للمرة الخامسة على التوالي، قرر البنك المركزي الإسرائيلي الإبقاء على سعر الفائدة عند 4.5%، وهو قرار يخالف التوجه العام للبنوك المركزية العالمية التي تسعى لتخفيض الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. يأتي هذا القرار وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي المتزايد بسبب الحرب على غزة، وارتفاع الإنفاق العسكري، وتفاقم معدلات التضخم.
الأسباب وراء قرار البنك المركزي الإسرائيلي
رغم أن تثبيت سعر الفائدة عادةً ما يعكس استقرار الاقتصاد، إلا أن السياق الإسرائيلي مختلف. هناك عدد من الأسباب التي دفعت البنك المركزي لهذا القرار. أولاً، الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة 3.2% في يوليو/تموز الماضي، تتجاوز الحد المستهدف للبنك المركزي والذي يتراوح بين 1% و3%. هذا التضخم المتزايد يُعقد من قرار تخفيض الفائدة، خاصة في ظل زيادة النفقات العسكرية وتباطؤ النمو الاقتصادي، ما يجعل البنك المركزي غير قادر على تحمل تبعات خفض الفائدة في الوقت الحالي.
ثانيًا، يلعب الوضع الجيوسياسي المتوتر دورًا حاسمًا في اتخاذ القرار. فالحرب المستمرة على غزة تهدد الاستقرار الاقتصادي، كما أن تصاعد التوترات مع حزب الله أو إيران قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على التصنيف الائتماني لإسرائيل، بحسب وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، ما قد يزيد من كلفة الاقتراض ويُضعف الاقتصاد بشكل أكبر.
المقارنة مع أسعار الفائدة الأمريكية وتأثيرها على القرار الإسرائيلي
على الجانب الآخر، يتأثر قرار البنك المركزي الإسرائيلي بموقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي لم يخفض سعر الفائدة حتى الآن. البنك الإسرائيلي، الذي خفض بالفعل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في بداية العام، يجد نفسه في وضع صعب إذا خفض الفائدة أكثر من ذلك، حيث قد يؤدي هذا إلى انخفاض جاذبية السندات الإسرائيلية مقارنة بالسندات الأمريكية، وبالتالي خروج رؤوس الأموال من البلاد.
ويعزي خبراء في بنك هبوعليم ارتفاع الفارق بين السندات الأمريكية والإسرائيلية إلى أعلى مستوى في 11 عاماً إلى مخاوف المستثمرين بشأن المصداقية المالية وتسويف الحكومة في تقديم ميزانية عام 2025.
هذا التباين في السياسة النقدية بين إسرائيل وأمريكا يضع ضغطاً على البنك المركزي الإسرائيلي للإبقاء على الفائدة عند مستوى مرتفع، لتجنب ضعف الشيكل وزيادة التضخم بشكل أكبر. ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين أن يبدأ البنك في تخفيف سياسته بحلول نوفمبر، إذا ما تحسنت الأوضاع الجيوسياسية وبدأت الضغوط التضخمية في الانحسار.
انتقاد محافظ بنك إسرائيل لقرارات الحكومة
في خضم هذه التحديات، لم يتوانَ محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، عن توجيه انتقادات لقرارات الحكومة الإسرائيلية المتعلقة بالسياسات المالية. في تصريحاته الأخيرة، أشار يارون إلى أن حالة عدم اليقين المحيطة بموازنة عام 2025 وعدم اتخاذ الإجراءات الضرورية لخفض العجز المالي يجعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي على المدى القريب. وصرّح بأن “تأجيل تقديم ميزانية الدولة وعدم إجراء التعديلات اللازمة يزيد من المخاطر وقد يصعّب من إعادة التضخم إلى مستواه المستهدف”. كما أكد يارون أن خفض الإنفاق الحكومي بمقدار 30 مليار شيكل يعدّ حداً أدنى لإدارة المخاطر بشكل معقول، مشددًا على أهمية تنظيم الميزانية في أسرع وقت لإعادة الثقة للأسواق والمستثمرين، وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقراراً في ظل الظروف الراهنة.
تراجع الدولار واليورو أمام الشيكل
بعد إعلان بنك إسرائيل تثبيت سعر الفائدة، شهد سوق الصرف الأجنبي تحركات معتدلة، حيث انخفض سعر الدولار بنسبة 0.2% أمام الشيكل ليصل إلى 3.66 شيكل، وتراجع سعر اليورو بنسبة 0.3% ليصل إلى 4.07 شيكل.
المصدر: كالكاليست + العربي الجديد