في أعقاب اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر عام 2023، قامت العديد من المؤسسات الاستثمارية بزيادة استثماراتها في إسرائيل، بناء على الرأي القائل بأن سوق الأسهم والسندات الإسرائيلي يمثل فرصة استثمارية على المدى الطويل، وبأنّ الحرب لن تطول كثيرًا. لكن، منذ أبريل/نيسان 2024، بدأت رؤوس الأموال في مغادرة البلاد بشكل أكبر، نتيجةً لتفاقم الوضع الاقتصادي والأمني، وعدم الثقة في قدرة السياسات المالية التي ينتهجها بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش على استعادة الاستقرار والنمو الاقتصادي.
وفقاً لبيانات صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية، فقد قامت المؤسسات الاستثمارية بتحويل حوالي 151 مليار شيكل (40.4 مليار دولار) إلى الخارج منذ بداية أكتوبر 2023. وارتفع متوسط استثمار المؤسسات في الخارج من 51.7% في بداية الحرب إلى 56.3% في نهاية يوليو 2024. وبالنسبة لصناديق التقاعد، ارتفعت نسبة الاستثمار في الخارج إلى 50% مقارنة بـ47.6% في بداية أكتوبر 2023، حيث تدير صناديق التقاعد 854 مليار شيكل، منها 427 مليار شيكل مستثمرة في الخارج.
التوجه نحو الخارج يعكس المخاوف المتزايدة من الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الصراع المستمر، بالإضافة إلى القلق من تصاعد العجز المالي وانخفاض النمو. فقد أظهرت بيانات سابقة أن التحويلات المالية من قبل الأفراد والأسر في إسرائيل وصلت إلى نحو 5.6 مليار دولار في عام 2023، بزيادة تصل إلى سبعة أضعاف مقارنة بالتحويلات قبل الحرب.
مقالات ذات صلة: ما السرّ في تزايد هجرة الإسرائيليين إلى البرتغال؟
في الأشهر الأولى من الحرب، اختارت المؤسسات الاستثمارية الإسرائيلية زيادة استثماراتها في السوق الإسرائيلية كدليل على التضامن وكأمل بأن يكون ذلك فرصة استثمارية على المدى الطويل بعد استقرار الظروف، ولكن منذ أبريل 2024، وخصوصًا بعد تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل، بدأ الاتجاه في التغير بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، قامت شركة “Phoenix Villain Lapidos”، التي تدير 76 مليار شيكل من أموال الادخار و70 مليار شيكل من أموال التقاعد، بزيادة استثماراتها في الخارج بشكل تدريجي شهريًا (زيادة بنسبة 1% كل شهر) منذ مايو 2024.
يؤكد يوفال بير إيفان، مدير استثمار في شركة “مغدال” للتأمين، أنّ الوضع السياسي المتدهور والمخاوف من تصاعد النزاع في الشمال مع حزب الله قد ساهمت في قرار المؤسسات بتقليص استثماراتها في إسرائيل، ناهيك عن العجز المالي الذي ارتفع إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي في أغسطس 2024، وزيادة التضخم. وقد انعكس ذلك سلبًا على حركة سوق الأسهم، التي انخفض شراؤها بشكلٍ حادّ في الربع الثاني من العام.
وأُضيفت عوامل أخرى قوّضت ثقّة المستثمرين وعمّقت حالة القلق لديهم وغياب اليقين، نجمت عن المماطلة في إنجاز صفقة أسرى، وما رافق ذلك من احتجاجات وإضرابات، بالإضافة إلى تأخّر وزير المالية في عرض خطّته لميزانية العام المقبل، والأنباء التي وردت عن مساعي نتنياهو إقالة وزير الدفاع.
وقد دعا منتدى الأعمال، الذي يضم رؤساء نحو 200 شركة ومؤسسة اقتصادية في إسرائيل، إلى التوقف عن اتخاذ قرارات سياسية قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. وأشار بيان المنتدى إلى أنّ إقالة وزير الدفاع في ظلّ الظروف الحالية قد “تضعف إسرائيل في نظر أعدائها وتزيد من الانقسام الداخلي”، وأكّد البيان أنّ: “جميع المؤشرات الاقتصادية تثبت أيضًا أنّ إسرائيل تتدهور نحو الهاوية الاقتصادية وتغرق في ركود عميق، وآخر ما تحتاجه في هذا الوقت هو إقالة وزير دفاعها، حيث سيهزّ ذلك البلاد”.
المصدر: كالكاليست + العربي الجديد