“نفايات” ع مد النظر | أزمة المكبّات تتفاقم في البلدات العربية وعصابات الإجرام تتربّح من النفايات أكثر من المخدرات!

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة


مشكلة إدارة النفايات في إسرائيل تعتبر من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البلاد اليوم، وتتفاقم بشكل خاص في المناطق العربية حيث تسيطر المنظمات الإجرامية في بلدات عديدة على قطاع إدارة النفايات. هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، فقد تشكلت نتيجة إهمال مزمن في تنفيذ خطط وطنية شاملة لإدارة النفايات، إلى جانب عوامل أخرى مثل الفوضى الاقتصادية التي تعيشها السلطات المحلية في بعض المناطق العربية، ما فتح المجال أمام المنظمات الإجرامية للسيطرة على هذا القطاع الحيوي.

גדיידה
نفايات متراكمة في جديدة المكر بسبب أزمة جمع النفايات

واقع النفايات في البلاد

وبحسب تقرير صحفي نُشر مؤخرا في “هارتس”،  تعاني إسرائيل من نسبة عالية من النفايات المدفونة، إذ يتم طمر نحو 80% من النفايات في المكبات، وهي نسبة تفوق بكثير ما هو معمول به في الدول المتقدمة التي تركز على إعادة التدوير أو تحويل النفايات إلى طاقة. يترافق هذا الوضع مع تقلص المساحات المخصصة لطمر النفايات، ما يؤدّي إلى تكدّس طوابير طويلة من الشاحنات في بعض مواقع الطمر الرئيسية مثل موقع “أفعي” في النقب، الأمر الذي يتفاقم بشكلٍ خاصّ في فترات الأعياد اليهودية.

علاوة على ذلك، تشهد المناطق الطبيعية والأودية انتشارًا واسعًا لمكبات النفايات غير القانونية، ما يؤدي إلى تلوث الهواء والمياه وتدمير البيئة الطبيعية، حيث يتم التخلص من النفايات بشكل عشوائي ودون رقابة. وتساهم هذه المكبات غير القانونية في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الأمراض، فضلًا عن الحرائق التي تشتعل في بعض الأحيان، ملوثة الهواء بمواد سامة تؤثر على صحة السكان في المناطق المجاورة. هذه الأوضاع تؤدي إلى أزمة صحية وبيئية تعاني منها البلاد بأكملها.

سيطرة المنظمات الإجرامية على قطاع النفايات

في ظل هذا الواقع، كانت الفوضى الحاصلة في المجتمع العربي فرصة سانحة أمام المنظمات الإجرامية لفرض سيطرتها على مكبات النفايات. في بعض القرى والمدن العربية مثل جديدة المكر، توقفت عمليات جمع النفايات بالكامل خلال الصيف الماضي بسبب اشتباكات بين منظمات إجرامية متنافسة على السيطرة على “سوق” النفايات، وكأنّ ساحة التنافس الآن انتقلت من المخدرات إلى النفايات. 

هذه الظاهرة ليست جديدة في العالم، فقد شوهدت تجارب مشابهة في مدن مثل نابولي في إيطاليا، حيث أدى تداخل الفساد والجريمة إلى تفاقم أزمة النفايات.

إحدى أبرز الحوادث التي تبرز مدى خطورة الوضع هو جريمة إطلاق النار على الدكتور حسين طربيه، أحد الشخصيات البيئية البارزة في الجليل، الذي أسس اتحاد المدن الذي يتعامل مع القضايا البيئية في عدة مجالس محلية في المنطقة. وذلك نتيجة لمشاركته في جهود منع المنظمات الإجرامية من السيطرة على مناقصات النفايات في بعض المناطق، وآخرها مناقصة جمع النفايات في سخنين. الحادثة ألقت الضوء على مدى تعرض العاملين في هذا القطاع للخطر، خاصة في ظل غياب تدخل فعال من الشرطة والسلطات المختصة. وقد تمّ تهديد موظفين آخرين عاملين في الاتحاد بأنّ دورهم هو التالي!

1024px PikiWiki Israel 3870 Ganey Hadas
مكب نفايات – صورة توضيحية- مصدر: ويكيميديا

الحلول الحكومية

تحاول “الوزارة لحماية البيئة” إيجاد حلول لأزمة النفايات في البلاد، حيث تعمل على توسيع مساحات الطمر الموجودة، مع فتح مواقع جديدة مثل الموقع في مشور روتم، ومحاولة رفع كفاءة المواقع الحالية من خلال فتح خلايا طمر إضافية. لكن هذه الخطوات، لا تكفي لحل المشكلة على المدى الطويل.

تحاول الوزارة كذلك الترويج لحلول بديلة للطمر، مثل بناء مرافق لإعادة تدوير النفايات أو تحويلها إلى طاقة. أحد الأمثلة البارزة هو المشروع الذي يتم تنفيذه حاليًا في نئوت حوفاف، والذي يهدف إلى إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء من خلال حرق النفايات. لكن هذه الحلول تحتاج إلى سنوات قبل أن تصبح فعّالة بشكل كامل، ما يعني أن الأزمات الحالية قد تستمر لفترة قبل أن يتم تخفيف حدتها.

بالإضافة إلى بناء منشآت جديدة، تدرس الوزارة إصدار قوانين جديدة في مجال تنظيم عمل شركات إدارة النفايات، تهدف إلى ضبط النشاطات في هذا القطاع بشكل أفضل، وضمان عدم استغلال الشركات الخاصة الوضع لتحقيق مكاسب غير قانونية. كما أن الوزارة تحاول التعاون مع الشرطة لمواجهة المنظمات الإجرامية التي تستغل ضعف الرقابة والسيطرة في بعض المناطق.

إحدى الخطوات الجديدة التي يتم بحثها هي إنشاء مشروع لتعزيز التعاون بين عدّة سلطات محلية في القضايا المتعلقة بجمع النفايات. هذه الفكرة تهدف إلى تحسين إدارة الموارد وضمان توزيع أفضل للمسؤوليات والميزانيات بين السلطات المحلية، خصوصًا في المناطق التي تعاني من مشاكل اقتصادية.

المصدر: هآرتس + تايمز أوف إسرائيل

مقالات مختارة

Skip to content