على الرغم من التصريحات المتكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصوص ضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، إلا أن تقارير عديدة، إسرائيلية وأميركية، تؤكد أن مثل هذه الضربة مستبعدة في الوقت الحالي. الأسباب التي تجعل هذا السيناريو غير مرجح تشمل المخاوف من التداعيات الاقتصادية الكارثية، فضلاً عن القيود العسكرية الإسرائيلية التي تجعل من الصعب تدمير تلك المنشآت بشكل كامل دون دعم خارجي.
قدرات إسرائيل العسكرية وحدودها
من المعروف أن إسرائيل تمتلك قدرات عسكرية متقدمة، ولكنها غير كافية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية المنتشرة على مساحات شاسعة داخل إيران، وفقًا لتقارير صادرة عن الصحافة الإسرائيلية مثل صحيفة هآرتس. وتنتشر المنشآت النووية الإيرانية في عدة مواقع جغرافية مختلفة، ما يجعل عملية استهدافها معقدة وتحتاج إلى تنسيق وجهود دولية واسعة النطاق. ورغم أن إسرائيل تعتبر هذه المنشآت تهديداً وجودياً لها، إلا أنها لا تستطيع وحدها القضاء عليها.
في المقابل، تشير بعض التقارير الأميركية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين بدأوا بالتساؤل مؤخراً عن ما إذا كانوا مضطرين لتنفيذ الضربة بأنفسهم، وذلك بعد إدراكهم أن هناك فرصة نادرة ربما لا تتكرر للتعامل مع التهديد الإيراني. ولكن في النهاية، يبدو أن الجانب الإسرائيلي قد اختار تجنب الاستهداف المباشر للمنشآت النووية والنفطية بسبب الخوف من التصعيد.
التحذيرات الأميركية وتنسيق الردود
أفادت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن البيت الأبيض تلقى تطمينات من نتنياهو بأن أي ضربة إسرائيلية محتملة لن تستهدف المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية. حيث أكدت الحكومة الإسرائيلية عزمها الرد عسكرياً، لكنها تدرس خيارات أخرى، بما في ذلك الاغتيالات المستهدفة أو ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية.
الرئيس الأميركي جو بايدن حذر إسرائيل بشكل علني من استهداف المنشآت الإيرانية الحيوية، قائلاً إن أي رد على الهجوم الإيراني يجب أن يكون “متناسباً”. تصريحات بايدن تعكس القلق الأميركي من تداعيات أي هجوم كبير على أسواق الطاقة، ومن توسّع الصراع عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
المخاوف من تأثيرات اقتصادية عالمية
يعد استهداف المنشآت النفطية الإيرانية خطوة محفوفة بالمخاطر، ليس فقط على الاقتصاد الإيراني، بل على الاقتصاد العالمي ككل، وخصوصًا الاقتصاد الأوروبي المتعثّر. وفقاً لتقارير نيويورك تايمز وUSA Today، فإن أي ضربة للقطاع النفطي الإيراني قد تؤدي إلى انقطاع إمدادات النفط وزيادة الأسعار في السوق العالمية. فعندما سرت شائعات عن هجوم إسرائيلي محتمل على قطاع النفط الإيراني، قفزت أسعار النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل خلال أسبوع واحد، ما يعكس مدى حساسية الأسواق تجاه أي تصعيد عسكري في المنطقة.
إلى جانب ذلك، يشكل إغلاق مضيق هرمز – الممر البحري الأساسي لنقل النفط – تهديداً محتملاً لتجارة النفط العالمية. فإيران تمتلك القدرة على تعطيل حركة السفن عبر المضيق، خاصةً مع دعم جماعي الحوثي المدعومة منها والتي تسيطر على أجزاء كبيرة من البحر الأحمر.
المخاطر على منشآت الطاقة الإسرائيلية والإقليمية
استهداف المنشآت الإيرانية لن يكون ضربة باتجاه واحد. فإيران تمتلك إمكانيات للرد بقوة على أي هجوم يستهدف منشآتها النووية أو النفطية، وقد يشمل الرد استهداف منشآت الطاقة الإسرائيلية. وفقاً للخبير كولبي كونيللي من معهد الشرق الأوسط، فإن التصعيد قد يؤدي إلى استهداف مباشر لأصول الطاقة في إسرائيل والدول المجاورة. وفي حال تحول الصراع إلى استهداف للبنية التحتية للطاقة في المنطقة، فإن التداعيات ستكون هائلة، مما يهدد بحدوث أزمة طاقة واسعة قد تضر بسبل عيش الملايين.
يقول كونيللي: “إذا دخل هذا الصراع مرحلة يصبح فيها استهداف أصول الطاقة هو القاعدة، فلن يكون مهماً أين بدأ النزاع، لأن كامل الشرق الأوسط سيصبح ساحة للصراع”.
التلميحات الإيرانية إلى أنّ مصافي النفط الخليجيّة لن تكون آمنة إذا ما استُهدِفَت صناعة النفط لديها، هو تهديدٌ يدعمه على أرض الواقع الهجوم على منشآت النفط السعودية “أرامكو” في عام 2019، الذي أثّر بشكلٍ كبير على إمدادات النفط العالمية وحلّق بالأسعار، والذي أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عنه، في حين أشارت دول العالم بأصابع الاتهام إلى إيران.
بناءً على هذه التحليلات، فإن الحلول البديلة تتضمن ضرب الأهداف العسكرية فقط، دون التورط في صراع أكبر قد يشمل المنشآت النووية والنفطية. وقد وافق بنيامين نتنياهو مؤخرًا على مجموعة من الأهداف الإيرانية التي سيتمّ استهدافها، وتدرس إسرائيل حاليًا كيفية التنسيق مع الولايات المتحدة في أي ضربة محتملة، ومن المتوقّع أن تشمل الضربة اغتيال قادة إيرانيين أو استهداف الدفاعات الجوية الإيرانية.
مقالات ذات صلة: تكلفة الأضرار في الممتلكات بعد ليلة الصواريخ الإيرانية