“سياحة يوك!” 70% من الحجوزات كانت نحو تركيا | هكذا أثّرت الحرب على المكاتب السياحية العربية في البلاد

أيقون موقع وصلة Wasla
ملاك عروق | خاص لوصلة

flights


سيُسجَّل
عام 2024 بالعام الأفضل في تاريخ السياحة العالمية وإسرائيل ليست ضمنه. السياحة في البلاد لن تعود كما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، والأزمات المرتبطة بها قد تستمر لسنوات أخرى، خاصةً وأنّ نهاية الحرب لا تلوح في الأفق، وفقًا لخبراء إسرائيليين.

منذ اندلاع الحرب، ألغيت العديد من حجوزات الرحلات الجوّية من وإلى البلاد، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة. بحسب صحيفة معاريف، تعمل حاليًا حوالي 45 شركة طيران فقط من أصل 250 شركة كانت تعمل قبل الحرب  في البلاد.

القطاع السياحي ما بعد السابع من أكتوبر 

سجّل عدد السّياح الوافدين إلى البلاد تراجعًا بنسبة 81.5% في الثلاث أشهر الأولى من الحرب، مقارنةً بالربع الأخير من عام 2022. فقد زار البلاد حوالي 180 ألف سائح في الربع الأخير من عام 2023، مقابل  930 ألف سائح في ذات الفترة من عام 2022. وفقًا لمركز الإحصاء الداخلي، بين يناير وأبريل من عام 2024 وصل البلاد نحو 288 ألف سائح فقط من أصل مليون و300 ألف سائح في الفترة نفسها العام الماضي. أي أنّ عدد السيّاح بعد الحرب يُعادل خمس عددهم في الفترة ذاتها ما قبل الحرب.

كما شهد القطاع السياحي تراجعًا في حجم المبيعات بنسبة 73%، وانخفاضًا بنسبة 64% في حجم المعاملات، وانخفاضًا آخر بنسبة 26% في متوسط ​​مبلغ المعاملة مقارنةً بنهاية عام 2022. 

بحسب يوسف فتال، الرئيس التنفيذي لمكتب منظمي السياحة الوافدة، كان من المفترض أن يتجاوز عام 2023 عام 2019 ويُحقّق رقمًا قياسيًا يتجاوز الـ 4.5 مليون سائح، لكنّه كان العام الذي انهارت فيه السياحة إلى الصفر تقريبًا. 

حال المكاتب السياحية في ظل الحرب 

تعمل ياسمين محروم في مجال السياحة منذ عام 2016، وهي مصدر الرزق الوحيد لها ولعائلتها. في الشهر الأول للحرب، اضطرت ياسمين، صاحبة مكتب “المحروم للسياحة” إلى إغلاق أحد مكاتبها، وتسعى جاهدةً للحفاظ على بقاء المكتب الآخر. 

تقول ياسمين لوصلة: “مع بداية الحرب كلّ شيء توقّف. لم يعد بإمكاني أن أدفع رواتب الموظفين وإيجار المكتب، اضطررت لإغلاق المكتب في طمرة، بينما نَقلتُ المكتب الآخر في الناصرة إلى المنزل، لتوفير نفقات الإيجار”.

7152e769 ba51 4431 a1a9 32ebd9548a5d e1726395306272
ياسمين محروم صاحبة مكتب “المحروم للسياحة”

وتضيف: “أُلغِيَت العديد من الرحلات الجوية بداية الحرب. وامتنع العديد من الناس عن السفر تعاطفًا مع أبناء شعبهم. ومع استمرار التصعيد، تضاعفت أسعار تذاكر الطيران بشكل ملحوظ، فلا توجد تخفيضات أو عروض مثل ‘الطائرة في الدقيقة ال90’. الأسعار تبدأ من 1000 دولار، أي أنّ التذاكر ذات الأسعار المرتفعة السنة الماضية تُعتبر ‘رخيصةً’ اليوم”.

من يُعوّض المكاتب السياحية عن الخسائر الناجمة من الحرب؟

بعض المكاتب السياحية أغلقت أبوابها بسبب انخفاض نسبة السياحة في البلاد، بينما بدأ أصحاب مكاتب سياحية آخرون في البحث عن مصدر دخل بديل. وفي هذا السّياق تقول ياسمين: “ أبحثُ عن مصدر رزق جديد، بعد شهر قد لا يكون هناك أي عمل في السياحة. يمكنني القول إنّ الخسائر المادية للمكاتب السياحية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحرب وصلت إلى 100%“. 

خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحرب، تم تفعيل قانون للتعويضات لتغطية النفقات الثابتة وجزء من الرواتب للشركات السياحية المتوسطة والصغيرة، لكن بشرط توفّر شروط محددة، حيث تم تحديد مناطق القتال كمناطق تغطّيها التعويضات، أي أنّ الشركات والمكاتب السياحية خارج تلك المناطق، لا تنطبق عليها شروط استحقاق التعويض.

لا تزال الشركات السياحية تطالب بتأمين حزم تعويض ذات حماية طويلة الأمد، بدلًا من المساعدات المادية المحدودة الّتي قدّمتها الدولة، في ظل استنفاد مدخراتها الاحتياطية وفقدان القدرة على العمل كالسابق في المجال السّياحي، خلال هذه الأشهر من الحرب.

“تحسّنت الأوضاع السياحية بشكل طفيف منذ بداية السنة، تحديدًا خلال العطل المدرسية. لكن لم نتلّق منح من الدولة لتعويض هذه الخسارة الكبيرة. حتى الآن لم نصل إلى مرحلة يمكننا القول فيها ‘وقّفنا على إجرينا’، رغم انتهاء الموسم السياحي”، تقول ياسمين.

أزمة كورونا ثمّ صفعة الحرب 

يوافقها الرأي سامح شيناوي صاحب مكتب “رويال جروب”، قائلًا: “إلغاء الرحلات الجوية إلى تركيا كان ضربة كبيرة لنا، هناك وجهات أخرى أوقفت طيرانها إلى البلاد بشكل مؤقت أيضًا. ׳لم نصدّق حتى انتهت أزمة كورونا لنقف على أرجلنا׳، الوضع الاقتصادي العام صعب ويتضمّن تحدّيات عديدة، الناس أصبحت تخشى حجز التذاكر كالسابق”.

7ae2a77c 1f7f 41e2 8fcd f607449d3d97
سامح شيناوي صاحب مكتب “رويال جروب”

ويتابع: “لا توجد منح تعويضية كما كان الحال في فترة الكورونا، يمكنني القول إنّ تضرُّرنا كأصحاب مكاتب سياحية وصل إلى نسبة 80% ولا أحد يعوضنا. سجّلتُ في مكتب العمل، تلقيتُ مبلغًا لمدة ستة أشهر، ثمّ ماذا؟ أنا أب و معيل لعائلة كاملة، بدأتُ بالبحث عن مصدر دخل إضافي، لكن ليس من السهل العثور على عمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”. 

مستقبل المكاتب السّياحية: إلى أين تتجه الأمور؟

يعمل أحمد الصعبي صاحب مكتب “ألمى للسياحة” منذ ثماني سنوات في القطاع السياحي، ويقول في حديثه لوصلة: “الوضع الراهن له أثر جسيم على السياحة. الوضع الاقتصادي العام صعب، ولم يعد بمقدور الزبائن الاستثمار في سفرة مرتفعة السعر”. 70% من الحجوزات المكاتب السياحية في البلاد كانت مُوجّهة إلى تركيا، ومع إلغاء الرحلات الجوية إليها، ازداد وضعنا الاقتصادي سوءًا. لا أعتقد أنّ هناك مكتبًا سياحيًّا مع موظّفين سيصمد في وجه هذه التحديات“.

2573d054 7994 460f 9ec0 c273c6243dd2
أحمد الصعبي صاحب مكتب “ألمى للسياحة”

“العمل في المجال السياحي بطبيعته فيه خسائر ماديّة، يُلغي بعض الزبائن التذكرة أو الحجز في الفندق ويرفضون دفع رسوم الإلغاء. خلال فترة الحرب ولتجنّب خسائر أكبر في عملي، قرّرت أن لا أستلم شيكات من الزبائن، فالكثير منها لم يُصرف بسبب الوضع الاقتصادي العام. الفترة الحالية صعبة على الجميع والكل يعاني من تبعاتها الاقتصادية”، يُضيف أحمد. 

ويختم قائلًا: المجال السّياحي ميّت، الشركات السياحية الإسرائيلية الكبرى لا يوجد لديها قابلية الاسترداد، فما بالك بالشركات الصغرى؟ كل الشركات مرتبطة ببعضها البعض. الحرب لم تنتهِ والوضع يتّجه نحو الأسوأ“.

مقالات مختارة

Skip to content