أزمة قطاع الطيران في إسرائيل: ارتفاع التكاليف وتعطل سلاسل الإمداد يهددان التجارة والصناعة

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

تشهد إسرائيل أزمة متفاقمة في قطاع الطيران، حيث يعاني السوق من ارتفاع غير مسبوق في أسعار تذاكر السفر والشحن الجوي، ما يؤثر بشكل مباشر على التجارة الخارجية والصناعة المحلية. تشير الإحصائيات إلى أن تكلفة الشحن الجوي قد ارتفعت بأكثر من 200% خلال العام الماضي، مع ارتفاع أسعار تذاكر السفر للركاب بنسبة تصل إلى 50%، ما يزيد من الضغوط على القطاع التجاري والصناعي، ويؤدي إلى تأخير تسليم البضائع وفقدان العملاء في الأسواق الخارجية.

الزيادة في تكاليف الشحن تضع عبئًا كبيرًا على الشركات التي تعتمد بشكل رئيسي على المواد الخام المستوردة. الشحن الجوي، الذي يُعتبر وسيلة حيوية لنقل البضائع بسرعة، أصبح الآن باهظ الثمن ونادر التوافر، حيث ارتفعت تكاليف الشحن من نحو 3 يورو (12 شيكل) للكيلوغرام الواحد إلى ما بين 9 و10 يورو (حوالي 37 شيكل)، وهو ما يعادل زيادة بمقدار ثلاثة أضعاف، مما يزيد من تكلفة الإنتاج النهائي ويحد من القدرة التنافسية للشركات الإسرائيلية في السوق العالمية.

cargo plane

تراجع عدد الرحلات الجوية وتفاقم الأزمة

إلى جانب ارتفاع الأسعار، تراجع عدد الرحلات الجوية المتاحة بسبب التوترات الأمنية والإضرابات العمالية في شركات الطيران العالمية. هذه التوترات أدت إلى توقف شركات طيران كبرى عن تسيير رحلاتها إلى إسرائيل، مثل الخطوط الجوية البريطانية ومجموعة “لوفتهانزا” الألمانية، ما ترك فجوة كبيرة في عدد الرحلات الجوية المتاحة للشحن والركاب على حد سواء. وقد انخفض عدد الرحلات الجوية بنحو 40% مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، ما زاد من صعوبة نقل البضائع بسرعة وكفاءة.

مقالات ذات صلة: Wizz Air تلغي جميع رحلاتها إلى إسرائيل حتى عام 2025… وهذه تحديثات باقي شركات الطيران

وفقًا للتقارير، فإن الشحن الجوي الذي كان يستغرق من 2 إلى 3 أيام فقط، بات الآن يستغرق أسابيع عديدة بسبب قلة الرحلات وتأخرها. العديد من الشركات الصناعية تعتمد على الشحن الجوي لتلبية الطلبات العاجلة من الأسواق الدولية، وبهذا التعطيل تواجه تلك الشركات خطر فقدان عقود كبيرة والعملاء الذين يعتمدون على التسليم الفوري للبضائع.

الشركات المحلية تواجه تحديات هائلة: حلول محدودة وتكاليف متصاعدة

الشركات الإسرائيلية التي تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات تواجه تحديات ضخمة نتيجة لهذه الأزمة. على سبيل المثال، ذكرت شركة “باز” للصناعات الجوية، التي تُعد من الموردين الرئيسيين لشركات عالمية مثل “بوينغ”، أن تأمين المواد الخام أصبح أصعب من أي وقت مضى. إيتان كوهين، المدير العام للشركة، أكد أنهم اضطروا إلى زيادة مخزونهم من المواد الخام لتجنب تعطل الإنتاج، ولكن هذا الإجراء جاء بتكلفة عالية تمثلت في زيادة تكاليف التمويل والتخزين، ما أثر على الربحية النهائية للشركة.

مقالات ذات صلة: كيف ينجح التُجّار العرب في مواصلة الاستيراد من تركيا برغم المقاطعة؟

كما أشار كوهين إلى أن بعض الشركات قد بدأت بالنظر إلى حلول بديلة مثل الشحن البحري، رغم أن هذا النوع من الشحن يستغرق وقتًا أطول ويتطلب تخطيطًا مسبقًا قد لا يكون متاحًا في بعض الحالات التي تحتاج إلى استجابة سريعة. لكن حتى الشحن البحري يواجه تحديات بسبب الأزمة العالمية في موانئ الشحن والتأخير في تسليم الحاويات.

تأثيرات مالية واقتصادية واسعة النطاق

من الناحية المالية، تعتبر أزمة الطيران تحديًا كبيرًا للشركات الإسرائيلية، حيث يؤدي ارتفاع تكاليف الشحن إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية. وتُظهر الإحصائيات أن الشركات دفعت أكثر من 30% إضافية على الشحن مقارنة بالعام الماضي، مما يضع الشركات تحت ضغط مالي كبير. على سبيل المثال، رفعت شركة “شالنج إيرلاينز” الإسرائيلية للشحن الجوي (كال سابقًا) أسعارها بنسبة 30% مؤخرًا، ما زاد من التكاليف التي تتحملها الشركات ويتحملها في النهاية المستهلكون.

حيث من المتوقع أن تؤدي زيادة تكاليف الشحن إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية. البضائع المستوردة، مثل الإلكترونيات والأدوات المنزلية، تشهد زيادة في الأسعار تصل إلى 20%، ما يزيد من الأعباء على المستهلكين ويؤدي إلى تقليص قدرتهم الشرائية.

Screenshot 2024 10 21 133408
طائرة تابعة لخطوط شالنج- المصدر: ويكيميديا

كما أن الأزمة تؤثر على التجارة مع الأسواق الدولية، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تواجه الشركات صعوبة في تصدير المنتجات إلى تلك الأسواق بسبب تأخر الشحن وارتفاع تكاليفه. في هذا السياق، أشارت تقارير إلى أن الصادرات الإسرائيلية تراجعت بنسبة 15% خلال النصف الأول من العام الجاري، ما يعكس التأثير السلبي المباشر للأزمة على الاقتصاد الكلي.

التأثيرات المالية لا تقتصر فقط على الشحن، بل تشمل أيضًا أسعار تذاكر الركاب التي شهدت هي الأخرى زيادة ملحوظة. أظهرت بيانات حديثة أن أسعار تذاكر الطيران الدولية من إسرائيل وإليها ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30% و50%، حيث بلغت تكلفة تذكرة السفر إلى أوروبا، التي كانت تتراوح بين 400 و600 دولار، الآن ما بين 600 و900 دولار. في حين أن الرحلات إلى الولايات المتحدة، التي كانت تتراوح أسعارها بين 800 و1200 دولار، أصبحت الآن تتجاوز 1500 دولار للرحلة الواحدة.

مقالات ذات صلة: ارتفاع جنوني في أسعار تذاكر الطيران… كيف كانت مصائب الحرب فوائد لشركات الطيران الإسرائيلية؟

مستقبل القطاع والحلول المقترحة

في ظل هذه الأوضاع، دعت العديد من الشركات الحكومة الإسرائيلية إلى التدخل واتخاذ تدابير فورية للتخفيف من حدة الأزمة. من بين الحلول المقترحة، إنشاء مراكز شحن إقليمية مؤقتة في الدول المجاورة لتخفيف الضغط على المطارات الإسرائيلية، وتخصيص بعض الرحلات الجوية للشحن فقط بدلًا من نقل الركاب.

ورغم أن شركات الطيران المحلية مثل ال-عال وأركيع لا تزال تعمل، إلا أن الطاقة التشغيلية المتاحة لها لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد على الشحن الجوي، وهو ما يتطلب إجراءات أكثر جرأة للتغلب على الأزمة.

ختامًا، إذا استمرت هذه الأزمة دون حل، فقد يتعرض قطاع الطيران الإسرائيلي لمزيد من التراجع، مع آثار سلبية واسعة على الاقتصاد الوطني، والصناعة المحلية، والتجارة الخارجية. ومع استمرار ارتفاع التكاليف، ستزداد التحديات أمام الشركات الإسرائيلية، التي قد تجد نفسها مضطرة للبحث عن أسواق بديلة أو التحول إلى خيارات أخرى للشحن رغم تكاليفها المتزايدة.

المصدر: واينت

مقالات مختارة

Skip to content