في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يُتوقع أن تشهد أسعار النفط ارتفاعات كبيرة إذا استمرت الاضطرابات أو اتخذت الولايات المتحدة وإسرائيل إجراءات عسكرية ضد إيران. في الأيام الأخيرة، أثرت التطورات الأمنية بشكل واضح على سوق النفط العالمية، حيث أدت الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل إلى تصاعد أسعار خام برنت بنسبة تجاوزت 5%، ليتداول البرميل فوق 74 دولارًا. لكن هذا الارتفاع قد يكون مجرد بداية إذا تفاقمت الأمور أو تعرضت المنشآت النفطية لهجمات مباشرة.
توقعات عقوبات جديدة وتأثير الهجمات المحتملة على البنية التحتية الإيرانية
تشير تقديرات المحللين إلى أن أسعار النفط قد ترتفع بمقدار 7 دولارات للبرميل إذا قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة السبع فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران. وقد يكون ذلك نتيجة لتعليق الإمدادات الإيرانية أو قيود على صادراتها النفطية. وفي حالة قيام إسرائيل بهجمات مباشرة على البنية التحتية النفطية الإيرانية، قد يرتفع السعر بمقدار 13 دولاراً إضافياً، ما يعني أن البرميل قد يصل إلى مستويات تتجاوز 90 دولاراً.
تأتي هذه التقديرات استناداً إلى تصريحات محللين في شركة “كليرفيو إنرجي بارتنرز” الذين حذروا من أن أي هجوم على المنشآت النفطية أو إغلاق لمضيق هرمز سيكون له تأثير هائل على السوق.
مضيق هرمز: الشريان الأساسي لتجارة النفط العالمية
يُعتبر مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية لنقل النفط على مستوى العالم، حيث تمر من خلاله ملايين براميل النفط يوميًا، أو ما يعادل 30% من الشحنات النفطية. عمق المضيق الضحل يجعله عرضة لهجمات الألغام البحرية، وتقع عليه تهديدات أخرى مصدرها الزوارق التابعة للحرس الثوري، والضربات الصاروخية الإيرانية. وفي حال اندلاع أي صراع مباشر بين إيران وإسرائيل، قد تقوم إيران بإغلاق المضيق أو تعطيل حركة الملاحة فيه، ما سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في إمدادات النفط العالمية.
محللون أشاروا إلى أن إغلاق المضيق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، حيث يتراوح التأثير ما بين 13 إلى 28 دولاراً للبرميل. هذا السيناريو سيؤدي إلى زيادة علاوات المخاطر في السوق، وقد يدفع بالعديد من الدول المستوردة إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة، ما يزيد من الضغط على السوق.
استخدام الاحتياطي الاستراتيجي للنفط
مع استمرار التوترات في المنطقة، قد تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام احتياطيها الاستراتيجي للنفط الذي يبلغ حجمه الحالي 383 مليون برميل. ويُعتبر هذا الاحتياطي جزءاً من استراتيجية الأمن القومي الأميركي لضمان استقرار إمدادات الطاقة في حالة حدوث أزمات عالمية تؤثر على تدفق النفط. وفي حال تصاعد الصراع وارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق، قد تضطر الولايات المتحدة إلى السحب من هذا الاحتياطي لضمان تلبية احتياجاتها الداخلية وتخفيف الضغط على السوق.
صادرات النفط الإيرانية واستمرار التحايل على العقوبات
رغم العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع النفط الإيراني، يواصل الاقتصاد الإيراني اعتماده بشكل أساسيّ على بيع النفط إلى الخارج، خاصة إلى الصين، عبر “أسطول الظل” الذي يُهرّب النفط ويتجاوز القيود. ويُقدر أن إيران باعت حوالي 1.56 مليون برميل يومياً بين يناير ومايو 2024، ما يشير إلى قدرتها على التحايل على العقوبات. يعتمد الأسطول الإيراني على سفن مقنّعة لنقل النفط، ويُعتقد أن جزءًا كبيرًا من هذا النفط يتم تهريبه إلى الصين عبر وسطاء يقومون بخلط الشحنات وتغيير هويتها لتمريرها كنفط من دول أخرى.
وفقاً لتقارير إعلامية، فإن إيران تُقدّم تخفيضات تصل إلى 20% على أسعار النفط لتعويض المشترين عن المخاطر التي قد يواجهونها بسبب العقوبات، ما يجعل النفط الإيراني جذاباً لبعض الدول مثل الصين. هذا التدفق المستمر للنفط الإيراني يُعزّز الإيرادات الحكومية، رغم العقوبات المفروضة، خاصّة في ظلّ التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد الإيراني، وشحّ موارده من العملات الأجنبية.
وأكدت إسرائيل بأنّها ستردّ بلا شكّ على الهجوم الإيراني عليها مساء الثلاثاء، فيما أكّد المسؤولون الإيرانيون أنّ أي استهداف لمنصات النفط والغاز الإيرانية هو خط أحمر لن تتسامح إيران معه، وحذّرت الولايات المتحدة بأنّها قادرة على التسبّب بأزمة اقتصادية عالمية بإغلاقها لمضيق هرمز قبل شهرٍ من الانتخابات الأمريكية.
المصدر: بلومبرغ + وكالات