أظهرت إحصاءات حديثة أن نسبة كبيرة من طلاب الجامعات الذين يخدمون في الاحتياط يدرسون تخصصات حيوية لسوق العمل، مثل الهندسة وعلوم الحاسوب، بالإضافة إلى الطب والقانون. يعكس هذا تزايد القلق حول تأثير تمديد الخدمة الاحتياطية على الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل. يقول الخبراء: “سيؤدي ذلك إلى إطالة مدة الدراسة، ما قد يقلل من أعداد الملتحقين بسوق العمل في المستقبل”.
“ي” (اسم مستعار) طالب في علوم الحاسوب في إحدى الجامعات الإسرائيلية. هذا الشهر، يبدأ عامه الدراسي الثاني بعد أن قضى أكثر من نصف عامه الأول في الخدمة الاحتياطية، إذ أمضى حوالي 150 يومًا من الخدمة على فترات متقطعة. يقول: “أدرك أنني سأحتاج لوقت أطول لإتمام دراستي بسبب الخدمة الاحتياطية، وربما يمتد ذلك إلى فصل دراسي إضافي أو حتى سنة كاملة”.
ورغم محاولاته للتوفيق بين دراسته وخدمته، يشير “ي” إلى أن هذه التحديات قد تؤثر سلبًا على معدله التراكمي وقدرته على الحصول على فرص عمل مستقبلاً في قطاع التقنية العالية. ويضيف: “أخشى أن تتجاهل الشركات خدمتي الاحتياطية وتضع معايير مثل المعدل التراكمي عند اختيارها للسير الذاتية، ما قد يعقد مساري المهني”.
إحصاءات مقلقة لطلاب الاحتياط في تخصصات التقنية العالية
بالتعاون مع عدد من المؤسسات الأكاديمية ولجنة رؤساء الجامعات، كشفت دراسة أجرتها صحيفة دا ماركر أن أعلى نسبة من الطلاب الذين يخدمون في الاحتياط هم في مجالات الهندسة وعلوم الحاسوب؛ حيث تصل هذه النسبة إلى 40٪ من الطلاب في هذه المجالات، وتبلغ نسبة الموظفين في قطاع الهايتك ممن يخدمون في الاحتياط حوالي 20%، وتعتبر هذه النسبة الأعلى مقارنة بباقي القطاعات في سوق العمل.
على سبيل المثال، في الجامعة العبرية، يخدم حوالي 42٪ من طلاب الهندسة وعلوم الحاسوب في الاحتياط. وفي جامعة بن غوريون، تصل النسبة إلى 40٪، وفي جامعة أريئيل إلى 47٪. أما في جامعة بار إيلان، فالنسبة هي 37٪، وفي الجامعة المفتوحة، تصل النسبة إلى 23٪ في قسم علوم الحاسوب.
كذلك، هناك معدلات مرتفعة للطلاب الذين يخدمون في الاحتياط في كليات الطب؛ حيث أن نصف طلاب الطب في الجامعة العبرية يخدمون في الاحتياط، وتصل النسبة إلى 30٪ في بار إيلان و26٪ في جامعة أريئيل.
تحديات “مشكلة المبتدئين” في سوق العمل
تُقدّر الأعداد الإجمالية لطلاب الاحتياط بحوالي 50,000 طالب، ما يشير إلى تأخير محتمل في تخرجهم وانضمامهم لسوق العمل، وهذا يثير القلق بشأن تأثيره على الاقتصاد وسوق العمل خلال السنوات المقبلة.
ورغم التسهيلات التي تقدمها الجامعات الإسرائيلية بالتعاون مع الجيش مثل إعفاءات من الدروس وحساب درجات النجاح دون اختبارات نهائية، إلا أن بعض الخبراء يرون أن هذه التسهيلات قد تؤثر سلبًا على جودة التعليم والمعرفة المكتسبة. يقول ديدي بيرلموتر، الذي ترأس لجنة لزيادة رأس المال البشري في قطاع الهايتك: “تمديد مدة الدراسة سيقلل من أعداد المنضمين لسوق العمل في السنوات القادمة، وهذا لا يبشر بالخير”.
الاحتياجات العسكرية والحلول الاقتصادية
على المدى الطويل، قد يؤثر توسيع الخدمة الاحتياطية -وخاصة إذا تم توجيه عبء الخدمة نحو نفس الفئات التي يعتمد عليها الاقتصاد- على الناتج المحلي الإجمالي، والصادرات، وإيرادات الدولة الضريبية، وهو ما يؤكّد الحاجة إلى تجنيد الحريديم في الجيش لتقليل مدة الخدمة العسكرية، وتخفيف الضغط على طلاب وموظفي القطاعات الحيوية في الاقتصاد الإسرائيلي.
يؤكد البروفيسور دان بن دافيد، أستاذ الاقتصاد في جامعة تل أبيب ورئيس معهد “شورش” للأبحاث الاقتصادية، أن هذه الإحصاءات تدل على تداخل بين الاحتياجات العسكرية وسوق العمل.
ويضيف بن دافيد: “ليس كافيًا تجنيد الحريديم، بل يجب تقديم تعليم مناسب ليتمكنوا من المساهمة في قطاع التقنية العالية. نحن بحاجة إلى هؤلاء الأفراد في الجيش وفي الاقتصاد بنفس القدر”.
مقالات ذات صلة: زيادة كبيرة في عدد وظائف الهايتك في البلاد يرافقها انخفاض في الأجور