تشير تقديرات حديثة من مسؤولين اقتصاديين في إسرائيل إلى أن اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، وربما حتى مع إيران، قد يؤدي إلى تخفيضات إضافية وفورية في تصنيف إسرائيل الائتماني. هذه التوقعات جاءت بعد لقاءات عقدها كبار المسؤولين الاقتصاديين في إسرائيل مع خبراء من وكالات التصنيف الائتماني العالمية مثل ستاندرد آند بورز (S&P Global Ratings) وموديز (Moody’s Corporation)، حيث أبدوا قلقًا واضحًا إزاء التصعيد العسكري الجاري والمخاطر الاقتصادية المتزايدة. وتشير التقديرات كذلك إلى أنّه حتّى لو لم يتم توسيع الحرب، فإنّ الوكالات قد تتخذ قرارًا بخفض التصنيف في نوفمبر المقبل بناءً على المعطيات الاقتصادية السائدة.
في تلك الاجتماعات، أعرب خبراء وكالات التصنيف عن قلقهم إزاء استمرار الحرب في قطاع غزة والتوترات على الحدود اللبنانية، إلى جانب الوضع الاقتصادي العام في إسرائيل. وركزت التحليلات على الفجوة الكبيرة في ميزانية الدولة، والاحتمالات بأن التخفيضات المقترحة في الميزانية لن تكون كافية لخفض العجز، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة مخاطر السيولة وارتفاع تكلفة الاقتراض. بالإضافة إلى ذلك، أعربت وكالات التصنيف عن مخاوفها من التكاليف المرتفعة المتوقعة لميزانية الدفاع، والتي قد ترتفع بشكل ملحوظ بسبب الحرب والتوترات الأمنية المستمرة.
واستنادًا إلى ما ورد من تصريحات على لسان مسؤول مالي كبير في إسرائيل، أشار إلى أن خبراء وكالات التصنيف ركزوا بشكل كبير على الانخفاض الحاد في حجم الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، وخاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة “الهايتك”. هذا القطاع الذي كان يُعتبر لفترة طويلة ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، يشهد حاليًا تراجعًا ملحوظًا، مما يثير مخاوف من “هروب رأس المال” من البلاد. ووفقًا للمسؤول، فإن واحدة من القضايا الرئيسية التي طرحتها وكالات التصنيف كانت تتعلق بعدم دمج الحريديم والنساء العربيات بشكل كافٍ في سوق العمل. الخبراء حذروا من أن الاقتصاد الإسرائيلي سيواجه صعوبة بالغة في المستقبل إذا لم يتم دمج هؤلاء المجموعات بشكل أكبر في سوق العمل، مؤكدين أن هذا النقص في القوى العاملة قد يؤثر سلبًا على قدرة الاقتصاد على النمو في المستقبل.
إلى جانب هذه القضايا الاجتماعية والاقتصادية، أبدت وكالات التصنيف مخاوف إضافية تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المتزايد. هذا الوضع يؤدي إلى تحديات إضافية في قدرة إسرائيل على اقتراض المزيد من الأموال بأسعار فائدة معقولة، حيث أصبحت الفائدة على القروض التي تحصل عليها الحكومة مرتفعة للغاية بالفعل.
مسؤول مالي آخر أكد أنّ التصعيد العسكري مع حزب الله، إذا توسّع ليشمل لبنان بأكمله أو حتى إيران، سيؤدي بالتأكيد إلى خفض تصنيف الائتمان السيادي لإسرائيل من قبل وكالات التصنيف خلال أيام قليلة فقط. ووفقًا لهذا المسؤول، فإن احتمال خفض التصنيف يبلغ حاليًا 95% إذا توسعت الحرب. حتى بدون هذا التوسع العسكري، فإن هناك احتمالات كبيرة بأن يتم تخفيض التصنيف في نوفمبر المقبل بناءً على الوضع الاقتصادي المتدهور والتحديات التي تواجهها الحكومة في السيطرة على العجز وتكاليف الدفاع.
تجدر الإشارة إلى أن جميع وكالات التصنيف الثلاث الكبرى، وهي ستاندرد آند بورز، موديز، وفيتش، قد خفضت تصنيف إسرائيل مرة واحدة على الأقل هذا العام. فقد خفضت موديز تصنيف إسرائيل في فبراير الماضي إلى A2، في حين خفضت ستاندرد آند بورز التصنيف إلى A+ في أبريل. وفي خطوة مماثلة، قررت وكالة فيتش أيضًا خفض التصنيف إلى A في أغسطس من هذا العام.
تصنيف الدولة الائتماني مهم جدًا للمستثمرين والدائنين، حيث يُستخدم لتقييم المخاطر المرتبطة بإقراض دولة معينة أو الاستثمار فيها. كلما ارتفع تصنيف الدولة، انخفضت معدلات الفائدة التي يتعين عليها دفعها على القروض، ما يشير إلى أن المخاطر المرتبطة بالاستثمار فيها أقل. على سبيل المثال، المستثمرون الذين يقرضون دولًا مثل الولايات المتحدة يحصلون على معدلات فائدة أقل بكثير مقارنة بدول تعاني من أزمات مالية كبيرة.
زيادة تكلفة الاقتراض ستؤدي إلى تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي، حيث من المتوقع أن ترتفع تكلفة القروض أيضًا بالنسبة للشركات الإسرائيلية، ما سيدفعها إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات لتعويض التكاليف الإضافية. كما أن الحكومة ستواجه ضغوطًا مالية إضافية، ما قد يضطرها إلى تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، وهو ما سيؤثر سلبًا على المواطنين في ميزانية العام المقبل.
المصدر: واينت