش البروفيسور يوسي شبيغل من جامعة تل أبيب، وهو رئيس الجمعية الاقتصادية الإسرائيلية ومستشار للاتحاد الأوروبي، الآثار الاجتماعية الأوسع للسياسات الاقتصادية الحالية. يجادل بأن جودة الحياة، بما في ذلك الرفاهية النفسية والاجتماعية، تتعرض للتقويض. تصرفات الحكومة الحالية بالنسبة إليه تُضعِف الثقة المجتمعية والتضامن، وهي ضرورية لاقتصاد فعال. يلاحظ شبيغل أنّ تدهور الخدمات العامة وتعيين أشخاص غير مؤهلين في المناصب الرئيسية يؤديان إلى قطع الروابط بين المواطنين ودولتهم ومؤسساتها، كجهاز الشرطة. يساهم ذلك في شعور الناس بأنّ إسرائيل لم تعد مكانًا مرغوبًا فيه لتربية الأطفال، حيث أصبح العديد من الأفراد والأسر يفكرون في الانتقال إلى الخارج للحصول على فرص معيشية أفضل.

المصدر: كالكاليست

مقالات مختارة

Skip to content