تسببت الحرب الحالية على قطاع غزة في إحداث تغييرات جذرية في سوق العقارات، خاصة في سوق الشقق المستعملة. بات العديد من الملّاك في البلاد يجدون صعوبة متزايدة في بيع عقاراتهم، ما يضطرهم إلى تخفيض الأسعار بشكل ملحوظ وسط حالة من الجمود الاقتصادي والمخاوف من استمرار الحرب واتساع نطاقها.
انخفاض أسعار الشقق المستعملة
قبل اندلاع الحرب، كان بإمكان ملّاك الشقق المستعملة تلقي العديد من العروض والاتصالات والتمسك بالأسعار التي يطلبونها. لكن مع تطور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، تغيرت الأمور بشكل كبير. فقد أظهر تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن أسعار الشقق المستعملة تراجعت في المتوسط بنسبة 6% خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2024.
على سبيل المثال، بلغ متوسط سعر الشقة المستعملة التي بيعت في النصف الأول من العام نحو 2.08 مليون شيكل، في حين كان السعر المطلوب حوالي 2.217 مليون شيكل، بفارق حوالي 137 ألف شيكل. وكانت تل أبيب من أكثر المدن التي شهدت هذا الانخفاض، حيث بلغ الفارق بين السعر المطلوب وقيمة البيع الفعلية 7.1%.
في منطقة الشمال، انخفضت الأسعار بنسبة 6.7%، من 1.565 مليون شيكل للسعر المطلوب إلى 1.46 مليون شيكل كسعر بيع فعلي. وفي المنطقة الجنوبية، بلغت الفجوة 6.5%. بينما كانت منطقة الوسط الأقل تعرضاً للتنازلات، مع تسجيل فجوة في الأسعار بنسبة 5.6%.
تأثير حجم الشقة على الأسعار
تأثرت أسعار الشقق المستعملة أيضًا بحجمها، حيث تنازل البائعون بشكل كبير في الأسعار المطلوبة للشقق الصغيرة التي تحتوي على غرفة واحدة والشقق الكبيرة (7 غرف فما فوق). بلغت نسبة الفجوة بين السعر المطلوب وسعر البيع النهائي 8% للشقق الصغيرة و7.8% للشقق الكبيرة.
كما شهدت الشقق ذات الغرفتين فرقًا قدره حوالي 7% بين السعر المطلوب وسعر البيع النهائي المسجّل.
زيادة الطلب على “الغرف المحصنة”
إحدى الظواهر اللافتة التي أظهرتها البيانات الأخيرة هي ارتفاع الطلب على الشقق التي تحتوي على “غرف محمية أو محصّنة”، وهي غرف خاصة مجهزة بمواصفات أمان عالية تعمل كملجأ من الهجمات الصاروخية والكيماوية. أدى هذا التحول إلى زيادة الطلب على العقارات الجديدة التي تتوفر على هذه الغرف، وانخفاض الطلب على الشقق المستعملة التي تفتقر إلى هذه الميزة، ما دفع الملاك إلى تقديم تنازلات أكبر في الأسعار.
وقد أشارت أييليت نيتسان، نائبة رئيس التسويق في موقع “Yad2″، إلى أن “الانخفاض في أسعار الشقق المستعملة يرتبط بتزايد الطلب على العقارات التي تحتوي على غرف محمية منذ اندلاع الحرب، بينما يظل المعروض منها محدوداً في الشقق القديمة”.
خريطة الطلب العقاري
تغيرت خريطة الطلب العقاري في البلاد بشكل جذري بسبب الحرب والاشتباكات المتواصلة مع الفصائل المسلحة في غزة وحزب الله في الشمال. أظهر تحليل أجرته شركة “madlan” للعقارات ركوداً في الطلب على العقارات في المناطق الجنوبية والشمالية، حيث باتت المدن القريبة من الحدود، مثل تلك الموجودة شمالي البلاد، تواجه انخفاضًا كبيرًا في الطلب والأسعار. فكلما اقتربت المنطقة السكنية من السياج الحدودي زاد التهديد وعدم اليقين بشأن المستقبل، ما أثر ليس فقط على حجم المعاملات، ولكن أيضاً على قيمة العقارات.