تعريف بسيط لسعر الفائدة
سعر الفائدة هو المبلغ الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية، سواء كانت لفترة قصيرة أو طويلة. يُستخدم هذا السعر كأداة للتحكم في السياسة النقدية للدولة، إذ يؤثر بشكل مباشر على البنوك التجارية ويشكل مؤشرًا لأسعار الفائدة على الإقراض والودائع. من خلال رفع أو خفض سعر الفائدة، يمكن للبنك المركزي التأثير على مستوى السيولة في السوق، حيث يؤدي رفعه إلى تقليل الاقتراض وخفضه إلى زيادة السيولة لتعزيز النشاط الاقتصادي.
تأثير رفع وخفض سعر الفائدة على الاقتصاد
عندما يقوم البنك المركزي برفع سعر الفائدة، فإنه يهدف إلى تقليل السيولة في السوق من خلال تقليل الإقراض. هذا يساعد في السيطرة على التضخم (ارتفاع الأسعار) وتقليل الطلب على السلع والخدمات. بالمقابل، خفض الفائدة يتم عندما تلاحظ الدولة تباطؤًا في النمو الاقتصادي، حيث يتم خفضها تدريجيًا لضخ المزيد من السيولة وتشجيع الاستثمارات والاستهلاك، مما يعزز الإنتاج والنمو.
التأثير العالمي لسعر الفائدة الأمريكي
يوم أمس، قرر الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) خفض معدّل فائدته للمرة الأولى منذ 2020، وذلك بواقع نصف نقطة مئوية (0.5%) بحيث باتت تراوح بين 4.75% و5%، وقد جاء القرار بعد فترة طويلة من تشديد السياسات النقدية منذ مارس 2022 بهدف السيطرة على التخضم.
ولخفض سعر الفائدة الأمريكية تأثير كبير على البنوك المركزية حول العالم، وخاصة في الدول التي تربط عملاتها بالدولار، مثل الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، والكويت، والتي قامت باتخاذ إجراءات مشابهة. وبالإضافة إلى الدول العربية، شهدت بنوك مركزية في دول أخرى مثل البرازيل، تركيا، اليابان، وإنجلترا اجتماعات لمناقشة أسعار الفائدة في ظل هذه التطورات.
من هم الرابحون والخاسرون من خفض الفائدة؟
خفض الفائدة يخلق تأثيرات متباينة على الفاعلين الاقتصاديين. على رأس الرابحين، يأتي المقترضون سواء كانوا أفرادًا، شركات، أو حتى حكومات، حيث تنخفض تكلفة القروض مع انخفاض الفائدة. كما تشهد أسواق الأسهم عادة انتعاشًا، إذ ينقل المستثمرون أموالهم إلى استثمارات أخرى قد تحقق عوائد أعلى.
كذلك يعتبر الذهب من بين الرابحين، حيث يرتفع سعره نتيجة العلاقة العكسية بينه وبين الفائدة. وبالفعل، سجل الذهب ارتفاعًا بنسبة 1% ليصل إلى 2584 دولارًا للأونصة، محققًا ذروة قياسية عند 2599 دولارًا.
النفط أيضًا شهد ارتفاعًا بعد قرار خفض الفائدة، حيث تزايدت التوقعات بزيادة الطلب على السلع والطاقة نتيجة لتحفيز الاقتصاد العالمي بزيادة السيولة النقدية.
من بين القطاعات الرابحة أيضًا، يأتي قطاع الصادرات. خفض الفائدة يؤدي إلى تقليل قيمة العملة المحلية (الدولار في حالتنا الحالية)، ما يجعل الصادرات أكثر تنافسية في الأسواق الدولية. مع انخفاض تكلفة الدولار، تصبح السلع المنتجة في الولايات المتحدة أرخص على المستوردين في الدول الأخرى، الذين سيدفعون قيمتها بالدولار، ما يؤدي إلى زيادة الطلب عليها وتحفيز القطاع التصديري.
كما قد تستفيد الاقتصادات المحلية حول العالم من خفض الفائدة عبر تدفق السيولة النقدية على شكل استثمارات. الأموال التي كانت محفوظة في البنوك ستتدفق إلى الأسواق وتُستثمر في مشاريع جديدة، ما يعزز عجلة الإنتاج، التوظيف، والنمو الاقتصادي.
من جهة أخرى، يأتي القطاع المصرفي في مقدمة الخاسرين، إذ يؤدي خفض الفائدة إلى تراجع العوائد على الودائع، ما يدفع المودعين إلى سحب أموالهم من البنوك والبحث عن استثمارات أخرى أكثر ربحية. وتتضرر البنوك أيضًا من تراجع عوائدها المالية الناتجة عن الإقراض المصرفي، نتيجة تراجع قيمة الفائدة المستحقة على الدفعات الشهرية.
كذلك، تُعدّ الصين مثالًا للدول المتضرّرة من القرار، حيث ستزداد تكلفة شراء اليوان، ما سيؤدي إلى زيادة تكلفة الصادرات الصينية.
أخيرًا، قد يكون ترمب من بين الخاسرين أيضًا، إذ انتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، رغم أنّ ترمب هو من عينه عندما كان رئيسًا، واصفًا قراره بخفض الفائدة “بالمسيّس“.
ترامب أشار إلى أن هذا الخفض الكبير قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية يعكس إما وضعًا اقتصاديًا سيئًا للغاية أو محاولة للتلاعب بالسياسة النقدية لخدمة أغراض انتخابية لمنافسيه.