في ظل الحرب المستمرة، ظهرت العديد من التساؤلات حول إغلاق حقول الغاز الإسرائيلية، لا سيما حقل ليفياثان، ثالث أكبر حقل غاز في إسرائيل. يوم الأحد الماضي، أعلنت شركة “نيوميد إينيرجي”، التي تمتلك 45% من حقل ليفياثان، عن تنفيذ إغلاقات استباقية لإنتاج الغاز من الحقل خلال الأسابيع الماضية. يُعتبر ليفياثان أكبر خزان للغاز الطبيعي قبالة سواحل إسرائيل، وتملك شركتي “راتيو” و”شيفرون” الأمريكية 15% و40% منه على التوالي.
ورغم أهمية الحقل لتصدير الغاز إلى مصر والأردن، لا يُتوقع أن تؤثر هذه الإغلاقات على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير، حيث يتم تصدير معظم الإنتاج إلى الخارج. وفقًا لتقرير الشركات، تم اتخاذ قرار الإغلاق بناءً على تطورات أمنية واعتبارات تشغيلية وفنية، حيث تم إيقاف الإنتاج من حقل ليفياثان لفترات محددة كجزء من إجراءات السلامة.
وفي أكتوبر الماضي، تم إغلاق حقل تمار، ثاني أكبر خزان للغاز في إسرائيل، عند اندلاع الحرب. ووفقًا لتقرير شركة “تمار للبترول”، التي تمتلك 16% من الحقل الذي تديره شركة شيفرون، تم الإغلاق بناءً على توجيه من وزارة الطاقة. ولكن هذا العام، وفيما يخص حقل ليفياثان، لم يصدر أي توجيه من الوزارة بشأن إغلاقه. وقد رفضت وزارة الطاقة الرد على التساؤلات حول ما إذا كانت هي المسؤولة عن إغلاق الحقول أو ما إذا كانت الشركات تتخذ قراراتها بشكل مستقل.
حقول الغاز في إسرائيل وتأثير الإغلاقات
تشمل حقول الغاز العاملة قبالة السواحل الإسرائيلية: ليفياثان، الذي يحتوي على حوالي 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، تمار (300 مليار متر مكعب)، وكاريش (100 مليار متر مكعب). ورغم أن الغاز الطبيعي يساهم في إنتاج حوالي 70% من الكهرباء في إسرائيل، فإن إغلاق أحد هذه الحقول لا يُفترض أن يؤثر بشكل كبير على إمدادات الكهرباء، إذ أن جزءًا كبيرًا من الغاز يتم تخصيصه للتصدير. وفي حالة الطوارئ، يمكن تقليل الصادرات لتلبية الاحتياجات المحلية.
ومع ذلك، خلال الهجوم الصاروخي من إيران الأسبوع الماضي، تم إغلاق منصتي تمار وليفياثان معًا لساعات، وكان خزان كاريش الوحيد الذي يزود إسرائيل بالغاز لإنتاج الكهرباء. وعلى الرغم من عدم الشعور بنقص الكهرباء بسبب انخفاض الطلب في فصل الصيف وقصر مدة الإغلاق، حذر الخبراء من أن الاعتماد على خزان واحد لفترات طويلة قد يشكل تهديدًا لتأمين احتياجات الطاقة.
تهديدات منصات الغاز واستثمارات الحماية
منصات الغاز الإسرائيلية تُعتبر جزءًا حساسًا من البنية التحتية، وتعرضت للتهديدات عدة مرات قبل اندلاع الحرب الحالية. في يوليو 2022، تم اعتراض طائرات مسيرة أطلقها حزب الله باتجاه منصة “شارك”، وهي المنصة الأقرب للحدود اللبنانية. مع بداية الحرب الحالية، زادت هذه التهديدات، ما دفع وزارة الدفاع الإسرائيلية للاستثمار بكثافة في حماية منصات الغاز. ووفقًا لتقارير، تم إنفاق حوالي 3 مليارات شيكل على معدات الحماية، بالإضافة إلى 400 مليون شيكل سنويًا لتشغيل هذه المعدات.
وعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة في الحماية، تم إغلاق حقل تمار في الأيام الأولى من الحرب، خشية من أن تكون الأضرار التي قد تلحق فيه أكبر من الأضرار الناجمة عن إغلاقه.
التكاليف الاقتصادية لإغلاق حقول الغاز
وفقًا لما ذكره تشين هرتزوغ، كبير الاقتصاديين في شركة BDO، فإن إغلاق حقل تمار لشهر واحد فقط كلف الاقتصاد الإسرائيلي 800 مليون شيكل. ورغم أن الإغلاقات اللاحقة كانت أقصر من شهر، فإنها لا تزال تُشكل خسائر اقتصادية كبيرة.
شركة شيفرون تمتلك 40% من ليفياثان و25% من تمار، وتدير كلا الحقلين. أما حقل كاريش، فهو الوحيد الذي لا تُشارك فيه شيفرون، حيث تمتلكه وتديره شركة “إنرجيان”. وقد زادت الانتقادات في الأوساط الإسرائيلية لسيطرة شيفرون على قطاع الغاز في البلاد، خصوصًا مع قرارات الشركة بإغلاق الحقول دون الرجوع إلى وزارة الطاقة.
وبسبب الوضع الأمني أيضًا، أعلنت شركة شيفرون عن تأخير أعمال مدّ خط الأنابيب البحري الثالث من حقل ليفياثان حتى أبريل 2025. وكان من المفترض أن يزيد هذا الخط قدرة نقل الغاز إلى 1.4 مليار قدم مكعب يوميًا.
المصدر: كالكاليست + وكالات