الانكماش القادم من الشمال: السيناريوهات المفزعة للحرب مع حزب الله وأثرها على الاقتصاد الإسرائيلي

استندت التوقعات الاقتصادية الرسمية إلى انتهاء الصراع عام 2024. إلا أن التفاؤل بدأ بالتلاشي مع تدحرج كرة النار، ما دفع الاقتصاديين لمراجعة توقعاتهم. أظهرت تحليلات معهد أهارون أن استمرار الحرب حتى عام 2025 سيؤدي إلى زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتّى 75%
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
rockets 1
الضرر الناجم عن إحدى الهجمات الصاروخية (صورة تعبيرية)- المصدر: ويكيميديا

مع استمرار التوترات في المنطقة وتصاعد الأحداث بشكل درامي في الجبهة الشمالية، تتزايد المخاوف بشأن التأثيرات الاقتصادية السلبية طويلة المدى. فقد أظهرت التحليلات الأخيرة التي أجراها معهد أهارون أن استمرار الحرب حتى عام 2025 سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث قد ترتفع النسبة إلى 75%. يدعو خبراء المعهد، إلى اتخاذ خطوات فورية من قبل الحكومة الإسرائيلية وبنك إسرائيل للتخفيف من الآثار السلبية ومنع وقوع أزمة مالية خطيرة.

في السابق، استندت التوقعات الاقتصادية من وزارة المالية وبنك إسرائيل إلى فرضية أن الصراع سينتهي بنهاية عام 2024. إلا أن هذا التفاؤل بدأ بالتلاشي مع تطور الصراع واستمراره، ما دفع الاقتصاديين إلى مراجعة توقعاتهم بشكل جذري. كان معهد أهارون قد توقع في البداية نموًا اقتصاديًا بنسبة 1.5% لعام 2024، ولكن هذا الرقم تم تعديله إلى 0.2% فقط، ما يعكس ركودًا اقتصاديًا وتباطؤًا حادًا. وبالمثل، قام كبير الاقتصاديين في وزارة المالية بتخفيض توقعات النمو إلى 1.1% لعام 2024، وسط توقعات بمزيد من التعديلات من قبل بنك إسرائيل في تقريره القادم.

السيناريوهات الاقتصادية: حرب محدودة مقابل حرب إقليمية

استعرض معهد أهارون سيناريوهين رئيسيين للتأثير الاقتصادي للحرب في حال استمرارها. السيناريو الأول يركز على حرب محدودة تشمل مواجهة عنيفة مع حزب الله لمدة شهر تقريبًا، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات في غزة والضفة الغربية. في هذا السيناريو، سيشهد شمال إسرائيل توقفًا شبه كامل للأنشطة الاقتصادية بسبب الهجمات على البنية التحتية للنقل والطاقة، ما سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 3.1% في عام 2024. إضافة إلى ذلك، سيتسع العجز المالي إلى 9.2% نتيجة لزيادة الإنفاق العسكري.

في عام 2025، قد يتعافى الاقتصاد قليلاً بمعدل نمو يبلغ 1.7%، لكن العجز سيظل مرتفعًا عند 7.8%. وعلى الرغم من هذه الأرقام، فإن الانكماش الحاد في عام 2024 سيؤدي إلى آثار طويلة الأمد على الأداء الاقتصادي الإجمالي.

أما السيناريو الثاني الأكثر تطرفًا، فيتوقع اندلاع حرب إقليمية واسعة تشمل إيران وجبهات أخرى. هذا السيناريو سيشهد حربًا شديدة الحدة تمتد لشهر كامل، مع تزايد الهجمات الصاروخية على أجزاء واسعة من إسرائيل. سيتسبب هذا الصراع في انكماش اقتصادي بنسبة 4.8% في عام 2024، وسيكون النمو في عام 2025 محدودًا جدًا بنسبة 1.5% فقط. وسيصل العجز المالي إلى 11.2% في عام 2024، وإلى 11.3% عام 2025، نتيجة ارتفاع تكاليف الحرب وانخفاض إيرادات الضرائب بسبب تعطيل الأنشطة الاقتصادية.

ومهما كان السيناريو الحاصل، فإنّ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع كثيرًا، وهي إحدى أهمّ المعطيات لقياس استقرار أي اقتصاد. ومن المتوقّع أن تصل هذا النسبة إلى حوالي 67% في عام 2024، وفي سيناريو حرب شاملة قد يصل إلى حوالي 75% في عام 2025.

1024px SoI War 23 10 29 IDF 01 11
التعبئة العسكرية (صورة توضيحية)- المصدر: ويكيميديا

تحديات سوق العمل واستجابة الحكومة

أحد أكبر المخاطر في كلا السيناريوهين هو التأثير المدمر على سوق العمل. توقع معهد أهارون غياب مئات الآلاف من العمال عن وظائفهم نتيجة الصراع المستمر، وهو ما سيزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي. ستتأثر القطاعات غير التكنولوجية بشدة، حيث سيشهد الإنتاج انخفاضًا حادًا. في المقابل، قد يكون قطاع التكنولوجيا العالية (الهايتك) أقل تأثرًا نظرًا لطبيعته الرقمية، ولكن القطاعات الأخرى مثل التجارة والخدمات العامة ستتأثر بشكل كبير.

تشير التوقعات إلى أن الإنتاجية ستنخفض بنسبة 1.6% في عام 2024، ما يعكس تراجعًا مستمرًا في أداء العمالة. خلال أزمة كورونا، تمكنت إسرائيل من الحفاظ على نمو الإنتاجية بفضل الاستثمارات الكبيرة في التكنولوجيا والبنية التحتية. ولكن في ظل الحرب، تعاني الحكومة من قلة الاستثمارات في محركات النمو، مثل التدريب المهني وتحسين البنية التحتية، وهو ما يثير قلق الاقتصاديين.

دعوات لإجراءات حكومية عاجلة

يوصي الخبراء في معهد أهارون من أن الحكومة بحاجة إلى التحرك بسرعة لمنع حدوث أزمة مالية مشابهة لأزمة 2008. يدعون إلى ضرورة اتخاذ خطوات واضحة ومطمئنة تسهم في حماية مدخرات الجمهور واستقرار سوق العملات، إضافة إلى الاستثمار في القطاعات التي يمكن أن تدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

انتقد الباحثون سياسة الحكومة الحالية لعدم تركيزها على مؤشرات النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، أشار خبراء المعهد إلى أنّ الحكومة لم تقم بالاستثمار الكافي في البنية التحتية وتدريب العمال خلال فترة الحرب، ما سيزيد من تحديات التعافي الاقتصادي في المستقبل.

الخلاصة

تواجه إسرائيل تحديات اقتصادية خطيرة نتيجة للحرب المستمرة، والتي قد تستمر حتى عام 2025. تحتاج الحكومة إلى التحرك بسرعة لتقليل الأضرار الاقتصادية وضمان استقرار الأسواق المالية. إن الفشل في اتخاذ خطوات فعالة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وإطالة أمد الركود، ما سيؤثر على الاقتصاد وسوق العمل لسنوات طويلة.

المصدر: داماركر

مقالات مختارة

Skip to content