في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي وأزمة قطاع العقارات المحلية، تُشير توقعات حديثة إلى أن الاقتصاد الصيني قد يشهد انكماشًا ملحوظًا بحلول عام 2025. انضم البنك الدولي إلى البنوك الكبرى في تحذيره من تراجع النمو الاقتصادي للصين في العام المقبل إلى 4.3% مقارنة بمعدل نمو متوقع قدره 4.8% لعام 2024. على الرغم من ضخ حزم تحفيز هائلة من قِبل الحكومة الصينية، إلا أن هذه الإجراءات لم تُحقق التأثير المطلوب، ما أدى إلى انخفاض حاد في الأسواق المحلية واستمرار القلق العالمي حول مستقبل الاقتصاد الصيني.
حوافز الحكومة الصينية لم تفِ بالغرض
على الرغم من الحزمة التحفيزية الضخمة التي كشفت عنها الحكومة الصينية مؤخرًا، إلا أن البنك الدولي حذر من استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد عالمي في عام 2025. وفقًا لتقرير البنك الدولي، فإن معدل النمو المتوقع للعام المقبل سيصل إلى 4.3% فقط، وهو معدل أقل بكثير من هدف الحكومة الصينية الذي يبلغ 5%. هذه الأرقام تُعد الأدنى منذ عقود، ما يعزز القلق بشأن استدامة النمو الاقتصادي للصين في ظل التحديات الراهنة.
هذه التوقعات تتماشى أيضًا مع تقديرات العديد من البنوك العالمية. فقد خفض “Bank of America” توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني من 5% إلى 4.8%، في حين خفض بنك “TD Securities” الاستثماري الكندي توقعاته من 5.1% إلى 4.7%. كذلك، أشار خبراء “Bank of America” إلى مشكلات الثقة المستمرة في السوق الصينية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي، خصوصًا في قطاع العقارات.
وفي تقريره نصف السنوي، أشار البنك إلى أن الخطّة الأخيرة التي قدّمها البنك المركزي الصيني مؤخرًا، وتشمل خفض أسعار الفائدة وتقديم حوافز لمشتريي المنازل، قد تُحسّن من النمو على المدى القصير، لكن الحل الحقيقي يكمن في إجراء إصلاحات هيكلية أعمق لزيادة الكفاءة وتحفيز الاقتصاد على المدى الطويل.
تداعيات إقليمية وعالمية
التباطؤ المتوقع في الاقتصاد الصيني لا يُشكل خطراً على الصين وحدها، بل يمتد ليشمل العديد من الاقتصادات المجاورة، مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية وأستراليا، حيث تتوقع البيانات أن يتراجع النمو الاقتصادي في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ إلى 4.4% في 2025 مقارنة بـ 4.8% في 2024.
البنك الدولي أشار أيضاً إلى أن النمو السريع الذي شهدته الصين على مدار العقود الثلاثة الماضية كان بمثابة محرك للاقتصادات المجاورة، لكن هذا التأثير بدأ يتضاءل بشكل ملحوظ.
مستقبل محفوف بالمخاطر
من بين التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني في السنوات المقبلة هو القطاع العقاري المتعثر، حيث تشهد البلاد أزمة كبيرة في هذا المجال الذي كان يعتبر ركيزة أساسية للنمو. أزمة العقارات بالإضافة إلى تضخم الديون والانكماش المالي تزيد من الضغط على الحكومة الصينية. كما أن الأزمة السياسية والتجارية المستمرة مع الولايات المتحدة، وخاصة مع التهديدات بإعادة فرض رسوم جمركية أكبر تحت إدارة ترامب المحتملة، يُشكل تهديدًا إضافيًا لاستقرار الاقتصاد الصيني في المستقبل.
الأسواق العالمية تراقب عن كثب التطورات في الصين، حيث أن أي تباطؤ أو انكماش في ثاني أكبر اقتصاد عالمي سيكون له تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي ككل. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل بأن تقوم الحكومة الصينية بإجراءات أكبر وأكثر جرأة لإنقاذ اقتصادها من الركود المحتمل، سواء عن طريق توسيع الحوافز أو بإجراء إصلاحات هيكلية واسعة لتحسين الثقة في السوق وتحفيز الاستهلاك المحلي.
مقالات ذات صلة: هل الأميركيون مستعدون لحرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين؟