تواجه إسرائيل أزمة جديدة بعد الحاجة لفتح ميزانية 2024 للمرة الرابعة على التوالي، وهي خطوة نادرة تعكس حجم الفشل الإداري وعدم القدرة على التخطيط المالي السليم، خاصة في ظل الحرب الجارية وتأجيل وصول المساعدات المالية الأمريكية. الخبراء في وزارة المالية حذروا من تداعيات تعديل الميزانية الذي تمّ الشهر الماضي، لكن يبدو أن تجاهل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لهذه التحذيرات سيكلف الاقتصاد الإسرائيلي غاليًا.
فتح الميزانية للمرة الرابعة: تواريخ وأسباب
بدأ مسلسل ميزانية 2024 في مايو 2023، حيث تم إقرار النسخة الأولى منها. ولكن مع اندلاع الحرب، تم تعديل الميزانية في فبراير 2024 لتلبية الاحتياجات العسكرية الجديدة. ثم في سبتمبر 2024، تم فتح الميزانية مرة أخرى ليتم تعديلها بزيادة بلغت نحو 3.5 مليار شيكل. واليوم، تُجهز وزارة المالية لفتح الميزانية للمرة الرابعة، حيث من المتوقع أن تتضمن زيادة كبيرة تصل إلى أكثر من 18 مليار شيكل.
في العادة، لا يتم تغيير الإطار العام للميزانية خلال السنة المالية، إذ يمكن تحويل الأموال بين القطاعات المختلفة، مثل تحويل ميزانيات من التعليم إلى الرعاية الاجتماعية، أو من مكافحة الجريمة إلى مكافحة المخدرات. ومع ذلك، تغيير الإطار الكامل للميزانية يُعد خطوة استثنائية للغاية في الدول الحديثة. وهذا ما يجعل فتح الميزانية المتكرر في إسرائيل حدثاً غير معتاد ويشير إلى اضطراب إداري.
الحرب الحالية فرضت ضغوطًا مالية كبيرة على الدولة. عادةً، يتم تحديد الميزانية لتكون أداة تُستخدم في التحكم في نفقات الحكومة خلال العام المقبل. لكن في بعض الحالات، مثل الحرب، تصبح المصروفات الفعلية هي التي تتحكم في الميزانية. استمرار الحرب وتوسّعها قلبا كل التوقعات المتفائلة من وزارة المالية، مثل عودة من تمّ إخلاؤهم إلى منازلهم بحلول سبتمبر 2024.
تأجيل المساعدات الأمريكية وزيادة العجز
أحد الأسباب الرئيسية لفتح الميزانية مجددًا هو تأجيل وصول المساعدات الأمريكية التي كان يُفترض أن تصل خلال عام 2024. هذا التأجيل، بالإضافة إلى مطالب وزارة الدفاع بزيادة الإنفاق العسكري، تسبب في خلق فجوة كبيرة في الميزانية. ونتيجة لذلك، تتوقع وزارة المالية أن يقترب العجز المالي من 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وكان بنك إسرائيل قد قدّر أن العجز سيصل إلى 7.2% بدون أخذ التعديلات الجديدة في الاعتبار.
هذا التأجيل ألقى بظلاله على التخطيط المالي لإسرائيل، حيث تعكس الصورة العامة أن البلاد تُدار بشكل غير مدروس تحت تأثير الحرب، وأن التوقعات التي وضعتها الحكومة حول تكلفة الحرب ومدتها كانت متفائلة للغاية. الأسواق المالية قد تُظهر بعض التفهم لهذا الوضع الاستثنائي، لكنها أيضًا تعي أن فتح الميزانية المتكرر يعكس اضطرابًا إداريًا ويكشف عن فشل في التنبؤ الصحيح بالتكاليف المستقبلية.
تجاهل التحذيرات والخسائر المحتملة
المسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية، يوغيف غردوس، كان قد اقترح تأجيل فتح الميزانية في سبتمبر الماضي وبدلاً من ذلك محاولة إقناع الولايات المتحدة بتقديم المساعدات المالية لعام 2024. هذا الاقتراح تم تجاهله من قبل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قرر المضي قدمًا في فتح الميزانية في ذلك الوقت. والآن، يتحمل سموتريتش والحكومة مسؤولية الفشل الناجم عن ذلك، وهو ما سيُحمّل ميزانية الدولة تكاليف إضافية غير مبرمجة.
بشكل مفاجئ، قد يستفيد وزير المالية سموتريتش من تأجيل المساعدات الأمريكية إلى عام 2025. الميزانية التي تم إقرارها لعام 2024 بُنيت على افتراض وصول الأموال الأمريكية، وقد تم تحديد سقف العجز المالي على أساس هذا الافتراض عند 6.6%. ولكن مع عدم وصول المساعدات هذا العام، سيكون من الضروري زيادة العجز في 2024. بالمقابل، تأجيل المساعدات لعام 2025 سيخفف من الضغط على ميزانية العام المقبل، حيث ستكون هناك أموال إضافية تُقدر بحوالي 18 مليار شيكل.
يهدف سموتريتش إلى خفض العجز إلى 4% في عام 2025، وتأجيل وصول المساعدات الأمريكية سيساعده في تحقيق هذا الهدف. ولكن، لو وصلت هذه الأموال في 2024 كما كان مخططًا، لكان سموتريتش مضطرًا لاتخاذ إجراءات تقشفية أكبر في 2025 لخفض العجز.
المصدر: كالكاليست