الصناعات العربية المحلية: محاولات الاستمرار رغم تحديات الحرب

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
D1056 106
عامل عربي في مصنع (صورة توضيحية- لا علاقة للظاهر في الصورة بمادة المقال)، المصدر: مكتب الصحافة الحكومي، تصوير موشيه ميلنر


مع مرور عام  على نشوب الحرب في الجبهتين الجنوبية والشمالية، والتي اثرت بشكل واضح على كافة مناحي الحياة في البلاد، خاصة الناحية الاقتصادية، يواصل اتحاد ارباب الصناعة في البلاد العمل في مختلف الأصعدة من أجل الحفاظ على الإنتاج المحلي في شتى المصانع وذلك منعًا لأي تأخير او نقص قد تعاني منه الأسواق المحلية بدء بالمنتجات الغذائية الأساسية، وسائر المنتجات التي تتطلبها كل عائلة.

ومع اشتداد المواجهة على الحدود الشمالية، سعى فرع الشمال في اتحاد أرباب الصناعة سعى إلى عقد العديد من الجلسات لتقييم الأوضاع، بهدف تذليل كافة العقبات أمام المصانع لتواصل عملها كالمعتاد حفاظًا على خطوط الإنتاج، والتغلب على كافة العوائق الأخرى المرتبطة بتأثيرات الحرب غير المباشرة مثل شح الايدي العاملة بعد منع العمال الفلسطينيين من دخول البلاد، وتباطؤ عملية الاستيراد للمواد الخام من الخارج وعقبات عديدة أخرى.

وأشار د. صبحي بشير، المختص في مجال البيوتكنولوجيا ومؤسس شركة انزيمو كور لإنتاج بدائل الطاقة المتجددة، إلى أنّه “منذ جائحة الكورونا ونحن نعاني من شح في الاستثمارات الأجنبية في الهايتك في البلاد، هذه المشكلة التي تفاقمت شيئًا فشيئًا وزادت بشكل كبير مع اندلاع الحرب الحالية. نتحدث عن توجه عام في الاقتصاد العالمي انعكس تأثيره أيضُا بشكل كبير علينا في البلاد. شركتنا تختص في تطوير التقنيات وليس شركة منتجة لمنتوج معين، لذلك نعتمد بشكل كبير على الاستثمارات من صناديق الاستثمار خارج البلاد”.

وأضاف بشير في هذا السياق أيضا:” هذا التراجع في الاستثمارات أثر بشكل كبير على شركات الهايتك في البلاد وتحديدًا على الشركات العربية التي طالما وجدت صعوبة في إيجاد الاستثمارات والمستثمرين. قد نجد هنا وهناك بعض المستثمرين بمبالغ بسيطة، لا يمكن أن تساهم بشكل حقيقي في عمل الشركة التي تسعى الى تطوير التقنيات، مقارنة مع شركات الهايتك في المجتمع اليهودي التي عادة ما تحصل على استثمارات من قبل مستثمرين بمبالغ حقيقية  وتعتبر منفتحة على استثمارات اجنبية متعددة. من هذا المنطلق وبسبب هذه العوامل كلها، تواجه صناعة الهايتك العربية واقعًا صعبًا بسبب شح الاستثمارات”.

وحول تأثير شح هذه الاستثمارات على الشركة وسائر شركات الهايتك أشار د. بشير:” تقليص هذه الاستثمارات يؤدي الى تقليص أعمال التطوير في الشركات عامة وتقليص الأبحاث والحدّ من توسيع المنتجات وتجنيد أيدي عاملة إضافية تسهم في تطوير الشركة. هناك أهمية كبيرة لشركات الهايتك العربية للتعرف على وجهات جديدة من مستثمرين وصناديق استثمار للتقدم وتوسيع نشاطها”.

أمّا صاحب شركة أي بي بي؛ وليد عبد، الذي يمتلك مصنعًا لإنتاج المعادن التي تدخل في تصنيع المياه يتواجد على الحدود الشمالية، فتحدث عن الأزمة التي يواجهها منذ اندلاع الحرب الحالية وقال:” مصنعي يتواجد في كيبوتس ادميت بالقرب من عرب العرامشة وهي منطقة عسكرية مغلقة. مع اندلاع المواجهة على الحدود الشمالية طُلب مني أن ابحث عن مكان جديد لنقل المصنع أو جزء من نشاطه على الأقل، وكان الخَيار نقله إلى منطقة معالوت. وعليه قمنا بتقديم خطة مفصلة للجيش لنقل المصنع لنحصل على مصادقة لنقله، وذلك بعد جلسة تمت ما بين اتحاد ارباب الصناعة وسلطة الضرائب ووزارة الاقتصاد، على أن تتحمل سلطة الضرائب تكاليف النقل. لكن للأسف بعد ان قدمنا خطة لنقل المصنع، رفضت سلطات الجيش هذه الخطة بادعاء أنّه لا يمكن ادخال الرافعات لنقل المعدات الى تلك المنطقة بسبب الخطورة العالية جراء الحرب“.

Screenshot 2024 10 01 142220

وتابع عبد حديثه حول هذا الواقع وقال:”كان أمامي خياران إمّا أن أبقى في البيت أو أن أُكمل حياتي رغم الصعوبات، لذلك قررت شراء بعض الماكينات والمعدات لنقل الإنتاج الى المقر الجديد الذي استأجرته للمصنع في منطقة معالوت. لم نحصل على أي دعم من سلطة الضرائب التي أشارت إلى أنّها من الممكن أن تتحمل تكاليف نقل المصنع، لكن لن تتحمل تكاليف شراء معدات جديدة. الآن نتحدث عن مصنع يحتوي على 6 مراكز تصنيع بعد أن كُنّا نعمل في السابق من خلال 23 مركز للتصنيع، ما يعبر عن تراجع حقيقي في عمليات الإنتاج وعدد العاملين بسبب الحرب”.

واختتم عبد حديثه مشيرًا إلى أنّ الوضع ما بعد جائحة الكورونا كان له أثر كبير أيضا على تقدم المصنع، خاصة من حيث تقليص الأيدي العاملة والجمود في الأسواق العالمية للمناقصات التي تتعلق بتسويق منتجاتنا وخصوصًا في روسيا وأوكرانيا. اليوم وتحديدًا مع استمرار الحرب، هناك ارتفاع في الطلب، لكن بسبب الظروف التي ذكرتها لا يمكننا توفير هذه الطلبيات بما فيه الكفاية”.

وعن دور اتحاد ارباب الصناعة في التعامل مع هذا الواقع قال عبد بأنّ التواصل مع الاتحاد كان شبه يومي خاصة فيما يتعلق بكافة جوانب القضايا المتعلقة بنقل نشاط المصنع. هذا بالإضافة الى التشاور المستمر مع المهنيين في الاتحاد واقتراح إمكانية تأهيل عمال أجانب لكي يسدوا مكان النقص الحاد في عدد العاملين في المصنع. منذ اليوم الأول نحظى بمرافقة دائمة خاصة فيما يتعلق بالحقوق والتعامل مع القوانين المساعدة والامتيازات التي من الممكن ان نحصل عليها بصفتنا مصنع يواجه حالة استثنائية، إذ إنّنا من ناحية لا يمكننا الذهاب الى مكان المصنع لمواكبة وضعه بسبب الحرب، ومن جهة أخرى لا يمكننا نقله الى مكان أخر بسبب اعلان المنطقة عسكرية مغلقة امام الرافعات.

د. محمد زحالقة| تصوير اتحاد ارباب الصناعة
د. محمد زحالقة| تصوير اتحاد ارباب الصناعة

ومع مرور عام على اندلاع الحرب عقّب د. محمد زحالقة، رئيس لجنة الصناعات العربية في اتحاد ارباب الصناعة، مشيرًا إلى أنّ تأثيرات هذه الحرب ألقت بظلالها على كافة الصناعات في البلاد وبشكل أكبر على الصناعات العربية. وأشار قائلا بأنّه منذ الأيام الأولى من الحرب نعمل على التواصل مع كافة المصنعّين العرب لحصر كافة الاحتياجات خاصة من ناحية توفير الايدي العاملة والتغلب على معيقات الشحن والنقل من والى البلاد. نجتمع بشكل أسبوعي لتقييم الأوضاع وتوفير الحلول والبدائل لتقديمها لأرباب العمل، وذلك حفاظًا على سيرورة الإنتاج، بما في ذلك التواصل مع الجهات الحكومية وكافة الهيئات الأخرى.

ويضيف د.زحالقة: “أود أن أشير هنا الى أن اتحاد ارباب الصناعة يعمل على سد احتياجات أرباب الصناعة في كافة القطاعات الصناعية بما في ذلك، تطوير خطوط الإنتاج وتقديم الاستشارة فيما يتعلق بالحصول على الاستثمارات والمنح المطلوبة للشركات والمصانع. فقط في الأسابيع الأخيرة عملنا على توفير الأماكن المحمية لعدد من المصانع في شمال البلاد، وذلك للاحتفاظ بالأيدي العاملة فيها وحفاظا على حياتهم، هذا بالإضافة الى خطة تسهيلات تم التوصل اليها بالتعاون مع سلطة الاستثمار لتخفيف العبء عن المصانع التي تعمل في الجنوب بما في ذلك تقديم المساعدات المالية للمصانع هناك. أمّا الامر الأهم فهو العمل على تسهيل واستيعاب الايدي العاملة من عمال أجانب في شتى القطاعات الصناعية في ظل عدم سماح دخول العمال الفلسطينيين”.

واختتم د. زحالقة حديثه وقال:” ما من شك ان هذه الحرب واثارها تعتبر تحدي حقيقي امام الصناعات العربية وعليه نحن نتعامل بمحمل الجد مع كل مشكلة تصل الينا. اسعى خلال الأسابيع القريبة على اجراء جولات في شتى المصانع العربية برفقة المهنيين والخبراء في اتحاد ارباب الصناعة للاطلاع عن كثب على الأوضاع وعرض سلة الخدمات المطلوبة التي يوفرها اتحاد ارباب الصناعة لأرباب العمل من امتيازات ومسارات دعم ومساعدة على ضوء الحرب وادعو الجميع للتعاون معنا حفاظا على صناعاتنا العربية المحلية العريقة”.

مقالات مختارة

Skip to content