تعاني صناعة الطيران في إسرائيل من أزمة متزايدة، حيث تستمر شركات الطيران الأجنبية بإلغاء رحلاتها من وإلى البلاد بسبب الوضع الأمني المتدهور وغياب الإعفاءات التشريعية اللازمة. في رسالة شديدة اللهجة أرسلتها 20 شركة طيران أجنبية إلى لجنة الاقتصاد، حذرت الشركات من أنها لن تستأنف رحلاتها إلى إسرائيل ما لم يتم تعديل القانون المتعلق بتعويضات إلغاء وتأخير الرحلات (قانون خدمات الطيران) لتخفيف تعرضها للمطالبات والتعويضات المالية الباهظة.
تتضمن قائمة الشركات التي أوقفت رحلاتها إلى إسرائيل كبرى شركات الطيران العالمية مثل “أمريكان إيرلاينز” الأمريكية، وطيران إيجه اليونانية، ومجموعة “لوفتهانزا” الألمانية، حيث قررت هذه الشركات عدم استئناف رحلاتها حتى إشعار آخر. وفي خطوة مماثلة، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية “إير فرانس” عن تمديد إيقاف رحلاتها حتى 12 نوفمبر، بينما قررت “أمريكان إيرلاينز” تعليق رحلاتها حتى سبتمبر 2025.
توقفت العديد من شركات الطيران الأجنبية عن العمل بسبب الأوضاع الأمنية، لكن مشكلتها الرئيسية تكمن في القوانين الحالية، حيث ترى شركات الطيران الأجنبية أن الزامها بتعويض المسافرين عن تأخير أو إلغاء الرحلات، لا يتناسب مع فترات الطوارئ الطويلة التي تعيشها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023. يُلزم القانون الحالي شركات الطيران بتقديم تعويضات للمسافرين، بالإضافة إلى توفير إقامة فندقية بديلة في حال الإلغاء، وهي تكاليف مرهقة خصوصًا بالنسبة لشركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة مثل “ويز إير”، و”ريان إير”، و”إيزي جت” التي تواجه صعوبة في تغطية تكاليف التعويضات المرتفعة.
تقترح سلطة الطيران المدني الإسرائيلية إجراء تعديل في القانون ليشمل آلية تتناسب مع فترات الطوارئ الطويلة. ويتضمن هذا التعديل مقترحات لتخفيف إلزام الشركات بتقديم تعويضات عن الإلغاء المرتبط بالظروف الطارئة، ومنح وزير المواصلات الصلاحية لتحديد عدد أيام المبيت التي تلتزم بها شركات الطيران في حالة الإلغاء، بشرط أن تشمل على الأقل ليلتين.
لكن شركات الطيران الأجنبية ترى أن هذه التعديلات غير كافية، ولا تتناسب مع حالة الطوارئ، حيث تطالب بأن يسري الإعفاء من التعويض عن رحلة ملغاة، والذي ينطبق حاليًا على الأسابيع الأولى للحرب وحتى نهاية فبراير، بأثر رجعي منذ بداية الحرب وحتى نهايتها. ووفقًا لهم، تسري أوضاع الحرب لفترة طويلة بعد فبراير 2024.
وكما ذكرنا سابقًا، تتعلق المشكلة الرئيسية التي تواجهها شركات الطيران الأجنبية باسترداد الأموال أو توفير رحلة بديلة للركاب، وهو جانب لم يشمله التعديل المقترح على القانون. إذ إن المعروض من الرحلات الجوية يكاد يكون معدومًا، وغالبًا ما تجد شركات الطيران صعوبة في إيجاد وترتيب رحلة بديلة لركاب أُلغيت رحلاتهم، خاصة إذا توقفت الشركة عن تسيير رحلاتها إلى إسرائيل.
إضافةً إلى ذلك، يقوم بعض المسافرين بحجز رحلات بديلة بأنفسهم بتكلفة أعلى بكثير من السعر الأصلي. وفي ظل غياب المنافسة في إسرائيل، ظهر وضع يتيح للراكب الذي دفع 300 دولار مقابل تذكرة أن يطالب بتعويض يصل لآلاف الدولارات عن تذكرة بديلة. وتدّعي شركات الطيران الأجنبية أن هذا الوضع يشكّل خسارة غير ممكنة التحمّل بالنسبة لها. كما تشير الشركات إلى أنه، كما هو الحال مع الرحلات البديلة، فقد واجهت حالات حيث أقام الركاب في فنادق باهظة التكلفة وطالبوا بتعويض كامل عن الإقامة.
تشدد الشركات أيضًا على ضرورة دعم الدولة لشركات الطيران الأجنبية من ناحية التأمين كما تدعم شركات الطيران الإسرائيلية. وفي غياب المنافسة من شركات الطيران الأجنبية، بات المواطن مضطرًا لدفع أسعار عالية لشراء تذاكر الطيران من شركات الطيران الإسرائيلية التي تحتكر الأجواء تقريباً.
مقالات ذات صلة: بعد تعليق العديد من خطوط الطيران الدولية رحلاتها… الـ-عال تحتكر الأجواء بين أميركا وإسرائيل