عدم اليقين وتقلب الأسواق

من المتوقع أن يؤدي فوز ترمب إلى عدم يقين كبير وتقلبات في الأسواق العالمية، وذلك بسبب عدم التنبؤ بتصرفاته. على عكس كامالا هاريس التي يُرجح أنها ستستمر في سياسات بايدن الاقتصادية والخارجية، قد تؤدي عودة ترمب إلى السلطة إلى اضطراب الأسواق. لقد سبق لترمب أن أثار الجدل بقرارات وتصريحات غير متوقعة، حيث كان يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير مباشرة على الأصول المالية.

على سبيل المثال، عندما أشار في عام 2017 إلى أن ديون بورتوريكو قد تُلغى بعد الإعصار الذي ضربها، انخفضت قيمة سنداتها بشدة، وكلّ حديثٍ له عن الجدار الحدودي مع المكسيك كان يهوي بقيمة البيزو. وعندما هدد بفرض جمارك على استيراد الصلب والألمونيوم من تركيا، تراجعت قيمة الليرة. ولم تسلم من تصريحاته حتّى شركة أمازون الأمريكية، التي عبث بأسهمها كلما هاجمها.

التأثير على التجارة العالمية

لا تزال ذكرى الحروب التجارية التي شنها ترمب سابقًا حاضرة في الأذهان، وهناك مخاوف من أن “ترمب 2.0” قد يكون أكثر تشددًا، وأن الجدران لن تبنى فقط على الحدود المكسيكية، بل مع بقية دول العالم حتى الحليفة منها. اقترح ترمب فرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على السلع الصينية و10% على الواردات من دول أخرى. قد تؤدي هذه الرسوم إلى إلحاق الضرر بسلاسل التوريد العالمية وإثارة ردود فعل انتقامية، ما يسبب ارتفاعًا في الأسعار على مستوى العالم.

ويحذر صندوق النقد الدولي من أن التعريفات الجمركية الطويلة الأمد والقيود التجارية ستؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7%، وهو ما يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي السنوي لكل من ألمانيا واليابان مجتمعين، أي حوالي 7 تريليون دولار.

التضخم وقوة الدولار

ركزت حملة ترمب على التضخم، وهو مصدر قلق كبير لكثير من الأمريكيين. على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي نجح في خفض التضخم من 9% في 2022 إلى حوالي 2% دون التسبب في ركود، يحذر بعض الحائزين على جائزة نوبل من أن سياسات ترمب قد تؤدي إلى إعادة إشعال التضخم.

مقالات ذات صلة: 23 من الفائزين بجائزة نوبل للاقتصاد يدعمون هاريس ويحذّرون من المخاطر الاقتصادية لفوز ترمب

حيث إن خططه لرفع التعريفات الجمركية قد تزيد من أسعار السلع التي يدفعها المستهلكون، في حين قد تؤدي تخفيضاته الضريبية المقترحة إلى زيادة العجز وقد تستلزم رفع معدلات الفائدة، ما سيزيد من قوة الدولار. ويمكن أن تجعل قوة الدولار الصادرات الأمريكية أكثر تكلفة وتزيد من عبء القروض بالدولار في الأسواق الناشئة.

سياسة الطاقة وأسعار النفط

من المتوقع أن يتأثر قطاع الطاقة بشكل كبير. لقد وعد ترمب بتخفيض تكاليف الطاقة في الولايات المتحدة من خلال تعزيز الوقود الأحفوري وتخفيف القيود على صناعات النفط والغاز. قد تؤدي هذه السياسة إلى خفض أسعار الطاقة المحلية على المدى القصير، لكنها قد تعيق الجهود العالمية للتحول إلى الطاقة المتجددة، ما يؤدي إلى فائض في إمدادات النفط في الأسواق العالمية.

أزمة المناخ

قد يعيق فوز ترمب التحول إلى الطاقة المتجددة ويزيد من حدة أزمة المناخ. لقد تعهد ترمب بإلغاء قانون خفض التضخم، وهو قانون رئيسي يركز على المناخ ويوفر مليارات الدولارات لدعم السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وتقنيات الطاقة النظيفة.موقف ترمب من المناخ معروف؛ فقد جعل الولايات المتحدة تنسحب سابقًا من اتفاقية باريس، وتعهد بالقيام بذلك مجددًا إذا انتُخب، وهو ما سيزيد من الانبعاثات الكربونية، التي تتسبب بدورها في تقلبات مناخية (كالتصحر، والفيضانات) تهدد الملايين من سكان المجتمعات فالفقيرة في دول الجنوب العالمي.

إضعاف المؤسسات الدولية

خلال فترته الرئاسية السابقة، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقيات تجارية رئيسية وقوض ترمب منظمات دولية مثل منظمة التجارة العالمية.تتضمن حملته الانتخابية الحالية خططاً أكثر تطرفاً للتعاون الدولي، بما في ذلك إمكانية الانسحاب من منظمة التجارة العالمية وحتى حلف الناتو، ما قد يزعزع النظام  السياسي والاقتصادي العالمي.

خطر استقلالية الاحتياطي الفيدرالي

يشعر الاقتصاديون بالقلق من رغبة ترمب في التأثير على سياسات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي). فعلى الرغم من أن الفيدرالي يجب أن يكون مستقلاً، إلا أن ترمب أعرب سابقاً عن استيائه من رئيس الفيدرالي جيروم باول، بل وهدد بعزله. أي تدخل في استقلالية الفيدرالي سيؤدي إلى اضطراب في سوق السندات ويؤثر على استقرار الدولار.

مقالات ذات صلة: النسر ضدّ التنّين… هذا ما سيفعله ترمب بالاقتصاد الصيني إذا فاز بالانتخابات الرئاسية