مع استمرار القصف الإسرائيلي غير المسبوق على لبنان، وجد المواطنون اللبنانيون أنفسهم يبحثون عن طرق بديلة للخروج من البلاد. إذ أصبح استخدام اليخوت إحدى الوسائل القليلة المتبقية للنجاة، في ظل عدم وجود رحلات جوية تغادر البلاد.
محمد بركات، وهو صاحب شركة سياحة، صرح بأن الضغط على شركته لتوفير رحلات خارج لبنان كان “هائلاً، خاصة في الـ 72 ساعة الأخيرة بعد اغتيال نصر الله”. وفقًا للتقديرات الحكومية، فقد بلغ عدد النازحين نحو مليون شخص، حيث تم تحويل المدارس إلى ملاجئ حكومية، لكنها سرعان ما وصلت إلى طاقتها القصوى، ما ترك الآلاف ينامون في الشوارع.
أولئك الذين تمكنوا من استئجار منازل في المناطق “الآمنة” فعلوا ذلك، بينما لجأ آخرون إلى العقارات الفارغة للسكن. بعض العائلات قررت مغادرة لبنان بالكامل عبر الطريق البري إلى سوريا، لكن الوصول إلى الحدود يتطلب المرور بوادي البقاع، الذي يتعرض هو الآخر لقصف إسرائيلي يومي.
بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف استئجار اليخوت، كانت وجهاتهم القريبة هي قبرص وتركيا، اللتان تبعدان حوالي ساعة بالطائرة أو خمس ساعات عبر البحر. إلياس الخوند، مؤسس شركة “أدميرال لليخوت”، أشار إلى أن اليخوت أصبحت من الخيارات القليلة المتاحة قانونيًا للهروب من لبنان.
وأكد الخوند أن اليخوت تغادر المارينا كل ساعة، وتحمل كل واحدة حوالي 10 أشخاص كحد أقصى وفقًا لمتطلبات السلامة. وأضاف: “بين 75 و100 شخص يغادرون المارينا يوميًا. ومنذ أسبوعين، لم تتوقف المكالمات الهاتفية، ونحن نعمل على مدار 24 ساعة. الناس خائفون، والرحلات الجوية متوقفة”.
وتتراوح تكلفة الرحلات إلى قبرص بين 1,500 و2,000 دولار للشخص الواحد، وهو تقريبًا نفس تكلفة رحلة ذهاب وإياب من لبنان إلى الولايات المتحدة.
أما الذين يستقلون هذه الرحلات، فهم يدركون أن هذه الأسعار مرتفعة للغاية بالنسبة للكثير من اللبنانيين، خاصة أن البلاد لم تتعافَ بعد من أزمتها الاقتصادية، التي وصفها البنك الدولي بأنها من أسوأ الأزمات في التاريخ الحديث.
العديد من اللبنانيين النازحين، الذين كانوا في السابق قادرين على تمويل هذه الرحلات، يعيشون الآن في الملاجئ الحكومية والمدارس. أما النقود والذهب التي كان يمتلكها العديد منهم، فقد بقيت مدفونة تحت أنقاض منازلهم التي دمرها القصف.
جوليا، وهي فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا من بيروت، لم تكن متحمسة لخوض تجربتها الأولى في ركوب اليخوت. جوليا ووالديها كانوا يعيشون في منطقة تقطنها أغلبية شيعية تعرضت لعدة ضربات صاروخية من سلاح الجو الإسرائيلي. قررت عائلتها الرحيل خوفًا من أن يمتد القصف إلى وسط بيروت، ويخططون للبقاء في منزلهم في فيينا حتى انتهاء الحرب.
بالنسبة للعديد من الفتيات، قد يكون رحلة على متن يخت يتبعها عطلة أوروبية حلمًا، لكن جوليا قالت إنها تكره ترك بلدها في وقت الأزمة. وأضافت: “عندما تنتهي الحرب، سنعود بالتأكيد. حياتنا كلها هنا”.
في اليوم التالي لرحيل جوليا وعائلتها، قصفت إسرائيل مبنى سكنيًا داخل حدود العاصمة للمرة الأولى منذ بدء الحرب.
المصدر: The National